دخلت شركة "فيسبوك" عام 2017 أقوى من السابق، لكن سمعتها تدهورت خلال العام. خلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، أغرق المتصيدون الروس على شبكة الإنترنت الموقع بالأخبار الزائفة والدعايات التي أججت الانقسامات الداخلية في البلاد. وقضت "فيسبوك" العام محاولة إعادة كسب ثقة الرأي العام، وحققت نتائج متفاوتة.
الاعتذارات
قضت الشركة عام 2017 في الاعتذار. اعتذرت عن السماح للروس بشراء الإعلانات خلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
اعتذرت بعد اعتقال شاب فلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي، بعد منشور كتب فيه "يصبحهم"، وترجمها "فيسبوك" بالعبرية إلى "هاجموهم".
وجهت اعتذاراً إلى إحدى المستخدمات من ذوات البشرة السوداء، بعدما حظرت حسابها على الموقع، لنشرها لقطات مصورة عن تهديدات عنصرية.
اعتذرت من "مجتمع الميم" (المثليات والمثليون والمتحولون والمتحولات وثنائيو الجنس) بعدما أقدمت على تعليق حساباتهم، على خلفية رسائل نشروها خلال إحدى تحركاتهم.
ومنذ سبتمبر/أيلول عام 2016، أقرّت الشركة، في 12 مناسبة مختلفة، بأنها أخطأت في تقدير مقاييس متنوعة قُدمت إلى المعلنين والناشرين. وخلال إحدى المناسبات الدينية اليهودية، اعتذر الرئيس التنفيذي، مارك زوكربيرغ، عن "الطريقة التي ساهم عبرها عملها في تفريق الناس عوضاً عن جمعهم".
الندم
كما واجهت الشركة في 2017 هجوماً من موظفين ومسؤولين سابقين فيها عبروا عن ندمهم على العمل في "فيسبوك".
جاستن روزنستاين الذي ساعد في تطوير زر "الإعجاب" على الموقع اشتكى من تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية. والشهر الماضي، عبر الرئيس الأول للشركة، شون باركر، عن مخاوفه قائلاً "وحده الله يعلم تأثيرها على عقول أطفالنا".
تشاماث باليهابيتيا الذي كان عمل كنائب رئيس مكلف بالنمو في "فيسبوك"، صرّح أنه "على المدى القصير، الدوبامين الذي يحرك ردود أفعال الحلقات التي أنشأناها تدمر كيفية عمل المجتمع. لا خطاب متمدناً، لا تعاون، فقط تضليل وفقدان ثقة".
الشركة ردت على هذه الانتقادات معترفة أن الاستخدام غير الواعي لمواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى نتائج سلبية، ونصحت المستخدمين فقط بتغيير أسلوب مشاركتهم على هذه المنصات.
التعاون مع الاحتلال والتعتيم على مأساة الروهينغا
تستمر إدارة "فيسبوك" في تطبيق سياستها المتمثلة بالتضييق على المحتوى الفلسطيني المنشور على هذه المنصات، عبر حذف عشرات الصفحات والحسابات لناشطين فلسطينيين من دون سابق إنذار، بذريعة "التحريض"، في تماهٍ مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي ومباركته، علماً أن حكومة الاحتلال صادقت، العام الماضي، على قانون "فيسبوك"، يسمح لها بحذف "المنشورات الداعية إلى التحريض" بقرار من المحكمة الإسرائيلية. كما اعتقلت مئات الفلسطينيين بناءً على الحجة نفسها.
أما في ميانمار، فقد واظب الموقع على حذف منشورات، وتعليق حسابات، توثق المجازر التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا في إقليم راخين، مما طرح مزيداً من الشكوك حول دور الموقع في التستر على جرائم الجيش البورمي.
وأكدت الباحثة في "منظمة العفو الدولية" في بورما، لورا هيغ، وجود حملة موجهة في بورما للإبلاغ عن حسابات تابعة لمسلمي الروهينغا وإغلاقها، في سبتمبر/أيلول الماضي.
المبادرات
طرحت الشركة مبادرات عدة لضمان النزاهة على منصاتها. وضع زوكربيرغ خطة من 9 بنود، لمكافحة العوامل السيئة. عملت على مكافحة الأخبار الزائفة، ومنع المتصيدين من شراء الإعلانات وترويج هذه الأخبار. كما أطلقت أساليب جديدة للمستخدمين للتبليغ عن الأخبار الزائفة.
لكن لا يبدو أن مبادرات "فيسبوك" تجدي نفعاً. إذ كشف تحقيق في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في مايو/أيار الماضي، عن حصول مقالة سخرت من تجارة الرقيق في أيرلندا على متابعة "صاروخية"، رغم تحديدها كمادة "خلافية".
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت دراسة صادرة عن "جامعة يال" عن عدم تأثر إلا 3.7 في المائة من المستخدمين عند رؤيتهم إشارة المادة "الخلافية" على الأخبار الزائفة، ما يعني أن كثيرين لا يزالون يصدقونها.
لكن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أفادت "فيسبوك" أن الإشارة على الأخبار الزائفة ساهمت في خفض الاطلاع المستقبلي، بنسبة 80 في المائة. إلا أن أخباراً معينة تحتاج عادة إلى 3 أيام، على الأقل، لتحديدها كـ"زائفة"، وبالتالي تحصل القصص على النسبة الأكبر من مشاهداتها خلال هذه الفترة.
الإنجازات
أنهت الشركة الربع الأخير من 2017 بـ1.37 مليار مستخدم يومي نشط، مقارنة بـ1.18 مليار مستخدم في 2016. ونمت أرباحها في مجال الإعلانات بنسبة 50 في المائة سنوياً. وحققت أرباحاً قيمتها 4.7 مليارات دولار أميركي، خلال الشهور الـ3 الماضية فقط.