وتتراوح دوافع الذين ينشرون أنباء مضللة بين الرغبة في النيل من مصداقية الحكومات وتأجيج الخلافات الدينية، أو حتى الفكاهة بكل بساطة. لكن مهما تعددت الأسباب، فالواقع أن الأنباء المضللة تنتشر على نطاق واسع على وقع مشاركتها بين رواد الإنترنت.
في الفيليبين على سبيل المثال، أظهر فيديو، تمت مشاركته على "فيسبوك" وشاهده عشرات آلاف الأشخاص، رجلاً يُقتل بالرصاص لتجاوزه مركز مراقبة أقيم في سياق مكافحة فيروس كورونا الجديد، بحسب ما أورد المنشور. لكن الحقيقة أن ذلك كان تدريباً قامت به الشرطة.
وأثارت المشاهد استنكار البعض الذين احتجوا على استخدام عناصر الشرطة القوة، في بلد تتهم فيه قوات الأمن بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، في سياق الحرب التي يشنها الرئيس رودريغو دوتيرتي على المخدرات. في المقابل، أثنى المؤيدون لهذه السياسة المتشددة في محاربة تجار المخدرات، التي أوقعت آلاف القتلى حتى الآن، على تصدي قوات الأمن للرجل.
وانتشرت معلومات مضللة أخرى في الفيليبين، أفاد بعضها عن تمديد الحجر المنزلي أو نزول متظاهرين معارضين للحكومة إلى الشارع في انتهاك لحظر التجمع. وفي تايلاند، أظهر فيديو شاركه مئات الآلاف متسوقين يتدافعون مذعورين لشراء حاجياتهم في ماليزيا، بعد فرض حجر منزلي صارم. وأعرب بعض مستخدمي "فيسبوك" في تعليقاتهم عن خشيتهم من حصول مشاهد مماثلة في تايلاند.
لكن الواقع أن المشاهد صورت في البرازيل، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، خلال يوم "الجمعة الأسود"، وهو يوم تنزيلات كبرى يهرع الجميع فيه للتسوق.
وأوضح أكسيل برانزن الذي يدرّس الإعلام في "جامعة التكنولوجيا" في كوينزلاند الأسترالية، أن الفوضى على الإنترنت كانت أكبر في الدول التي لم تشرح حكوماتها تدابير الحجر بشكل واف لمواطنيها.
ففي تايلاند، حيث فرضت القيود في مارس/آذار، انتشر القلق على وقع رسائل كاذبة تؤكد أن عدم وضع الكمامة يعرض لغرامة قيمتها 200 بات تايلاندي (5.66 يورو). ولقيت هذه الشائعة انتشاراً واسعاً على "فيسبوك "و"تويتر" وتطبيق "لاين" للرسائل، ما أرغم الشرطة على عقد مؤتمر صحافي لنفيها. لكن بعد أقل من شهر، أعلنت بعض المحافظات فرض غرامات أعلى على من لا يضع كمامة، ما أثار البلبلة.
وفي الهند، انتشرت الأخبار المضللة مع فرض الحجر المنزلي على كامل البلاد، في مارس/آذار الماضي. وتضمنت بعض الرسائل الكاذبة قدحاً سياسياً وشائعات بشأن الحجر الصارم، وأنباء مضللة تهدف إلى تأجيج التوتر الديني.
وأكد رسم بياني مع مقاطع فيديو لهجوم بالساطور، شوهد عشرات آلاف المرات عبر منشورات على فيسبوك وتغريدات على "تويتر"، أنه يظهر متطرفين إسلاميين يقتلون هندوسياً في ظل الحجر المنزلي. والحقيقة أن المقاطع كانت تظهر هجوماً في باكستان. وفيما ذكر بعض مستخدمي مواقع التواصل أن المشاهد وقعت خارج الهند، صدق البعض الخبر الكاذب مؤكدين أنه يثبت الحاجة إلى "نظام عسكري" في الهند.
ويرى برانز أن سيل الأنباء المضللة، من أسبابه عجز الحكومات على طمأنة مواطنيها بشكل فعال. وأوضح أن "انتشار التضليل الإعلامي يزداد في مثل هذه الفترات، لأن الأشخاص يبحثون يائسين عن أجوبة لما يجري وأسبابه، وما يمكنهم القيام به لحماية أنفسهم". وأضاف "إذا لم يجدوا أجوبة مرضية من قبل السلطات، فسيباشرون البحث في مكان آخر".
(فرانس برس)