ونشر موقع "غيزمودو" العام الماضي تحقيقًا مثيرًا للجدل أوضح فيه أن موقع "فيسبوك" يعتمد في تقديمه ميزة "أشخاص قد تعرفهم" على إمكانية وصوله بشكل غير محدود تقريبًا لجميع أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكترونية وعناوين المنازل الموجودة على هواتف مستخدميه.
وطور "غيزمودو" بعد ذلك أداة PYMK Inspector التي تلتقط وتحلل كل اقتراح صداقة يقدمه "فيسبوك" للمستخدم الذي يشغلها على هاتفه للمساعدة في استكمال التحقيق، وطرحت للتحميل المباشر في شهر كانون الثاني/ يناير من قبل متطوعين على موقع "Github" بعد الاستعانة بطرف ثالث لدراستها من الناحية الأمنية، حيث أشارت النتائج إلى أن اقتراحات "فيسبوك" لا علاقة لها بمن يزور صفحتك الشخصية، وهذا الأمر قد يكون سارًا بالنسبة لأولئك الذين يتلصصون على صفحات بعضهم البعض.
ويبدو أن المسؤولين عن "فيسبوك" لم يكونوا راضين عن هذه الأداة إذ طالب متحدث باسمه إيقافها وحذف جميع البيانات التي التقطتها في اليوم التالي لطرحها للتحميل المباشر، زاعمًا أنها تنتهك شروط الخدمة في المنصة الاجتماعية، بسبب فرضها على المستخدمين إدخال أسمائهم وكلمات سرهم في "فيسبوك" لتسجيل الدخول فيها، وفقًا لموقع "غيزمودو".
وأكد المسؤولون عن موقع "غيزمودو" حينها أن الهدف من تحميل الأداة لم يكن الوصول إلى ملفات المستخدمين الشخصية، بل جمع المعلومات التي يودون تقديمها فقط من أجل المساعدة في التحقيق، والتي تخزن على حواسيبهم الشخصية فقط مما يجعل حذفها بالتالي أمرًا مستحيلًا، إلا أن مديرة سياسة "فيسبوك" أصرت على أن إدخال كلمات سر مستخدمي "فيسبوك" في PYMK Inspector قد تؤدي لسرقة بياناتهم الشخصية، وطالبت بإيقاف الأداة عن العمل خلال مدة أقصاها أسبوع.
وشعر مسؤولو موقع "غيزمودو" جراء ذلك بالقلق من إغلاق صفحتهم على "فيسبوك" أو مقاضاتهم مما دفعهم لتعديل عمل الأداة التي أصبحت تحول المستخدمين إلى صفحة "فيسبوك" رسمية لإدخال كلمات مرورهم والحصول على معلومات اقتراحات الأصدقاء في كل جلسة، إلا أن كل هذا لم يغير شيئًا، حيث أكدت أليسون هندريكس، مديرة سياسة "فيسبوك" في رسالة إلكترونية في شهر شباط/ فبراير أن عمل الأداة لا يتوافق مع سياستهم وأضافت: "لا يمكن أن نسمح بالوصول للبيانات أو جمعها من فيسبوك باستخدام وسائل آلية".
وتوقف موقع "فيسبوك" عن ملاحقة قضية أداة PYMK Inspector في شهر مارس/ آذار بعد انشغال مسؤوليه بفضيحة تسريب شركة "كامبريدج أناليتيكا" لبيانات سرية للملايين من مستخدميه من دون إذنهم واتهام المنصة الاجتماعية بإهمال حماية الخصوصية، إلا أن السيدة هندريكس اعترضت مجددًا هذا الأسبوع بعد أن طلب منها موقع "غيزمودو" التعليق على عمل الأداة، وقالت: "إن السماح للناس بتقديم بياناتهم الشخصية بطريقة تختلف عما اعتادوا عليه، قد يجعلهم يثقون بتطبيقات خبيثة أخرى تحتال عليهم بطرق خبيثة، تواصلنا مع المسؤولين عن موقع غيزمودو وأبدوا قابليتهم لإجراء التعديلات اللازمة على الأداة ونحن نتفهم أنها ما زالت متاحة اليوم".
وأكد المسؤولون عن موقع "غيزمودو" أن تجربتهم كشفت لهم عن مشكلة كبيرة، وهي حاجة الصحافيين للحصول على معلومات وإنشاء حسابات وهمية من أجل دراسة تأثير المنصات الاجتماعية على المجتمعات بطريقة تخالف عمومًا بنود خدمة هذه المواقع، مما دفعهم لتشكيل فريق من المحامين من معهد Knight First Amendment في جامعة كولومبيا والذين طالبوا "فيسبوك" بتعديل شروط الخدمة الخاصة به في ما يفيد المصلحة العامة.
وكتب كل من جميل جعفر، أليكس عبدو، راميا كريشنان وكاري ديسيل في الرسالة التي أرسلوها يوم الاثنين إلى مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لـ "فيسبوك": "يلعب الصحافيون دورًا هامًا في إلقاء الضوء على تأثير فيسبوك على الخطاب العام إلا أن شروط خدمة الموقع تحد بشدة من قدرتهم على أداء وظيفتهم" في حين كان كامبل براون، مدير الشركة في الأخبار العالمية بالمنصة الاجتماعية متحفظًا بالرد، واكتفى بالتأكيد على تقدير ودعم "فيسبوك" لعمل الصحافيين من جهة، وصرامته في حماية خصوصية مستخدميه من جهة أخرى.
(العربي الجديد)