أكد عدد من خبراء الإعلام في مصر، أن تصديق الرئاسة على قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام" الهدف منه "تكميم الأفواه" والتضييق على كافة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة. وأنها عودة مرة أخرى لـ"وزارة الإعلام" ولكن في ثوبها الجديد، من خلال السيطرة على الإعلام بوسائله المختلفة، خاصة بعدما رأى عدد من رموز النظام أن هناك حالة "انفلات" في الإعلام ولا بد من ضبطه، وأنه حان الوقت لذلك.
وقال سكرتير عام النقابة جمال عبدالرحيم، إنه رغم رفض القانون إلا أنه تم التصديق عليه، متوقعاً رفضه من قبل المحكمة الدستورية، بعد تقديم عدد من الدعاوى القضائية ببطلانه، خاصة وأن هناك الكثير من القوى السياسية والإعلامية ترفضه.
وأضاف أن القانون هدفه السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة سواء المملوكة للدولة أو الخاصة، والعمل على إخفاء الأصوات المعارضة إعلامياً، مضيفاً أنه "بصدور هذا القانون تم إلغاء "اتحاد الإذاعة والتلفزيون" والمجلس الأعلى للصحافة".. وأن الجميع سوف يكون "مَلطشة" للحكومة في الضغط على كافة وسائل الإعلام بدلاً من أن تعمل بحرية.
وأضاف أن الدستور الجديد ألغى "وزارة الإعلام"، وأن تشكيل قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام" هو بديل عن الوزارة في زي جديد وتحايل على القانون باسم "المجلس الأعلى للإعلام"، والذي تندرج تحته الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، فضلا عن زيادة عدد الأعضاء الذين يختارهم الرئيس على حساب ممثلي الجماعة الصحافية والإعلامية... وهو ما يعطي قوة للسلطة التنفيذية على حساب الهيئات النقابية.
وأوضح أنه بمدّ السن للصحافيين إلى 65 عامًا في القانون الجديد أصبح "مطّاطاً" وكان مطلبا للجماعة الصحفية، بعد أن أكد القانون الجديد على أنه تبع "الحاجة".. فضلاً عن تشديد العقوبات المالية على الصحافي التي تصل ما بين 50 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه في جرائم النشر، وهو ما يعد حبس الصحافي بسبب كبر حجم المبلغ.
وأشار عضو لجنة الحريات بنقابة الصحافيين خالد البلشي، إلى أن المجلس الأعلى للإعلام الجديد سوف يقوم بالسيطرة على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية من خلال الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، والسيطرة على إصدار أي تراخيص صحافية جديدة أو قنوات إعلامية فضائية، وأضاف أن القانون الحالي مليء بالمشاكل، ويعد هيمنة جديدة للدولة على وسائل الإعلام، كما أنه سوف يؤدي إلى تجميد الأنشطة الحزبية في مصر من خلال عدم وجود وسيلة إعلامية ورقية لتعبّر عن رأيهم، بسبب الإجراءات القانونية المشددة في استخراج أي صحيفة جديدة، فضلاً عن عدم وجود أي ضمانات لحقوق الصحافيين والمؤسسات الحزبية والخاصة حال فصلهم، إضافة إلى خلو الصحف الخاصة والحزبية، سواء بالهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، للتعبير عن رأي تلك الجماعة، وهو ما يعد كارثة.
وأوضح أنه لا يوجد أي مبرر للالتفاف والموافقة على هذا القانون من قبل مجلس النواب، مؤكداً أن رئيس المجلس نفسه لديه موقف من "الصحافة الورقية" وهاجمها أكثر من مرة داخل أروقة المجلس، مضيفاً أن المشهد العام لقانون الإعلام يدل على الروح العدائية والانتقامية من الإعلام المقروء والمرئي.
وبالنسبة إلى خطورة ما ينجم عن هذا القانون، قال أستاذ الإعلام بجامعة الزقازيق محمد عوض، إن القانون الجديد المنظم للإعلام في مصر يمثل انتهاكاً للحريات الإعلامية، فضلاً عن تجاهله للعديد من مطالب الصحافيين، مشيراً إلى أن تجاهل القانون لآراء الصحافيين يُفقده المشروعية من ناحية، وخوف الحكومة من الجماعة الصحافية من ناحية أخرى، مؤكداً أن القانون الحالي الهدف منه أن يصبح الإعلام بالكامل بحوزة السلطة التنفيذية للدولة بهدف السيطرة على كل ما يُنشر أو يشاهَد أو يذاع عبر الراديو، موضحاً أن ما جرى بشأن قانون الإعلام وتقسيمه إلى قانونين مرفوض تماماً، لأنه يهدف إلى إطلاق يد السلطة في تعيين رؤساء المجالس الإعلامية وأعضائها حتى تضمن ولاءً لهذه المؤسسات للحكومة.