وأكد التقرير، الذي أُطلق في مدينة البيرة، أن غياب المجلس التشريعي الفلسطيني أسقط البيئة الحاضنة، وضمانات حقوق الإنسان سواء بالتشريع أو بالرقابة، كما خلص إلى عدم ثقة المواطن بالجهاز القضائي، في ظل نقاشات واسعة لها علاقة بالمس بالقضاء أو إصلاحه.
وقدم الباحث محمود الإفرنجي عرضاً عن التقرير الذي أعده وأطلقته الشبكة في مدينة البيرة، وسط حضور ممثلين عن منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وأكد الإفرنجي أن التقرير لم يعتمد على جمع الأرقام حول الانتهاكات في الضفة الغربية وقطاع غزة لما لذلك من عدم إعطاء مؤشر واضح حول الواقع، بل اعتمد على عرض الانتهاكات برصد حقين من حقوق المواطن كمؤشر على حالة الحريات، وهما الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي لأنهما يعتبران الحقين الأقوى ارتباطاً بالضمير الإنساني والفكر والوجدان.
وقالت رئيسة مجلس إدارة شبكة المنظمات الأهلية، شذى عودة، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم تركيز التقرير على الأرقام على غير عادة التقارير الحقوقية الأخرى، لأنه حاول تسليط الضوء على أنواع الانتهاكات المتعلقة بالحريات العامة، والتسليط على مجموعة من القضايا المتعلقة بالحريات مثل التعرض لحريات الإعلاميين وقمع المسيرات والتجمعات السلمية التي تتناقض مع الحريات العامة، ومواضيع استقلالية القضاء والتدخل في آليات القضاء، وانتهاكات حقوق القضاة بشكل عام".
وأضافت عودة أن "التقرير يفتح الباب لنقاش دور مؤسسات المجتمع المدني تجاه قضية الحريات العامة، وكيف يمكن تشكيل أدوات ضاغطة لتجاوزها، عبر استخدام المواثيق الدولية التي انضمت لها السلطة الفلسطينية، وكيف يجب ترجمة هذه المبادئ في القوانين الوطنية وفي سلوك الأجهزة التنفيذية والأجهزة الأمنية".
وأشارت عودة إلى أن الشبكة تسعى إلى حماية استقلالية المجتمع المدني وضمان الحريات، مؤكدة أن التقرير سيفتح النقاشات مع السلطة والوزارات المختلفة والأجهزة التنفيذية والحكومة الجديدة، لتطوير شكل العلاقة وضمان احترام الحريات.
وخلال إطلاق التقرير، قال عضو اللجنة التنسيقية لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية عصام عاروري "إن أهمية بحث حالة الحريات والحقوق تكمن في أنه لا توجد عملية سياسية، ومشروع الدولة الفلسطينية ليس على الأبواب، والفلسطينيون أمام تحديات كبيرة دولية وإقليمية ومحلية، وما يحتاجونه هو بناء سياسات داخلية تعزز صمود المواطن، وأن يعيش بكرامة مصانة"، مؤكداً أن ذلك شرط أساسي لمواجهة المشاريع الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، وأن الهدف من إطلاق الشبكة لتقريرها الأول هو دق جرس الإنذار.
وعرض التقرير حالة القوانين الفلسطينية وحالة حقوق الإنسان انطلاقاً من فترة إنشاء السلطة الفلسطينية وصولاً إلى الوضع الراهن، حيث يتم إقرار القوانين بالصلاحيات الممنوحة للرئيس الفلسطيني في ظل غياب المجلس التشريعي.
وأكد معد التقرير محمود الإفرنجي أن الفلسطيني يعيش في بيئة معقدة جداً، من سيطرة مباشرة للاحتلال، وسيطرة للحكومة الفلسطينية في الضفة، وسلطات الأمر الواقع في غزة، في ظل غياب الرقابة البرلمانية بغياب المجلس التشريعي، وانتهاء المدد القانونية لكل المسؤولين.
وأوضح الإفرنجي أن انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين التي رصدها التقرير مركبة في كثير منها، مشيراً إلى أنه في بعض الحالات يتم الاعتداء على التجمعات السلمية والصحافيين الذين يقومون بالتغطية، وهذا ما يحصل في الضفة وغزة على حد سواء، مشيراً إلى انتهاكات عديدة متعلقة بنشر المواطنين آراءهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والحريات الصحافية، بل وطاولت قاضيين فلسطينيين بإحالتهما إلى مجلس تأديبي على خلفية تعبيرهما عن آرائهما.
ومع عدم إغفال الاحتلال كالعامل الرئيسي في الانتهاكات لحقوق الإنسان، فإن ذلك لا يعفي برأي الإفرنجي، الحكومة في الضفة، وحركة حماس في غزة من مسؤولياتهما، مؤكداً أن غياب المساءلة الآن، لن يمنع من ملاحقة كل مرتكبي الانتهاكات في حال وجود جهاز فلسطيني فعال في أي فترة مقبلة.
وبحسب معد التقرير، فإن التركيز في الجهود الوطنية لمواجهة الاحتلال يحتاج لتوفير الكرامة للمواطن واحترام حقوقه.