كان عام 2016 فرصةً جيدة لنشرات الأخبار المتلفزة كي تجتذب أكبر قدر من المشاهدين، لكن وسائل التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا) كان لها رأي آخر. فبظهورها أصبحت نشرات الأخبار جزءاً من الماضي. وكأنّ تسارع الأحداث وطغيان الصورة البصرية والقصص الكبرى قد جعل الانتظار حتى وقت النشرة أمرًا لا يحتمله الجمهور، خصوصاً الشباب، حيث لجأ الجميع إلى السوشال ميديا للحصول على المعلومات بشكل أسرع.
اكتشف مراقبو وسائل الإعلام في جامعة أكسفورد أن وسائل التواصل الاجتماعي سبقت التلفزيون كمصدر رئيسي للأخبار بين الشباب. فقد استطلع باحثون من معهد "رويترز" لدراسة الصحافة، شباباً بين 18 و24 عاما ليؤكّد 28% أنهم يستعملون وسائل التواصل مصدراً رئيسياً للأخبار. بينما قال 24% إنهم يعتمدون على التلفزيون. وكانت نسبة تراجع الجماهير المتابعة لنشرات التليفزيون مستمرة في المملكة المتحدة بنسبة 3 إلى 4% سنويا في المتوسط منذ عام 2012.
لم يكن الشباب فقط هم من تحولوا عن أخبار التليفزيون. فيقول أحد الباحثين (54 سنة) إنه من الجيل الذي كانت النشرات المتفلزة تمثل له المصدر الأهم للأخبار، أما اليوم فمن النادر أن ينتظر موعد نشرة الأخبار التليفزيونية، كما أنها أصبحت لا تشد انتباهه، بل صار يعتبر أنها تمثل إهانة لذكائه. ويضيف أنه في سوق الأخبار أصبحت متابعة النشرات شيئا لا معنى له، بعد أن أصبح التليفزيون نفسه، وهو الذي تتوفر له كل الإمكانيات، يتحول إلى السوشال ميديا للبحث عن المعلومات.
ويقول مراسل التكنولوجيا لشبكة "بي بي سي" روري سيلان إن ما حدث ويحدث لنشرات الأخبار التليفزيونية في عام 2016 هو أمر مرعب حقا، فمن بين منصات التواصل أصبح فيسبوك هو أقوى قوة في الأخبار العالمية، حيث يوفر لناشري الأخبار إمكانية الوصول إلى جماهير واسعة.
"في عام 2016 وفي المستقبل لا تتوفر أي أسباب تدفع للاعتقاد أن الجيل الذي نشأ وتمتع بالرقمية ووسائل التواصل وبرامج الفيديو على الموبايل، يستخدمها جميعا ويطلع عليها بسهولة وقتما أراد، وإمكانية استعراض ذلك عبر مدى واسع من الأجهزة المرتبطة؛ يمكن أن يتركوا كل ذلك ليرتبطوا بجهاز واحد فقط مثل التليفزيون وبرامجه المجدولة". هذا ما يقوله راسموسن نيلسن من معهد رويترز، ثم يضيف: "لكن ما هو الحل؟ إن أخبار التليفزيون يجب أن تتغير أو تواجه الموت".
في قضية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) كانت الأخبار التليفزيونية متخلفة عن القصة، وفشلت في كسب ثقة المتابعين للموضوع، إذ أحسوا أن الأخبار التي تذيعها وكالات الأنباء مثل "بي بي سي" هي أخبار موجهة، بالرغم من أن تلك الحملات الإخبارية كلفت دافعي الضرائب البريطانيين 350 مليون إسترليني في الأسبوع. ولكن بعد انتهاء الأمر اكتشف كثيرون أنهم صوتوا لمشروع انفصال بناءً على أخبار مشوهة بثها التليفزيون بالإضافة لتحليلات غير دقيقة.