وتشهد مدن عراقية عدة ارتفاعاً كبيراً في تكاليف دفن الموتى تصل في بعض الأحيان لأكثر من ألفي دولار، وتشمل حجز مساحة القبر والدفن يتحملها ذوو الميت، وذلك بعد اكتظاظ المقابر القديمة وضعف استجابة الحكومة في فتح مقابر جديدة، إذ يشهد العراق ما معدله ثلاث مقابر جديدة كل عام تفتتح منذ بداية موجة العنف في البلاد عقب الغزو الأميركي البريطاني للبلاد عام 2003.
وبحسب وثيقة رسمية صادرة عن محافظ النجف موجهة إلى البرلمان العراقي، طالب فيها بإحالة مشروع مقبرة النجف التي تعد الأكبر في البلاد إلى الاستثمار، ما تسبب بموجة غضب واستنكار واسعة بين المواطنين.
الناشط مؤيد جبير علق ساخراً على صفحته في "فيسبوك" قائلا: "مستثمر خاص بمقبرة النجف يقدم المخطط الكامل لإنجاز مقبرة النجف الجديدة بسعر 3 ملايين دينار عراقي فقط (250.953 دولارا أميركيا)، سياحي، تدفئة وتبريد وإنترنت 24 ساعة".
وأضاف جبير متهكماً "يشمل العرض الاتفاق مع علي العمية (أشهر دفان عراقي)، أنهم لا يخيفون المرحوم ويمكن أن يدخلوا عليه بأغنية (طباخين النومي) للترفيه وتبديد الوحشة، لدينا قبور ركن على أربع شوارع تصلح للاستثمار".
فيما وجد شباب وناشطون في خبر طرح المقابر للاستثمار مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بتسجيل مقاطع فيديو ساخرة داخل القبور.
الفنان محمد الشامي نشر على حسابه الرسمي تسجيلاً لشاب أمسك بيده بوقاً ووقف على أحد القبور وبدأ يدق ويصيح بالموتى: "لقد قامت الساعة يا عباد الله، قوموا يا عباد الله".
وقال الشامي: "يقلك قامت الساعة في مقبرة النجف بعد ما صار سعر القبر 3 ملايين دينار عراقي، اللي عنده ميت يروح يشوف ماذا حل به".
وانتقد مواطنون هذا المشروع الذي اعتبروه معيباً بحق الأحياء والأموات واستخفافاً بحق الناس في الحصول على مكان للدفن وتنكيلاً بالأحياء وتحميلهم أعباء مالية كبيرة لدفن موتاهم.
وقال أحمد علي "هذه مصيبة أخرى جنتها علينا الأحزاب الحاكمة، فحتى الأموات لم يسلموا من هذا الفساد المستمر، فهل يعقل أن يصل سعر القبر إلى ثلاثة ملايين دينار؟ كيف سنتمكن من دفن موتانا؟".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "استثمار المقابر هو عملية جديدة للنصب والاحتيال وسرقة أموال العراقيين تحت ذريعة عدم قدرة المحافظات على تأهيل مقابر جديدة، وكأنهم سيبنون أبراجاً سياحية وليس مجرد أراضٍ خالية تخصص لدفن الموتى".
Facebook Post |
فيما سخر آخرون بالقول إنهم ربما سيضطرون يوماً إلى حرق موتاهم للتخلص من تكاليف شراء القبر والدفن.
وقال سيف العامري "إذا استمر مشروع استثمار المقابر في العراق ربما سنضطر يوماً ما إلى حرق موتانا مثل بعض الشعوب للتخلص من تكاليف دفنهم غير المعقولة التي سيحملها المستثمرون على كاهل الناس. إنها مصيبة فعلاً ويبدو أن الحكومة العراقية لم تعد تستحي من شيء".
Facebook Post |
الناشط المدني أبو زيد الحسناوي كتب "لن يستطيع فقير بعد استثمار المقابر أن يدفن في مقابر النجف، لأن أقل مقبرة سيكون سعرها عشرة آلاف دولار وتصل إلى 50 ألف دولار، يعني أن الفقير لن يدفن أصلاً، الفقير قبل أن يموت يحتاج حلاً ولكن لا أعرف كيف".
Facebook Post |
Facebook Post |
بينما سخر حميد الكنك من هذا المشروع قائلاً "أحلى خبر هو استثمار مقبرة النجف، يعني احتمال الغسل والتكفين والدفن يصبح بسعر 3 ملايين دينار".
ولا يتعلق الأمر بمدينة النجف التي تضم أكبر مقبرة إسلامية في البلاد فحسب، بل يتعداها إلى باقي مدن العراق التي امتلأت مقابرها في السنوات الأخيرة نتيجة الحروب، وبدأ الحديث عن استثمارها تتداوله أروقة المستثمرين وبعض الساسة.
Facebook Post |
ويكشف مراقبون أن مشروع استثمار المقابر في العراق ينطوي على ملف فساد ضخم، إذ يملك معظم الساسة أراضي واسعة على مشارف المدن ويريدون استثمارها للتربح منها على حساب الأحياء والأموات مستغلين امتلاء المقابر القديمة وحاجة الناس لأخرى جديدة.