وأطلق نحو عشرة شباب تونسيين موقعاً على الإنترنت يحمل اسم "شنوة برنامجك؟" (ما برنامجك؟)، تزامناً مع بداية السباق السياسي نحو الانتخابات الرئاسية المبكرة التي يتنافس فيها 26 مرشحاً، واشتداد المنافسة وكثرة الوعود الانتخابية.
ويقول الطبيب الشاب محمد غديرة (25 عاماً): "كره الشباب السياسة والسياسيين الذين لم يكترثوا لاهتماماتنا منذ سنوات".
ويعتبر محمد أن ما يهم الشباب "هي المسائل المتعلقة بالصحة والتعليم والمستقبل ومراجعة الراتب الأدنى وكيف يمكن أن نذهب إلى فندق مع صديقتي دون أن أكون مجبراً على تقديم عقد الزواج".
ويتابع "كانت أعمارنا تراوح بين عشرة أعوام و17 عاماً خلال ثورة 2011، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش داخل ضوضاء السياسة. كانوا يتجادلون في مسائل لا تعنينا، كالنقاب والهوية التونسية".
ويقدّم الموقع الذي يمكن تصفحه باللغتين العربية والفرنسية المرشحين الـ26 وإمكانية مقارنة برامجهم الانتخابية من خلال 45 سؤالاً مبوبة وفقاً لمحاور اجتماعية وبيئية وعلاقات خارجية. ويمكن التفاعل مع المقترحات بالإجابة بـ"نعم" أو "لا" أو "متحفظ".
ومن الأسئلة المطروحة في الموقع والتي بدت "صادمة" بالنسبة إلى كثيرين: "هل يجب منع الفحص الشرجي؟"، الذي يتم إجراؤه على أشخاص يشتبه بأنهم مثليون، و"هل يجب السماح بفتح المقاهي خلال شهر رمضان؟"، أو كذلك مسائل متعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.
وترى الطالبة في المعلوماتية وفاء أن البرنامج الانتخابي لا يُختزل بإجابة بـ"نعم" أو "لا"، لكنها تشير إلى أن الهدف من المبادرة هو منح الشباب "النفاذ إلى المعلومة السياسية عبر الوسائل التي يعرفونها".
لسنا متحزبين
يقول غديرة، من جهته، إن "كل شاب في تونس يمتلك هاتفاً ذكياً ويتواصل بالإنترنت. لقد اخترنا مساحة رقمية مئة في المئة، وكلاماً يحاكيه".
ويشير الطبيب الشاب إلى أنه "لا ننسى أن هناك أكثر من سبعة ملايين حساب فيسبوك في تونس ومليوني حساب على موقع إنستغرام".
ويبين أحمد التركي، وهو مؤسس الموقع، "لسنا متحزبين، ولكن هذا لا يعني أننا لن ننتخب".
وعن تمويل الموقع، يقول إنه لا يكلف شيئاً، لأن "كل واحد منا جاء بالخبرة التي يمتلك".
وزار الموقع، وفقاً للمشرفين عليه، ثلاثون ألف شخص منذ أن فتح في الثاني من سبتمبر/أيلول الجاري.
نظرة سلبية
تسجل للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة، المقرّرة الأحد، رقم قياسي من الناخبين ناهز 7.5 ملايين شخص غالبيتهم من الشباب والنساء وبمعدل أعمار يراوح بين 18 و35 عاماً.
ووفقاً للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قامت بحملات متواصلة للتسجيل خلال الصيف، فإن نسبة النساء والشباب تمثل 63 في المئة من الجسم الانتخابي.
ويقول المدير السابق للمرصد الوطني للشباب (حكومي)، محمد الجويلي: "ذهبت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (التي تقوم بتنظيم العملية الانتخابية) وبحثت عنهم".
لكن الجويلي يرى أنه "ليس بالضرورة أن يذهب الشباب إلى التصويت يوم الاقتراع، لديهم وللأسف نظرة سلبية حول الانتخابات".
وفي المناطق الداخلية التونسية، قال شباب في سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية في 2011، لوكالة "فرانس برس"، إنهم حائرون إزاء الموقف الذي سيعتمدونه في الانتخابات... بعضهم يميل إلى المقاطعة، وبعضهم يتحدث عن ضرورة انتخاب رجل قوي لإدارة شؤون البلاد.
وسجلت الانتخابات البلدية التي أقيمت في البلاد منتصف العام 2018 نسبة عزوف لافتة ناهزت 65 في المائة وخصوصاً في صفوف الشباب.