رغم أن النجم الكرواتي لوكا مودريتش يُعتبر أحد أفضل لاعبي خط الوسط في العالم ومن أفضل ما أنجبته الكرة الكرواتية، إلا أنه تحول إلى العدو رقم اثنين في بلده بالنسبة للشعب الكرواتي، خصوصاً على صعيد رياضة كرة القدم.
امتعضت الجماهير الكرواتية من العلاقة القريبة بين مودريتش وأقوى رجل في كرة القدم الكرواتية زدرافكو ماميتش، الرجل المتهم بالفساد في بلده بسبب التهرب الضريبي وقضايا فساد مالي في سوق انتقالات اللاعبين، خصوصاً صفقة مودريتش من دينامو زغرب إلى توتنهام في عام 2008.
جلس مودريتش أمام المحقق في قضايا ماميتش المالية ولم يبد مرتاحاً للتحقيق، وتحدث بطريقة أثارت استياء الجماهير الكرواتية التي اعتبرته يتواطأ مع ماميتش ويحاول التهرب من الأسئلة، خصوصاً عندما أشار إلى أنه لا يتذكر أي شي من صفقة انتقاله إلى توتنهام الإنكليزي.
ومنذ تلك التصريحات التي أدلى بها مودريتش تغير كل شيء في كرواتيا وانقلبت الجماهير على قائد المنتخب وحامل لقب دوري أبطال أوروبا في الموسم الحالي. وبعد ساعات من انتهاء جلسة مودريتش احتشدت جماهير فريق هاجدوك سبليت وغنت: "لوكا مودريتش، أنت قذر".
وفي اليوم التالي بدأت رسائل غامضة تنتشر في الشوارع الكرواتية وأبرزها ما كُتب أمام فندق "إيز زادار"، وهو المكان الذي احتضن عائلة مودريتش بصفة مهجرين من الحرب في عام 1990، وتركت الجماهير رسالة للنجم الكرواتي: "لوكا، ستتذكر هذا يوماً ما".
ويُعتبر الكرواتي لوكا مودريتش أحد الشاهدين في محاكمة زدرافكو ماميتش، الرئيس السابق لفريق دينامو زغرب، وهو الفريق الذي لعب فيه مودريتش أيضاً حتى عام 2008. وإلى جانب قضية التهرب الضريبي اتهمت المحكمة ماميتش أيضاً بسرقة قسط كبير من أموال صفقة مودريتش التي كان من المفترض أن يحصل عليها نادي دينامو آنذاك.
علاقة مودريتش مع ماميتش
في بداية مسيرة لوكا مودريتش مع فريق دينامو، دعمه ماميتش كثيراً عندما كان رئيساً للنادي الكرواتي، وأجبره على توقيع عقد ينص على حصول ماميتش مبلغ من المال من أي صفقة يعقدها مودريتش في المستقبل. وبحسب التقارير الصحافية فإن ماميتش أقدم على هذه الخطوة عندما كان مودريتش لاعباً صغيراً، بالإضافة إلى أنه ليس مدير أعماله.
وبالإضافة إلى مودريتش، كان هناك اللاعب إدواردو سيلفا الذي وقع على نفس الشروط مع ماميتش لكي يحصل على أرباح مالية من أي صفقة مستقبلية. لكن المشكلة بدأت مع مودريتش لأن المبلغ كان كبيراً، الأمر الذي دفع بالسطات الكرواتية للتحقيق في القضية.
عندما باع فريق دينامو زغرب لوكا مودريتش إلى توتنهام مقابل 21 مليون يورو، نصف هذا المبلغ ذهب إلى اللاعب الكرواتي مباشرةً. وذكرت التحقيقات بعد ذلك، وبشهادة من مودريتش في المحكمة، أن الأخير ذهب إلى البنك رفقة ابن ماميتش أو شقيق الرئيس، وسحب مودريتش المال من حسابه وسلمه لشخص من الاثنين.
وفي النهاية نال مودريتش مبلغاً قدره 10,5 ملايين يورو، لكن الأخير لم يحصل سوى على 1,4 مليون فقط، إذ إن باقي المبلغ ذهب لعائلة ماميتش آنذاك. وهو الأمر الذي أكده الجميع في المحكمة وفقاً لشهادات حية سُجلت في التحقيق.
تسبب العقد المُوقع بين مودريتش ودينامو زغرب بمشكلة كبيرة لماميتش، وذلك لأن بنداً في العقد ينصُ على أن الأموال العائدة من صفقة انتقال الكرواتي إلى فريق توتنهام الإنكليزي تقسم بين الطرفين (مودريتش – دينامو زغرب) بنسبة (50-50).
لكن ما أشار إليه المحققون أن العقد وُقع بعد أن نجحت الصفقة وبيع مودريتش بشكل رسمي وليس قبل رحيل اللاعب أو خلال المفاوضات. وفي هذا الإطار قال مودريتش خلال جلسة تحقيق العام الماضي: "عندما تحدثت عن هذا الأمر، كنت أتحدث عن عقد سري مع ماميتش، الذي ينصُ على تقاسم مبلغ الصفقة بالنصف". لكن المحكمة لم تعتبر هذه الأقوال صحيحة لأن مودريتش فشل في الكشف عن معلومات إضافية.
ماميتش وثورة الجماهير
هذه الشهادة أمام المحكمة فجرت الشارع الكروي في كرواتيا، لأن الجماهير اعتبرت أن مودريتش غيّر أقواله أمام المحكمة تجاه ماميتش الذي يُعتبر العدو الأول للشعب الكرواتي وخصوصاً جماهير كرة القدم. وهو الرجل الذي يتحكم بفريق دينامو والاتحاد الكرواتي لكرة القدم منذ زمن طويل، وما زالت هذه الكراهية حتى اليوم رغم أن ماميتش فقد منصبه في الفريق والاتحاد بسبب القضية.
وتتهم الجماهير الكرواتية ماميتش بأنه غيّر مجرى التحقيق بمجرد نقل القضية إلى محكمة في زغرب، إذ تشير المعلومات إلى ماميتش مقرب من بعض القضاة في زغرب ويمكنه تغيير مسار التحقيق بسهولة. حتى إن بعض الجماهير تريد رؤيته خلف القضبان وحزينة بسبب بقائه حراً خارج السجن، كما أن بعض الحوادث المسجلة في كرواتيا تضمنت محاولات هجوم على ماميتش في الشوارع، وهي الأمور التي تؤكد الكراهية الكبيرة التي تكنها الجماهير الكرواتية لهذا الرجل المعروف اليوم بلقب "العدو الأول".
وكان مودريتش قد وصف ماميتش في تصريحات سابقة بـ "آلة أموال"، ولكنه اليوم رفض الادعاء على ماميتش ولم يدل بتصريحات تساعد المحققين وكأنه ينفي كل ما حصل ويبرئ ماميتش من قضايا الفساد تماماً، خصوصاً أنه أشار إلى وجود عقد بين الطرفين ينصُ على تقاسم المبلغ بالنصف وليس عقداً مع دينامو زغرب.
ومن المتوقع أن تتابع المحكمة تحقيقها في قضية ماميتش بعد أن أدلى مودريتش بإفادته أمامها، حإذ سيحضر النجم الكرواتي الآخر ديجان لوفرين لاعب ليفربول الإنكليزي، وذلك لأنه أحد اللاعبين الذين كانوا على علاقة مع ماميتش أيضاً.
القضية لم تنته هنا وسيُتابع المحققون عملهم من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة وإثبات إدانة ماميتش المتورط بعمليات فساد مالي وفساد إداري، بالإضافة إلى التهرب الضريبي، وبالنسبة لمودريتش فتحول من نجم كرواتيا إلى العدو رقم اثنين حالياً، وذلك لأنه وقف إلى جانب أحد المطلوبين للعدالة والمكروه من الجماهير الكرواتية.
(العربي الجديد)