تفوق تشيلسي لحوالي 95 دقيقة من أصل 120 دقيقة. بدنياً، أحبط محاولات ليفربول الذي لطالما تفوق على خصومه بميزة الصراعات البدنية والثنائية. تكتيكياً، حاصر "البلوز" ليفربول واستغل المساحات بأفضل طريقة ممكنة. أما فنياً، فخير الكلام ما قل ودل: "كل العظمة لفرانك لامبارد".
لامبارد المدرب "التلميذ" الذي ما زال يتعلم، ظهر وكأنه خبير في المباريات النهائية، أقله في طريقة التعامل مع تفاصيل المواجهة وطريقة اللعب. لامبارد اختار المهاجمة بتشكيلة (4-2-3-1) والتي تحولت بعد ذلك إلى (4-3-2-1) – (مع وجود كانتي وجورجينيو في الوسط، واحد كلاعب ارتكاز في خط الوسط وأخر يتقدم أخر لصناعة الفارق في الثلث الأخير)، وهنا يبرزُ دور كانتي "العالمي". هذا الرجل الذي لا يتعب، يعرف جيداً كيف يغلق المساحات، يتحرك في الفراغات، يراوغ بكل جرأة دون خوف، يحمي الكرة ويصنع التمريرات السهلة في العمق.
في الحالة الدفاعية، ظهر الانتقال السريع في معظم لحظات المباراة إلى (4-5-1) وهو ما قطع كل الطرق أمام خط وسط ليفربول الذي سقط تماماً وبدا عاجزاً عن الابداع، مع وجود جيرو كرأس حربة يستقبل الكرات المباشرة من كانتي وجورجينيو، والأخير مرر أكثر من كرة مباشرة صنعت الفارق في الثلث الأخير مع تقدم بيدرو لمساندة جيرو سريعاً.
لم يظهر تشلسي بهذا الأداء الأنيق منذ سنوات. سرعة الفريق في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم وميزة الـ "Transition Football" عبر الضغط السريع لاسترجاع الكرة ومكافحة ضغط ليفربول بأفضل طريقة، حيثُ استخلص تشلسي الكرة في وسط الملعب كثيراً مُستغلاً سوء حالة دفاع ووسط ليفربول، خصوصاً في الفراغات بين الخطين.
وصل تشلسي إلى مرمى ليفربول بدون مشاكل، بسلاسة وبأقل عدد من اللمسات. فكانتي، جورجيو، بيدرو، جيرو، بوليسيتش كانوا في تناغم مُميز. صناعة المثلثات، تمرير الكرة والتحرك نحو المساحة مباشرةً لإحداث الكثافة العددية بالقرب من حدود منطقة المنافس.
وربما ما يبرز إلى الواجهة تعامل لامبارد المثالي مع الـ "Half Space" واستغلال سوء الربط والمساحات بين أظهرة وقلب دفاع ليفربول. وعليه، فإن بيدرو وبوليسيتش وحتى كانتي كانوا أبطال الـ"Half Space"، وهي المنطقة الواقعة بين منطقتي الوسط والجناح. هناك كان لاعب تشلسي يدخل المنطقة المُحددة ويستغل المساحة الموجودة عبر تمرير كرة خلف المدافعين "Risky Passes" وكسر خط دفاع ليفربول أو محاولة التسديد على المرمى وصناعة الخطورة.
الكثير من الأمور التكتيكية التي قدمت لامبارد كواحد من المدربين الواعدين في كرة القدم الحديثة. تعامله مع التفاصيل الصغيرة على أرض الملعب، التوظيف المثالي لكانتي "الوحش" وجورجينيو "المايسترو"، منح أجنحة تشلسي، وخصوصاً بيدرو، أدوارا تُناسب قدراتهم والمثالية في الـ"Transition" عند استخلاص الكرة مباشرةً. كلها أمور تُنصف فرانك لامبارد الذي ورغم خسارته لكأس "السوبر" إلا أنه بطل ليلة "إسطنبول" دون منازع.