اللاعب اللبناني سجين. مسجون داخل قفص هو ملعبه الذي يجب أن يكون في الأساس ملاذاً لحريته. مسجون لأنه يوقع على ورقة بيضاء في الاتحاد ويصبح لاعب كرة قدم. سجين لأنه لا يملك عقداً احترافياً يمنحه حقوقه الكاملة. سجين داخل قفص لأنه يدين للأندية اللبنانية بالمال وما زال منذ 70 سنة يعيش في نفس الدائرة ولم يخرج من قفصه.
"منيح يلي في حدن مستلم كرة القدم، اشكر ربك"، بهذه الجملة يهتز كيان اللاعب حسن ملاح عندما سمعها من أحد رؤساء الأندية، وكأن اللاعب اللبناني يلعب ويقدم كل ما لديه على أرض الملعب والأندية لا مبالية لوضعه المعيشي وتُمننه أصلاً أنها تدفع له رواتبه الشهرية وكأنه لا يستحق ذلك في الأساس.
قصة تُحاكي الواقع
يتحدث أحد اللاعبين اللبنانيين، والذي رفض ذكر اسمه لأسباب شخصية وسنمنحه اسماً وهمياً هو (علي)، عن تجربته. علي وقع مع فريق الأنصار اللبناني في عام 2008 مقابل مبلغ مالي صغير. عندما بدأ مع الأنصار دخل الفريق في نفق مظلم ولم يحصل اللاعبون على رواتبهم لمدة تراوح بين ثمانية وعشرة أشهر.
استمر علي مع فريق الأنصار لأربع سنوات تخللها الكثير من المشاكل والأزمات إلى حين غادر النادي في عام 2012. اليوم في عام 2016 علي يريد من الأنصار مستحقات متراكمة من راتبه تبلغ قيمتها نحو ستة آلاف دولار، لم يحصل عليها منذ ذلك الحين حتى اليوم.
في عام 2012 وقع علي مع فريق شباب الغازية، لكنه عانى من نفس أزمة الراتب وعدم تحمل إدارة النادي للمسؤولية الكاملة بحسب رأيه، ليترك النادي بعد معاناة طويلة وله من فريق شباب الغازية مبلغ متراكم قدره 1400 دولار.
بعد ذلك لعب علي مع فريق الخيول الذي يلعب في الدرجة الثانية، اتفق مع إدارة الفريق على دفعة سنوية وراتب شهري مُحدد، وفي ذلك الوقت كان علي مُقبلاً على الزواج ويعيش مرحلة الخطوبة. لم ينجح الفريق في الصعود إلى الدرجة الأولى وتدهورت حالة النادي الاقتصادية وبدأ التقصير المادي، ليُغادر الفريق وله من النادي نفسه مبلغ يصل إلى نحو ألفي دولار.
انتقل علي إلى فريق النبي شيت، الفريق الذي كان مُهتماً بعلي قبل مغادرته لفريق الخيول في وقت سابق. لم يلعب علي مع النبي شيت كثيراً، لأنه، بحسب رأيه، كشف عن وجود مساومات وتحامل عليه من قبل الجهاز الفني، الأمر الذي جعل علي يجلس على مقاعد البدلاء لفترة طويلة خلال الموسم الكروي.
في الموسم الذي تلاه تغير الجهاز الفني لفريق النبي شيت وجاء مدرب لبناني جديد، الذي تحدث مع علي (اسم وهمي) وقال له إنه سيلعب مع الفريق بشكل أساسي وسيكون له شأن كبير مع الفريق، لكنه لا يمكنه إدخاله مباشرةً إلى التشكيلة الأساسية، الأمر يتطلب بعض الوقت لأن بحسب المدرب اللاعب لم يلعب كثيراً وكان بعيداً عن الملاعب لفترة طويلة.
في منتصف نفس الموسم قدم المدرب اللبناني (الذي رفض علي الكشف عن اسمه في التحقيق، ويملك معد التحقيق في القسم الرياضي تسجيلات صوتية باسم المدرب)، تقريراً يُبلغ فيه إدارة النادي عن نيته الاستغناء عن ثلاثة لاعبين من بينهم علي الذي كان موعوداً من نفس المدرب بمركز أساسي في الفريق.
في شهر ديسمبر/كانون الأول 2014 تبلغ علي رسمياً قرار الاستغناء، وعلى الرغم من أن النادي قرر دفع مستحقات علي قبل مغادرته إلا أن الأمور ساءت في النهاية. يعتقد علي أن أحد الأشخاص في فريق النبي شيت كان السبب وراء الاستغناء عنه بسبب خلاف كروي بسيط في الملعب معه. وهذا الشخص يشغل أكثر من منصب في الفريق (حارس مرمى ثالث، مدير فريق وأحد أقرباء رئيس النادي).
اكتشف علي أن شيئاً مريباً حصل في قضية الاستغناء عنه، فبدأ يبحث عن معلومات تساعده في معرفة الحقيقة، واكتشف بعد البحث والتدقيق أن هذا الشخص الذي على خلاف معه هو السبب وراء طرده من النادي، وليس المدرب كما أطلعه الفريق عند تسليمه قرار الاستغناء. اتصل علي بمدرب فريق النبي شيت آنذاك واكتشف أن الأخير سلّم لائحة الأسماء تحت ضغط من الشخص المذكور (صاحب المناصب الثلاثة في الفريق) أعلاه والمقرب من رئيس النادي.
معاناة مستمرة
وكان علي آنذاك لا يعمل في وظيفة ثانية بل يتكل على كرة القدم فقط. وطالب فريق النبي شيت قبل مغادرته بمستحقات مالية تبلغ نحو ستة أشهر، لم يحصل علي سوى على ثلاثة أشهر منها. تعرض لظلم كبير وترك كرة القدم في تلك الفترة وغاب عن الملاعب لمدة وصلت إلى سبعة أشهر. ترك خطيبته بسبب الوضع الاقتصادي السيئ وعاش حياة في غاية الصعوبة، حتى إنه اضطر للعمل مع شقيقه في ميكانيك السيارات خلال فترة توقفه عن كرة القدم.
وبعد ثمانية أشهر جاء الفرج وانتقل علي إلى فريق الإخاء الأهلي عاليه الذي كان يُنافس في الدرجة الثانية. اتفق الجانبان على راتب شهري ودفعة سنوية، وقدم علي موسماً رائعاً وساهم في صعود الفريق إلى الدرجة الأولى. في أول موسم من الدرجة الأولى أخل الإخاء الأهلي عاليه بالاتفاق، وقرر تخفيض الدفعة السنوية الخاصة بعلي من خمسة آلاف دولار إلى ثلاثة آلاف دولار.
استفز الأمر علي الذي طالب بشفافية لمعرفة أسباب هذا التخفيض غير المُبرر فكان الرد: "الوضع الاقتصادي سيئ". قاطع علي التمارين التحضيرية للموسم الجديد، وبعد أسبوع تلقى اتصالاً من مدرب الفريق، وطلب منه العودة إلى التدريبات في ظل وعود بأن قضيته سيحلها رئيس النادي قريباً. وبحسب علي فإن مدرب الفريق لم يساعده في حل مشكلته ليُقرر في النهاية مغادرة الفريق لأنه لم يدفع له الدفعة السنوية المُتفق عليها.
وفي لمحة عامة عن مسيرة علي الكروية يتضح أن أربعة أندية لبنانية تُدين له بنحو 12 ألف دولار هي أصلاً مستحقات له من اتفاق شفهي مُبرم مع رؤساء الأندية، هذا المبلغ اليوم ما زال مُعلقاً ولم يحصل علي على جزء منه، وهو يلعب اليوم مع فريق السلام صور في الدرجة الثانية، ويعيش في أجواء صعبة وقلق مستمر من مستقبله الغامض.
في المقابل يروي اللاعب حسين الدُر الذي حُرم من خوض تجربة أوروبية مع بنفيكا البرتغالي بسبب عجرفة النادي الذي كان يلعب معه، وأصبح سجيناً لهذا النادي مدى الحياة بتوقيعه الأبدي، أنه شاهد في بنفيكا خلال تجربة أسبوعين شيئاً يُشبه الخيال، وهو يحلم بأن يحصل في لبنان ما شاهده في ملعب تدريبات النادي البرتغالي.
اقــرأ أيضاً
قصة تُحاكي الواقع
يتحدث أحد اللاعبين اللبنانيين، والذي رفض ذكر اسمه لأسباب شخصية وسنمنحه اسماً وهمياً هو (علي)، عن تجربته. علي وقع مع فريق الأنصار اللبناني في عام 2008 مقابل مبلغ مالي صغير. عندما بدأ مع الأنصار دخل الفريق في نفق مظلم ولم يحصل اللاعبون على رواتبهم لمدة تراوح بين ثمانية وعشرة أشهر.
استمر علي مع فريق الأنصار لأربع سنوات تخللها الكثير من المشاكل والأزمات إلى حين غادر النادي في عام 2012. اليوم في عام 2016 علي يريد من الأنصار مستحقات متراكمة من راتبه تبلغ قيمتها نحو ستة آلاف دولار، لم يحصل عليها منذ ذلك الحين حتى اليوم.
في عام 2012 وقع علي مع فريق شباب الغازية، لكنه عانى من نفس أزمة الراتب وعدم تحمل إدارة النادي للمسؤولية الكاملة بحسب رأيه، ليترك النادي بعد معاناة طويلة وله من فريق شباب الغازية مبلغ متراكم قدره 1400 دولار.
بعد ذلك لعب علي مع فريق الخيول الذي يلعب في الدرجة الثانية، اتفق مع إدارة الفريق على دفعة سنوية وراتب شهري مُحدد، وفي ذلك الوقت كان علي مُقبلاً على الزواج ويعيش مرحلة الخطوبة. لم ينجح الفريق في الصعود إلى الدرجة الأولى وتدهورت حالة النادي الاقتصادية وبدأ التقصير المادي، ليُغادر الفريق وله من النادي نفسه مبلغ يصل إلى نحو ألفي دولار.
انتقل علي إلى فريق النبي شيت، الفريق الذي كان مُهتماً بعلي قبل مغادرته لفريق الخيول في وقت سابق. لم يلعب علي مع النبي شيت كثيراً، لأنه، بحسب رأيه، كشف عن وجود مساومات وتحامل عليه من قبل الجهاز الفني، الأمر الذي جعل علي يجلس على مقاعد البدلاء لفترة طويلة خلال الموسم الكروي.
في الموسم الذي تلاه تغير الجهاز الفني لفريق النبي شيت وجاء مدرب لبناني جديد، الذي تحدث مع علي (اسم وهمي) وقال له إنه سيلعب مع الفريق بشكل أساسي وسيكون له شأن كبير مع الفريق، لكنه لا يمكنه إدخاله مباشرةً إلى التشكيلة الأساسية، الأمر يتطلب بعض الوقت لأن بحسب المدرب اللاعب لم يلعب كثيراً وكان بعيداً عن الملاعب لفترة طويلة.
في منتصف نفس الموسم قدم المدرب اللبناني (الذي رفض علي الكشف عن اسمه في التحقيق، ويملك معد التحقيق في القسم الرياضي تسجيلات صوتية باسم المدرب)، تقريراً يُبلغ فيه إدارة النادي عن نيته الاستغناء عن ثلاثة لاعبين من بينهم علي الذي كان موعوداً من نفس المدرب بمركز أساسي في الفريق.
في شهر ديسمبر/كانون الأول 2014 تبلغ علي رسمياً قرار الاستغناء، وعلى الرغم من أن النادي قرر دفع مستحقات علي قبل مغادرته إلا أن الأمور ساءت في النهاية. يعتقد علي أن أحد الأشخاص في فريق النبي شيت كان السبب وراء الاستغناء عنه بسبب خلاف كروي بسيط في الملعب معه. وهذا الشخص يشغل أكثر من منصب في الفريق (حارس مرمى ثالث، مدير فريق وأحد أقرباء رئيس النادي).
اكتشف علي أن شيئاً مريباً حصل في قضية الاستغناء عنه، فبدأ يبحث عن معلومات تساعده في معرفة الحقيقة، واكتشف بعد البحث والتدقيق أن هذا الشخص الذي على خلاف معه هو السبب وراء طرده من النادي، وليس المدرب كما أطلعه الفريق عند تسليمه قرار الاستغناء. اتصل علي بمدرب فريق النبي شيت آنذاك واكتشف أن الأخير سلّم لائحة الأسماء تحت ضغط من الشخص المذكور (صاحب المناصب الثلاثة في الفريق) أعلاه والمقرب من رئيس النادي.
معاناة مستمرة
وكان علي آنذاك لا يعمل في وظيفة ثانية بل يتكل على كرة القدم فقط. وطالب فريق النبي شيت قبل مغادرته بمستحقات مالية تبلغ نحو ستة أشهر، لم يحصل علي سوى على ثلاثة أشهر منها. تعرض لظلم كبير وترك كرة القدم في تلك الفترة وغاب عن الملاعب لمدة وصلت إلى سبعة أشهر. ترك خطيبته بسبب الوضع الاقتصادي السيئ وعاش حياة في غاية الصعوبة، حتى إنه اضطر للعمل مع شقيقه في ميكانيك السيارات خلال فترة توقفه عن كرة القدم.
وبعد ثمانية أشهر جاء الفرج وانتقل علي إلى فريق الإخاء الأهلي عاليه الذي كان يُنافس في الدرجة الثانية. اتفق الجانبان على راتب شهري ودفعة سنوية، وقدم علي موسماً رائعاً وساهم في صعود الفريق إلى الدرجة الأولى. في أول موسم من الدرجة الأولى أخل الإخاء الأهلي عاليه بالاتفاق، وقرر تخفيض الدفعة السنوية الخاصة بعلي من خمسة آلاف دولار إلى ثلاثة آلاف دولار.
استفز الأمر علي الذي طالب بشفافية لمعرفة أسباب هذا التخفيض غير المُبرر فكان الرد: "الوضع الاقتصادي سيئ". قاطع علي التمارين التحضيرية للموسم الجديد، وبعد أسبوع تلقى اتصالاً من مدرب الفريق، وطلب منه العودة إلى التدريبات في ظل وعود بأن قضيته سيحلها رئيس النادي قريباً. وبحسب علي فإن مدرب الفريق لم يساعده في حل مشكلته ليُقرر في النهاية مغادرة الفريق لأنه لم يدفع له الدفعة السنوية المُتفق عليها.
وفي لمحة عامة عن مسيرة علي الكروية يتضح أن أربعة أندية لبنانية تُدين له بنحو 12 ألف دولار هي أصلاً مستحقات له من اتفاق شفهي مُبرم مع رؤساء الأندية، هذا المبلغ اليوم ما زال مُعلقاً ولم يحصل علي على جزء منه، وهو يلعب اليوم مع فريق السلام صور في الدرجة الثانية، ويعيش في أجواء صعبة وقلق مستمر من مستقبله الغامض.
في المقابل يروي اللاعب حسين الدُر الذي حُرم من خوض تجربة أوروبية مع بنفيكا البرتغالي بسبب عجرفة النادي الذي كان يلعب معه، وأصبح سجيناً لهذا النادي مدى الحياة بتوقيعه الأبدي، أنه شاهد في بنفيكا خلال تجربة أسبوعين شيئاً يُشبه الخيال، وهو يحلم بأن يحصل في لبنان ما شاهده في ملعب تدريبات النادي البرتغالي.