يضطر المواطن الفلسطيني خليل حمادة (40 عاماً) للانتظار ساعات طويلة في طابور من مركبات النقل المصطفة أمام إحدى محطات تعبئة الوقود، غرب مدينة غزة، على أمل أن يحصل على كمية من السولار اللازمة لتشغيل سيارته، قبل أن تنفد كميات الوقود من خزانات المحطة.
ويعد تدافع أصحاب مركبات النقل والمواطنين داخل محطات تعبئة الوقود، المشهد الأبرز على استمرار أزمة نقص الوقود وغاز الطهو، التي تعصف بقطاع غزة منذ قرابة 40 يوماً، نتيجة شح الكميات التي تورد إلى القطاع من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري، الخاضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح حمادة لـ"العربي الجديد" أنه يعتمد على سيارة الأجرة كمصدر دخل مالي له ولعائلته منذ نحو عشر سنوات، وتوقف العمل عليها يعني تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية لعائلته المكونة من سبعة أفراد، واضطراره إلى استدانة مبالغ مالية من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لأفراد أسرته.
وكان اتحاد العمال في قطاع غزة (حكومي)، أكد في تقرير صدر نهاية الشهر الماضي، أن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، للعام الثامن على التوالي، وما خلفته الحرب الأخيرة صيف العام الماضي، رفعا عدد العاطلين من العمل إلى 213 ألفاً، يعيلون 900 ألف مواطن. وأضاف الاتحاد أن "213 ألفاً من أصل 330 ألف عامل في سوق العمل الفلسطيني بقطاع غزة عاطلون من العمل"، لافتاً إلى أن نسبة الفقر في صفوفهم وصلت إلى 70%، فيما وصلت نسبة البطالة إلى 60%.
ولفت حمادة إلى أنّ أصحاب مركبات النقل يواجهون عدة مشاكل منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، منتصف عام 2007، أبرزها نقص قطع الغيار اللازمة للمركبات وارتفاع أسعارها داخل الأسواق المحلية، فضلا عن بروز أزمة نقص الوقود بين الحين والآخر دون التوصل لحلول جذرية لها.
وكان القطاع يستهلك قبل عام 2007 ما بين 35 و40 مليون لتر من الوقود شهرياً، إلا أن حجم الكميات التي تصل غزة تراجعت بشكل تدريجي، على إثر إغلاق الاحتلال للمعابر الحدودية، وتوقف الحركة التجارية، بالإضافة إلى دخول مئات المصانع والمنشآت الاقتصادية في حالة موت سريري بسبب تداعيات الحصار المشدد.
بدوره، أرجع مدير الهيئة العامة للبترول في غزة، أحمد الشنطي، سبب استمرار أزمة الوقود إلى الإغلاق المتكرر لمعبر كرم أبو سالم التجاري لأسباب مختلفة، مبينا أن كميات الوقود التي ضخت إلى القطاع خلال الشهر المنصرم تقدر بنصف الكميات التي دخلت في شهر أغسطس/آب الماضي.
اقرأ أيضاً: أزمة مفتعلة تعطّل محطة توليد كهرباء غزة
وأوضح الشنطي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يتعامل مع معبر كرم أبو سالم بشكل أمني تام، لذا يغلقه متى شاء، ويحدد ساعات عمله دون مراعاة لأوضاع السكان واحتياجاتهم اليومية الأساسية، متوقعا أن تنتهي الأزمة المستمرة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، خلال الأيام القليلة القادمة.
ويعمل معبر كرم أبو سالم، الواقع أقصى جنوب شرق مدينة رفح، جنوب القطاع، نحو ثماني ساعات يومياً باستثناء يومي الجمعة والسبت، ويغلقه الاحتلال أثناء فترة الأعياد والإجازات؛ وكذلك الأحداث الميدانية الطارئة، رغم أن المعبر يعاني من ضعف البنية التحتية داخله وفي محيطه.
وبين الشنطي أن من أسباب استمرار الأزمة فقدان المخزون المحلي من مشتقات الوقود داخل القطاع واضطرار أصحاب محطات التعبئة إلى التخلص، وبيع الوقود المخزن لديهم بعد الحديث عن احتمالية انخفاض أسعار الوقود.
ولفت إلى أن حجم كميات الوقود التي دخلت إلى غزة، منذ مطلع الشهر الجاري تقدر بنحو 400 ألف لتر من البنزين ومليون و800 ألف لتر من السولار الصناعي، المخصص للسوق المحلي وبعض المؤسسات الدولية، وكذلك محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.
وأعلنت محطة توليد الكهرباء خلال الفترة الماضية عن توقفها عن العمل كليا عدة مرات، بسبب نفاد الوقود الصناعي اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، ومنع الاحتلال ضخه من خلال معبر كرم أبو سالم، نتيجة إغلاق المعبر بسبب الأعياد اليهودية والإجازات الأسبوعية.
وأقدم الاحتلال على إغلاق معبر الشجاعية (ناحل عوز)، شرق غزة، في الأول من شهر أبريل/نيسان 2010، والذي كان مخصصا لنقل مشتقات الوقود والغاز كافة، مما دفع أصحاب محطات الوقود إلى التوجه نحو معبر كرم أبو سالم، واعتماده كمنفذ تجاري وحيد للقطاع رغم محدودية قدرته الاستيعابية.
اقرأ أيضاً: اغلاق المنفذ التجاري لغزة يفاقم أزمة الوقود