قالت دراسة، صدرت حديثاً في مجلس العلاقات الخارجية الاميركي، إن الاقتصاد المصري يعيش أزمة مالية حادة ربما تضعه على حافة الافلاس. واشارت الدراسة، التي نشرها الزميلان في المجلس، ستيفن ايه كوك وحسيب صباغ، إلى أن الديون المحلية لمصر فاقت نسبة 100% من الناتج المحلي الاجمالي. ويذكر أن مجلس الشؤون الخارجية هو من المؤسسات البحثية المهمة على مستوى العالم.
وذكرت الدراسة، التي صدرت بعنوان" أزمة الافلاس في مصر"، ان مصر قد لا تستطيع تسديد التزاماتها المالية الخاصة بخدمة الديون في المستقبل. وقالت: "رغم أن حالة مصر تختلف عن حالة اليونان في عام 2010، حينما عجزت عن تمويل التزاماتها المالية وتخلفت عن تسديد الديون ، إلا أنها تعيش حالة اقتصادية مقلقة". ويذكر أن مصر اقترضت بكثافة من البنوك المحلية، منذ الانقلاب العسكري على حكومة مرسي الديمقراطية. وكانت هذه القروض في شكل سندات اشترتها البنوك وبنسبة عالية. وكانت شركة موديز للتصنيف الائتماني قد حذرت البنوك المصرية من احتمالات عدم قدرة الحكومة المصرية على خدمة الديون وانعكاس ذلك على مستقبلها.
وقدرت الدراسة حجم الدين المحلي بحوالى 240 مليار دولار حتى نهاية يناير/كانون الثاني، وهو ما يعادل نسبة تفوق 100% من الناتج المحلي .وقالت الدراسة: "من المهم توضيح أن الدين المحلي وعجز الميزانية يمثلان المشكلة الاكبر للاقتصاد المصري".
وارتأت الدراسة أن مشكلة الدين المحلي تتمثل في تصنيف الديون، حيث أن مصر لا تستطيع الاستدانة من الاسواق العالمية، مثلما هو الحال بالنسبة إلى بعض الدول الاوروبية أو الولايات المتحدة. وأشارت في هذا الصدد الى أنه رغم أن هذه الدول مثقلة بالديون فهي تستطيع الاستدانة بنسبة منخفضة لتمويل خدمة ديونها، أما بالنسبة إلى مصر، فإن تمويل عجز الميزانية وخدمة الدين سيكون مكلفاً من الاسواق العالمية.
وحسب وكالة التصنيف الاميركية، "فيتش"، فان ديون البنوك المصرية على الحكومة المصرية بلغت 67% من اجمالي موجوداتها. وهذه النسبة تعني أن البنوك المصرية ربما تدخل في أزمة مالية في حال عجزت الحكومة المصرية عن خدمة هذه الديون.
وقدرت الدراسة أن حجم الاحتياطي الاجنبي لمصر يتراوح بين 16 و17 مليار دولار " ليس معظم هذه الاحتياطات سائلة". وقالت إن هذا الحجم من الاحتياطات الاجنبية يفوق قليلاً احتياجات مصر لتغطية احتياجاتها من الوقود والغذاء لفترة ثلاثة أشهر. وحينما يكون الاحتياطي يغطي فاتورة ثلاثة أشهر فقط من الواردات، تعد الدولة في مرحلة حرجة حسب التصنيفات المالية العالمية.
وذكرت الدراسة أن حجم الدين المصري الخارجي بلغ 47 مليار دولار في نهاية يناير/كانون الثاني، منها 3.5 مليار دولار دين للولايات المتحدة. وقالت إن مشكلة الاقتصاد المصري ليست في الدين الخارجي، الذي يعادل نسبة 89.2% من الناتج المحلي الاجمالي، ولكن المشكلة في الدين المحلي، الذي يفوق نسبة 100% من الناتج المحلي.
وعلى صعيد المساعدات التي تلقتها مصر من الدول الخليجية، قالت الدراسة إن هذه المساعدات منحت مصر فرصة للتنفس قليلاً ولكن لا تزال هنالك فجوة مالية في تمويل العجز تقدر بحوالى 10 مليارات دولار. واشارت، في هذا الصدد، إلى عاملين يجعلان من المساعدات الجديدة غير ذات جدوى في حل أزمة الاقتصاد المصري. وقالت إن أحد هذين العاملين هو أن تمويل الانفاق الجديد عبر المساعدات الاجنبية يعني فقط تأجيل مشكلة الاختلال المالي. أما العامل الثاني فهو أن المساعدات المالية ستساهم في اهمال جذر أزمة الاقتصاد المتمثلة في فاتورة دعم المواد الغذائية وفاتورة دعم الوقود.