اكتملت دائرة الإفقار والتجويع في سورية، بعدما ارتفعت الأسعار بأكثر من 1200%، في ظل شبه تثبيت الرواتب والأجور عند عتبة 35 ألف ليرة (نحو 70 دولاراً)، في حين تزيد تكاليف المعيشة للأسرة السورية المؤلفة من خمسة أفراد، بحسب دراسة لمديرية حماية المستهلك بدمشق، عن 170 ألف ليرة سورية.
وغيّرت سياسة التجويع المتعمدة التي ينتهجها النظام السوري، منذ مطلع الثورة عام 2011، من عادات السوريين الاستهلاكية، فانتشر نمط شراء الخضار والفواكه بالحبة، ووصل الفقر بالسوريين إلى الاستغناء عن بعض وجبات الطعام اليومية.
وأشار تقرير اقتصادي صدر عن مديرية الزراعة والأمن الغذائي، نشرته وسائل إعلام سورية، إلى أن 50% من الأسر السورية يقترضون لتوفير الغذاء، و50% لجأت إلى تقليل عدد الوجبات من ثلاث وجبات يومياً إلى وجبة أو اثنتين، و20% من الأسر تلجأ أيضاً إلى تقليل استهلاك الكبار من الطعام، مقابل توفير المزيد من الغذاء للصغار.
ولفت التقرير الذي بثه تلفزيون الخبر السوري، إلى أن 80% من الأسر السورية تواجه صعوبات بالحصول على الغذاء، ولجأت إلى تناول وجبات لا تحتوي اللحوم والدواجن.
وبيّن التقرير أن الإنتاج المحلي من الزراعة انخفض من 240 مليار ليرة سورية عام 2010 إلى 146 مليار ليرة عام 2016 بتراجع بلغت نسبته 50%، وأن قطاع الزراعة كان يمثل حوالي 18% من الناتج المحلي العام، ويشكل 33% من الصادرات، ويوفر فرص عمل لـ 17% من إجمالي اليد العاملة حتى بداية الحرب في سورية.
وقدّر التقرير خسائر رأس المال بـ6 مليارات دولار متضمنة خسائر آلات زراعية ومراكز تجميع حبوب، حيث كانت تمتلك سورية 140 مركزاً بقي منهم 30 مركزاً فقط نتيجة الحرب.
وانخفض إنتاج سورية من القمح بنسبة 52%، ومن القطن بنسبة 87%، ومن الزيتون بنسبة 15%، بينما باتت زراعة الشمندر أقرب إلى الانعدام بانخفاض إنتاجها بنسبة 96%.
ورأى المهندس الزراعي، يحيى تناري، أن السياسة التي تنتهجها حكومة بشار الأسد، ترمي إلى القضاء على قطاع الزراعة وإفقار السوريين، بعد رفع أسعار البذار وندرة المشتقات النفطية ووصول سعر ليتر المازوت إلى نحو 500 ليرة، مشيراً إلى أن حكومة الأسد رفعت، اليوم الاثنين، أسعار الأسمدة، بواقع 300% ليرتفع سعر الطن من 70 إلى 210 آلاف ليرة سورية.
كما لفت إلى ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بسورية إلى مستويات تفوق كثيراً القدرة الشرائية ودخول السوريين، معتبراً أن ارتفاع تكاليف الإنتاج وتصدير المنتجات الزراعية إلى روسيا، هي أسباب هذه الزيادات.
وذكر المهندس السوري أن 25% من البنى التحتية الزراعية تضررت بسبب الحرب، وانحسرت المساحات المزروعة بأكثر من 40% ليتراجع الإنتاج الزراعي في سورية، خلال السنوات الأخيرة، أكثر من 50% بالنسبة للزراعة المروية، وأكثر من 80% بالنسبة للزراعية البعلية، والموسم المقبل أسوأ، على حد قول تناري.
وقطعت حكومة بشار الأسد الأمل لجهة زيادة الأجور، من خلال تصريح وزير الاقتصاد، أديب ميالة، الأخير بأنه "لا زيادة على الأجور، ولا طبع للعملة السورية"، رغم وصول نسبة الفقر بسبب الدخول المنخفضة لنحو 80% من السوريين والتحذيرات التي أطلقها أخيراً، مدير الإحصاءات السكانية في المكتب المركزي للإحصاء بدمشق، علي رستم، بأن كل أسرة يقل دخلها عن 155 ألف ليرة شهرياً، ستبقى ضمن دائرة الفقر.
وقال رستم ضمن دراسة نشرتها وسائل إعلامية سورية، أمس الأحد، أن متوسط الإنفاق الكلي المطلوب لتعيش الأسرة السورية بمستوى عام 2010 يصل إلى أكثر من 221 ألف ليرة (أي ما يعادل 417 دولاراً بناء على سعر صرف 530 ليرة للدولار).
في حين أن متوسط إنفاق الأسرة وفق دخل ونفقات الأسرة لعام 2009 يبلغ نحو 30 ألف ليرة (أي ما يعادل 600 دولار بناء على سعر صرف عام 2010 وهو 50 ليرة للدولار)، أي بنسبة زيادة تصل إلى أكثر من 717%.
وخلص رستم إلى أن قيمة خط الفقر الأعلى بنهاية العام الماضي على مستوى سورية تبلغ نحو 155 ألف ليرة، أي أن كل عائلة سورية لا يتجاوز دخلها الشهري تلك القيمة، فهي تصنّف عملياً ضمن دائرة الفقر، وإذا لم يتجاوز دخلها الشهري أكثر من 113 ألفاً فهي تكون ما دون خط الفقر الأدنى، وإذا لم يتجاوز دخلها الشهري 89.9 ألف ليرة، فهي أصبحت تحت خط الفقر الغذائي.