حالة من الملل والإحباط تطوق سكان العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، بشأن الوعود الإماراتية الواهية التي تُطلق على أسماعهم منذ وقعت المدينة المحررة فريسة تحت إدارة أبوظبي، ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية.
ويقول مراقبون إن الإدارة الإماراتية لمدينة عدن التجارية خلقت وضعاً سياسياً مضطربا يعيق التنمية ومشاريع الخدمات، ما حرمها من متطلبات حياتية على رأسها الكهرباء.
وتعاني عدن نقصاً في توليد الطاقة يقترب من ثُلثي الاحتياجات، إذ يبلغ التوليد المتوفر حاليا 150 ميغاواطا، بينما الطلب على الكهرباء يصل إلى 370 ميغاواطا.
وبعد تحرير مدينة عدن منتصف 2015 من قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عززت دولة الإمارات من تواجدها بالمدينة وتدخلت في إدارة أغلب ملفاتها الحيوية متعهدة بتصديها للأزمات التي تحيط بالعاصمة الجديدة.
وجاء أول وعود الإمارات لحل أزمة الكهرباء التي أرّقت مئات آلاف اليمنين في عدن وغيرهم في المناطق المجاورة جنوب اليمن، عندما أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول 2015، عن تقديم 9 مولدات كهربائية بقوة 420 ميغاواطا لكهرباء عدن كحل عاجل للأزمة، بالإضافة إلى صيانة الشبكة. وتعهدت بإنشاء محطة كهرباء جديدة لمحافظة عدن وباقي المحافظات الجنوبية المجاورة لها.
وقتها خرج مدير مؤسسة الكهرباء في عدن، مجيب الشعبي، بتصريحات لوسائل إعلام إماراتية، نشرتها "البيان" تحت عنوان رئيسي: "الإمارات حققت أحلام أهالي عدن"، فيما نشرت صحيفة الاتحاد: "الإمارات تتبنى مشروعاً متكاملاً لإنهاء مشكلة الكهرباء في إقليم عدن"، وأفردت صحيفة" الإمارات اليوم" حيزا واسعا للوعود تحت عنوان: "الإمارات تتعهد بإنهاء مشكلة الكهرباء في عدن".
بعد حفلة وعود أكتوبر، كانت المدينة تعاني زيادة انقطاعات التيار، حينها خرج مدير محطة الحسوة لتوليد الكهرباء بتصريح لمواقع محلية يقول: "هناك وعود إماراتية لتحسين الكهرباء لمجابهة الصيف القادم"، لكن طال انتظار الإهالي دون تنفيذ.
ومضت الأشهر حتى حلول الصيف شديد الحرارة منتصف 2016، ولم تصل الوعود الإماراتية. وفيما كانت صرخات الأهالي ترتفع احتجاجا على زيادة ساعات انقطاع التيار خرج مدير كهرباء عدن بتصريح يؤكد أن مولدات الكهرباء بطاقة 200 ميغاواط المقدمة من دولة الإمارات ستصل خلال الأيام القادمة، وأنها ستسهم في تغطية 90% من العجز القائم بالطاقة التوليدية، لكن مرت الأيام ولم تصل المولدات.
وفي مايو/أيار من العام الماضي، نشرت صحف ومواقع محلية تقريرا مستندا لتصريحات مسؤولين إماراتيين بعنوان: "المفاجأة الإماراتية للجنوب: وعود بمولدات كهرباء"، فيما نشرت "بوابة العين" الإماراتية تقريرا بعنوان "الإمارات تعيد الكهرباء إلى عدن"، وفي 30 يونيو/حزيران من العام ذاته، نشرت صحيفة البيان: "الإمارات تضيء عدن"، فيما نشرت الاتحاد: "الإمارات تتكفل بإنهاء معاناة أبناء عدن من الكهرباء قبل رمضان"، كل ذلك كان بناء على وعود.
وقد وضعت الوعود الإماراتية مدير مؤسسة كهرباء عدن مجيب الشعبي في موقف محرج، ما اضطره في 29 مايو/أيار 2016 إلى إعلان استقالته. وتم تعيين مدير جديد لمؤسسة الكهرباء هو المهندس أمجد محمد حمودي.
وفي ظل صيف شديد الحرارة وتفاقم معاناة السكان، مع تزايد انقطاعات الكهرباء أكد محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، 23 مايو 2016، انه أجرى اتصالا بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وأن الاخير بشر ابناء عدن بحل مشكلة الكهرباء في العاصمة قبل شهر رمضان.
لم يستمر حمودي مديرا للكهرباء سوى لأيام، حيث أصرت الإمارات على عودة المدير السابق للكهرباء مجيب الشعبي الذي عاد لمزاولة مهامه. وتدخلت الحكومة اليمنية وطلبت قرضاً من أبو ظبي بعد أن ملت الوعود بتقديم منحة لقطاع الكهرباء. وزار وزير الكهرباء اليمني أبو ظبي لتوقيع الاتفاقية، وأصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 13 يونيو/ حزيران، قراراً يقضي بالمصادقة على قرض لتمويل كهرباء محافظة عدن موقع بين الجمهورية اليمنية وحكومة الإمارات.
مولدات خارج الخدمة
ومضى شهران على الوعود الإماراتية بمفاجأة لكهرباء عدن، ومر عشرون يوما بعد توقيع اتفاقية القرض ولا شيء تحقق ولم تحدث المفاجأة، مما وضع المحافظ السابق عيدروس الزبيدي المحسوب على الإمارات في موقف محرج.
وفي يوليو/تموز من العام ذاته، أصدر مكتب محافظ محافظة عدن، بلاغا صحافيا أكد فيه تحرك سفينة إماراتية تحمل مولدات كهربائية لعدن بطاقة 50 ميغاواطا، ومضت الأشهر وأزمة كهرباء عدن تتفاقم، ولم تتحرك الإمارات لإنقاذ حليفها المحافظ حتى تمت إقالته.
ووصلت إلى ميناء عدن، منتصف يوليو/ تموز 2016 مولدات إماراتية بقدرة 50 ميغاواطا بموجب اتفاقية القرض، واستغرق تركيبها 10 أيام، لكنها لم تشتغل وخرجت عن الخدمة بعد ساعات، بعدما قيل إن المولدات بها عيوب، لكن المفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد (مستقلة) اعتبرتها فضيحة وقالت: "ضحكوا علينا للأسف".
وقالت المفوضية بعد نزول ميداني لفريق فني: "اكتشفنا أن مولدات 50 ميغاواطاً التابعة لقرض الإمارات، مستخدمة وليست جديدة، وقد خرجت عن الخدمة، وقامت مؤسسة الكهرباء بسحب المولدات إلى مخازنها". وقال مهندس في مؤسسة كهرباء عدن لـ "العربي الجديد": "فوجئنا بان المولدات التي تم تزويد كهرباء عدن بها بموجب قرض تم التوقيع عليه بين الحكومة الشرعية ممثلة بوزارة الكهرباء ودولة الإمارات، مستخدمة وقد خضعت للصيانة عدة مرات في البلد المصدر بالإضافة لعدم تزويد مؤسسة الكهرباء في عدن بالوثائق المتعلقة باستيراد هذه المولدات من قبل الجانب الإماراتي.
وقال المهندس الذي طلب عدم ذكر اسمه: " هي صفقة فساد وكارثة منحت السكان أملا في تخفيف انقطاع التيار وعندما وصلت نكتشف انها غير صالحة، فضلاً عن أنها كارثة مضاعفة كون المولدات ضمن اتفاقية قرض وليس منحة ".
اقــرأ أيضاً
فضيحة محطة الملعب
أعلن الهلال الاحمر القطري، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، عن اتفاق مع مؤسسة كهرباء عدن، يقضي أن يشتري الهلال الإماراتي مولدات محطة كهرباء ملعب 22 مايو بمبلغ 15 مليون دولار لصالح مؤسسة الكهرباء بعدن وتكون محطة مملوكة للمؤسسة وكذا دفع تكاليف التشغيل والصيانة لمدة عام كامل.
بحسب مصادر في مؤسسة كهرباء عدن، محطة ملعب 22 مايو، هي محطة ضمن منشآت ملعب كرة القدم الرئيسي بالمدينة وتخدم الأحياء المجاورة وكانت قدرتها قبل الحرب 64 ميغاواطا وقد تراجعت إلى 10 ميغاواط فقط، والمحطة مملوكة لشركة الزبيري للطاقة وهي وكيل محلي لشركة كومينز الإماراتية لمولدات الطاقة ومقرها دبي.
وأوضحت المصادر أن المولدات غير صالحة وخرجت معظمها عن الخدمة بسبب عدم قيام الشركة بالصيانة الدورية، وقد رفضت مؤسسة الكهرباء تجديد الاتفاقية مع الشركة، لكن الهلال الإماراتي تعهد بصيانة المولدات في دبي ودفع مقابل الصيانة.
قال مدير عام كهرباء عدن أنذاك، في تصريح صحفي إن 36 مولداً أرسلها الهلال الإماراتي إلى دبي للصيانة لدى الشركة الأم، وانه عند عودتها إلى عدن ستصل قدرة المحطة إلى 64 ميغاواطا وستكون ملك المؤسسة وستقوم نفس الشركة بتشغيلها وصيانتها على حساب الهلال الأحمر الإماراتي لمدة عام، وعندما وصلت المولدات من دبي تم تركيبها وتشغيلها بطاقة 25 ميغاواطا، قبل أن تتراجع إلى 8 ميغاواط لاحقا بسبب خروج عدة مولدات عن الخدمة
الاستنجاد بقطر
كان الرئيس عبد ربه منصور هادي أعلن عقب تحرير مدينة عدن، منتصف يوليو/ تموز 2015، عن تسليم ملف الكهرباء في المدن المحررة لدولة قطر، لكن دولة الإمارات رفضت أي دور قطري في مجال الخدمات، بحسب مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية تحدث لـ "العربي الجديد".
تسلمت دولة الإمارات ملف الكهرباء في عدن، وقدمت تعهدات ووعودا والكثير من الكلام، ووعدت بإنشاء محطّة كهرباء بقدرة 1000 ميغاواط لتغطية العجز الذي تمر به محطّات التوليد في المدينة، لكن عدن ملت وبدأت تتساءل أين تاهت وعود الإمارات مع ارتفاع المعاناة نتيجة تزايد عدد ساعات انقطاع التيار، مما دفع الحكومة اليمنية للاستنجاد بالدعم القطري.
وأعلنت الحكومة اليمنية، 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن تدعيم شبكة كهرباء عدن، بمحطة جديدة لتوليد الكهرباء وفقا للمواصفات العالمية، بقدرة 60 ميغاواطا وبتكلفة 60 مليون دولار من خلال منحة قدمتها الحكومة القطرية، بموجب اتفاقية مع صندوق قطر للتنمية تم التوقيع عليها في العاصمة الدوحة.
ومنتصف يناير/كانون الثاني الماضي وصلت المولدات القطرية بمواصفات عالمية من شركة ( general electric )، ويوم 21 من الشهر نفسه ذهب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى ميناء عدن لتفقد المولدات القطرية، وأشاد بالدعم السخي المقدم من دولة قطر للشعب اليمني.
وقد بدأت شركة "جاليك إنيرجي" التركية في تركيب التوربينات وكان مقررا افتتاحها يوم 7 مايو الماضي لكن الاضطرابات السياسية التي خلقتها الإمارات في المدينة أخرت تشغيل المحطة.
واستغلت دولة الإمارات تأخر تشغيل المحطة لعشرة أيام في مهاجمة قطر عبر مواقعها الإلكترونية ومواقع وناشطين موالين لها. ونشر موقع إرم نيوز تقريرا يتهم فيه قطر أنها المتسبب الحقيقي في تأخير حل أزمة كهرباء عدن، لكن حبل الكذب كان قصيرا، وافتتح رئيس الحكومة اليمنية محطة توليد الكهرباء الممولة قطريا يوم 26 مايو/ أيار.
بعد افتتاح المحطة الممولة قطريا وفي مساء اليوم نفسه، ومع ملاحظة الارتياح الشعبي للمنحة القطرية، حاولت الإمارات أن تسجل حضورها وصرفت المزيد من الوعود مجددا، حيث نشرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) خبرا يقول، إنه بتوجيهات رئيس الدولة .. الإمارات تدعم كهرباء اليمن بـ100 ميغاواط إضافية، وخرجت البيان الإماراتية بمانشيت: الإمارات تضيء اليمن.
تقول، منى سالم، موظفة: "خلال عامين لم تقدم الإمارات لسكان عدن سوى الوعود، باعت لهم الوهم مقابل شرائهم، فيما قطر وعدت وأوفت بوعودها دون ضجيج".
وقال مسؤول في كهرباء عدن، إن الكهرباء في المدينة شهدت تحسنا مع دخول الدعم القطري حيز الخدمة. وأكد في تصريحات، أن عدد ساعات انقطاع التيار انحسرت من 18 ساعة في اليوم إلى 11 ساعة، مقابل 13 ساعة من العمل، لكن شبكة الكهرباء لا تزال تعاني عجزا في التوليد وتحتاج 160 ميغاواطا إضافية.
اقــرأ أيضاً
وتعاني عدن نقصاً في توليد الطاقة يقترب من ثُلثي الاحتياجات، إذ يبلغ التوليد المتوفر حاليا 150 ميغاواطا، بينما الطلب على الكهرباء يصل إلى 370 ميغاواطا.
وبعد تحرير مدينة عدن منتصف 2015 من قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عززت دولة الإمارات من تواجدها بالمدينة وتدخلت في إدارة أغلب ملفاتها الحيوية متعهدة بتصديها للأزمات التي تحيط بالعاصمة الجديدة.
وجاء أول وعود الإمارات لحل أزمة الكهرباء التي أرّقت مئات آلاف اليمنين في عدن وغيرهم في المناطق المجاورة جنوب اليمن، عندما أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول 2015، عن تقديم 9 مولدات كهربائية بقوة 420 ميغاواطا لكهرباء عدن كحل عاجل للأزمة، بالإضافة إلى صيانة الشبكة. وتعهدت بإنشاء محطة كهرباء جديدة لمحافظة عدن وباقي المحافظات الجنوبية المجاورة لها.
وقتها خرج مدير مؤسسة الكهرباء في عدن، مجيب الشعبي، بتصريحات لوسائل إعلام إماراتية، نشرتها "البيان" تحت عنوان رئيسي: "الإمارات حققت أحلام أهالي عدن"، فيما نشرت صحيفة الاتحاد: "الإمارات تتبنى مشروعاً متكاملاً لإنهاء مشكلة الكهرباء في إقليم عدن"، وأفردت صحيفة" الإمارات اليوم" حيزا واسعا للوعود تحت عنوان: "الإمارات تتعهد بإنهاء مشكلة الكهرباء في عدن".
بعد حفلة وعود أكتوبر، كانت المدينة تعاني زيادة انقطاعات التيار، حينها خرج مدير محطة الحسوة لتوليد الكهرباء بتصريح لمواقع محلية يقول: "هناك وعود إماراتية لتحسين الكهرباء لمجابهة الصيف القادم"، لكن طال انتظار الإهالي دون تنفيذ.
ومضت الأشهر حتى حلول الصيف شديد الحرارة منتصف 2016، ولم تصل الوعود الإماراتية. وفيما كانت صرخات الأهالي ترتفع احتجاجا على زيادة ساعات انقطاع التيار خرج مدير كهرباء عدن بتصريح يؤكد أن مولدات الكهرباء بطاقة 200 ميغاواط المقدمة من دولة الإمارات ستصل خلال الأيام القادمة، وأنها ستسهم في تغطية 90% من العجز القائم بالطاقة التوليدية، لكن مرت الأيام ولم تصل المولدات.
وفي مايو/أيار من العام الماضي، نشرت صحف ومواقع محلية تقريرا مستندا لتصريحات مسؤولين إماراتيين بعنوان: "المفاجأة الإماراتية للجنوب: وعود بمولدات كهرباء"، فيما نشرت "بوابة العين" الإماراتية تقريرا بعنوان "الإمارات تعيد الكهرباء إلى عدن"، وفي 30 يونيو/حزيران من العام ذاته، نشرت صحيفة البيان: "الإمارات تضيء عدن"، فيما نشرت الاتحاد: "الإمارات تتكفل بإنهاء معاناة أبناء عدن من الكهرباء قبل رمضان"، كل ذلك كان بناء على وعود.
وقد وضعت الوعود الإماراتية مدير مؤسسة كهرباء عدن مجيب الشعبي في موقف محرج، ما اضطره في 29 مايو/أيار 2016 إلى إعلان استقالته. وتم تعيين مدير جديد لمؤسسة الكهرباء هو المهندس أمجد محمد حمودي.
وفي ظل صيف شديد الحرارة وتفاقم معاناة السكان، مع تزايد انقطاعات الكهرباء أكد محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، 23 مايو 2016، انه أجرى اتصالا بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وأن الاخير بشر ابناء عدن بحل مشكلة الكهرباء في العاصمة قبل شهر رمضان.
لم يستمر حمودي مديرا للكهرباء سوى لأيام، حيث أصرت الإمارات على عودة المدير السابق للكهرباء مجيب الشعبي الذي عاد لمزاولة مهامه. وتدخلت الحكومة اليمنية وطلبت قرضاً من أبو ظبي بعد أن ملت الوعود بتقديم منحة لقطاع الكهرباء. وزار وزير الكهرباء اليمني أبو ظبي لتوقيع الاتفاقية، وأصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 13 يونيو/ حزيران، قراراً يقضي بالمصادقة على قرض لتمويل كهرباء محافظة عدن موقع بين الجمهورية اليمنية وحكومة الإمارات.
مولدات خارج الخدمة
ومضى شهران على الوعود الإماراتية بمفاجأة لكهرباء عدن، ومر عشرون يوما بعد توقيع اتفاقية القرض ولا شيء تحقق ولم تحدث المفاجأة، مما وضع المحافظ السابق عيدروس الزبيدي المحسوب على الإمارات في موقف محرج.
وفي يوليو/تموز من العام ذاته، أصدر مكتب محافظ محافظة عدن، بلاغا صحافيا أكد فيه تحرك سفينة إماراتية تحمل مولدات كهربائية لعدن بطاقة 50 ميغاواطا، ومضت الأشهر وأزمة كهرباء عدن تتفاقم، ولم تتحرك الإمارات لإنقاذ حليفها المحافظ حتى تمت إقالته.
ووصلت إلى ميناء عدن، منتصف يوليو/ تموز 2016 مولدات إماراتية بقدرة 50 ميغاواطا بموجب اتفاقية القرض، واستغرق تركيبها 10 أيام، لكنها لم تشتغل وخرجت عن الخدمة بعد ساعات، بعدما قيل إن المولدات بها عيوب، لكن المفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد (مستقلة) اعتبرتها فضيحة وقالت: "ضحكوا علينا للأسف".
وقالت المفوضية بعد نزول ميداني لفريق فني: "اكتشفنا أن مولدات 50 ميغاواطاً التابعة لقرض الإمارات، مستخدمة وليست جديدة، وقد خرجت عن الخدمة، وقامت مؤسسة الكهرباء بسحب المولدات إلى مخازنها". وقال مهندس في مؤسسة كهرباء عدن لـ "العربي الجديد": "فوجئنا بان المولدات التي تم تزويد كهرباء عدن بها بموجب قرض تم التوقيع عليه بين الحكومة الشرعية ممثلة بوزارة الكهرباء ودولة الإمارات، مستخدمة وقد خضعت للصيانة عدة مرات في البلد المصدر بالإضافة لعدم تزويد مؤسسة الكهرباء في عدن بالوثائق المتعلقة باستيراد هذه المولدات من قبل الجانب الإماراتي.
وقال المهندس الذي طلب عدم ذكر اسمه: " هي صفقة فساد وكارثة منحت السكان أملا في تخفيف انقطاع التيار وعندما وصلت نكتشف انها غير صالحة، فضلاً عن أنها كارثة مضاعفة كون المولدات ضمن اتفاقية قرض وليس منحة ".
فضيحة محطة الملعب
أعلن الهلال الاحمر القطري، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، عن اتفاق مع مؤسسة كهرباء عدن، يقضي أن يشتري الهلال الإماراتي مولدات محطة كهرباء ملعب 22 مايو بمبلغ 15 مليون دولار لصالح مؤسسة الكهرباء بعدن وتكون محطة مملوكة للمؤسسة وكذا دفع تكاليف التشغيل والصيانة لمدة عام كامل.
بحسب مصادر في مؤسسة كهرباء عدن، محطة ملعب 22 مايو، هي محطة ضمن منشآت ملعب كرة القدم الرئيسي بالمدينة وتخدم الأحياء المجاورة وكانت قدرتها قبل الحرب 64 ميغاواطا وقد تراجعت إلى 10 ميغاواط فقط، والمحطة مملوكة لشركة الزبيري للطاقة وهي وكيل محلي لشركة كومينز الإماراتية لمولدات الطاقة ومقرها دبي.
وأوضحت المصادر أن المولدات غير صالحة وخرجت معظمها عن الخدمة بسبب عدم قيام الشركة بالصيانة الدورية، وقد رفضت مؤسسة الكهرباء تجديد الاتفاقية مع الشركة، لكن الهلال الإماراتي تعهد بصيانة المولدات في دبي ودفع مقابل الصيانة.
قال مدير عام كهرباء عدن أنذاك، في تصريح صحفي إن 36 مولداً أرسلها الهلال الإماراتي إلى دبي للصيانة لدى الشركة الأم، وانه عند عودتها إلى عدن ستصل قدرة المحطة إلى 64 ميغاواطا وستكون ملك المؤسسة وستقوم نفس الشركة بتشغيلها وصيانتها على حساب الهلال الأحمر الإماراتي لمدة عام، وعندما وصلت المولدات من دبي تم تركيبها وتشغيلها بطاقة 25 ميغاواطا، قبل أن تتراجع إلى 8 ميغاواط لاحقا بسبب خروج عدة مولدات عن الخدمة
الاستنجاد بقطر
كان الرئيس عبد ربه منصور هادي أعلن عقب تحرير مدينة عدن، منتصف يوليو/ تموز 2015، عن تسليم ملف الكهرباء في المدن المحررة لدولة قطر، لكن دولة الإمارات رفضت أي دور قطري في مجال الخدمات، بحسب مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية تحدث لـ "العربي الجديد".
تسلمت دولة الإمارات ملف الكهرباء في عدن، وقدمت تعهدات ووعودا والكثير من الكلام، ووعدت بإنشاء محطّة كهرباء بقدرة 1000 ميغاواط لتغطية العجز الذي تمر به محطّات التوليد في المدينة، لكن عدن ملت وبدأت تتساءل أين تاهت وعود الإمارات مع ارتفاع المعاناة نتيجة تزايد عدد ساعات انقطاع التيار، مما دفع الحكومة اليمنية للاستنجاد بالدعم القطري.
وأعلنت الحكومة اليمنية، 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن تدعيم شبكة كهرباء عدن، بمحطة جديدة لتوليد الكهرباء وفقا للمواصفات العالمية، بقدرة 60 ميغاواطا وبتكلفة 60 مليون دولار من خلال منحة قدمتها الحكومة القطرية، بموجب اتفاقية مع صندوق قطر للتنمية تم التوقيع عليها في العاصمة الدوحة.
ومنتصف يناير/كانون الثاني الماضي وصلت المولدات القطرية بمواصفات عالمية من شركة ( general electric )، ويوم 21 من الشهر نفسه ذهب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى ميناء عدن لتفقد المولدات القطرية، وأشاد بالدعم السخي المقدم من دولة قطر للشعب اليمني.
وقد بدأت شركة "جاليك إنيرجي" التركية في تركيب التوربينات وكان مقررا افتتاحها يوم 7 مايو الماضي لكن الاضطرابات السياسية التي خلقتها الإمارات في المدينة أخرت تشغيل المحطة.
واستغلت دولة الإمارات تأخر تشغيل المحطة لعشرة أيام في مهاجمة قطر عبر مواقعها الإلكترونية ومواقع وناشطين موالين لها. ونشر موقع إرم نيوز تقريرا يتهم فيه قطر أنها المتسبب الحقيقي في تأخير حل أزمة كهرباء عدن، لكن حبل الكذب كان قصيرا، وافتتح رئيس الحكومة اليمنية محطة توليد الكهرباء الممولة قطريا يوم 26 مايو/ أيار.
بعد افتتاح المحطة الممولة قطريا وفي مساء اليوم نفسه، ومع ملاحظة الارتياح الشعبي للمنحة القطرية، حاولت الإمارات أن تسجل حضورها وصرفت المزيد من الوعود مجددا، حيث نشرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) خبرا يقول، إنه بتوجيهات رئيس الدولة .. الإمارات تدعم كهرباء اليمن بـ100 ميغاواط إضافية، وخرجت البيان الإماراتية بمانشيت: الإمارات تضيء اليمن.
تقول، منى سالم، موظفة: "خلال عامين لم تقدم الإمارات لسكان عدن سوى الوعود، باعت لهم الوهم مقابل شرائهم، فيما قطر وعدت وأوفت بوعودها دون ضجيج".
وقال مسؤول في كهرباء عدن، إن الكهرباء في المدينة شهدت تحسنا مع دخول الدعم القطري حيز الخدمة. وأكد في تصريحات، أن عدد ساعات انقطاع التيار انحسرت من 18 ساعة في اليوم إلى 11 ساعة، مقابل 13 ساعة من العمل، لكن شبكة الكهرباء لا تزال تعاني عجزا في التوليد وتحتاج 160 ميغاواطا إضافية.