ومن أبرز العقوبات التي قد تتعرض لها إيران هي منعها من شراء الدولار. إذ من المزمع أن تدخل حزمة العقوبات الأولى المفروضة على طهران حيز التنفيذ بتاريخ 6 أغسطس/ آب المقبل، حيث لن تتمكن الحكومة الإيرانية اعتبارا من هذا التاريخ من شراء الدولار الأميركي، كما لن تستطيع التجارة بالذهب والمعادن الثمينة.
وفي هذا السياق، رد الناطق باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، أن مصادر العملة الصعبة المتوفرة في البلاد تفوق المصروفات، ولا مشاكل بهذا الخصوص.
وأوضح خلال اجتماع لجنة الإشراف على الاقتصاد المقاوم، الأربعاء، في محافظة بوشهر، جنوب البلاد، أنه تم تخصیص أكثر من 5 ملیارات دولار بسعر 42 ألف ريال وقسم آخر بسعر 38 ألف ريال للدولار الواحد.
وإلى جانب ذلك، ستفرض واشنطن عقوبات تحظر بموجبها على طهران تجارة الألمنيوم والفولاذ والفحم، فضلا عن عقوبات في قطاع تصنيع السيارات، وفرض قيود على المعاملات بالريال الإيراني خارج إيران.
كما ستُطبق الحزمة الثانية من العقوبات على طهران بتاريخ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث ستُفرض بموجبها قيود دولية على الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، فضلا عن حظر شراء النفط والمواد البتروكيميائية ومنتجات البترول من إيران، وعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بشكل عام.
وستطاول العقوبات كذلك قطاع السفن الإيراني، كما ستُفرض قيود على تعاملات البنك المركزي الإيراني مع المؤسسات المالية الأجنبية.
ودعت وزارة الخزانة الأميركية رجال الأعمال والمؤسسات في أميركا لإنهاء علاقاتهم التجارية مع الحكومة الإيرانية أو نشاطاتهم في إيران حتى موعد أقصاه 4 نوفمبر، محذرة إياهم من أنهم سيتعرضون للعقوبات إذا لم يلتزموا بذلك اعتبارا من 5 نوفمبر.
وأعلن وزير الخزانة الأميركي أن بلاده ألغت التراخيص الممنوحة لشركتي "بوينغ" و"إيرباص" بشأن اتفاقيات بيع طائرات الركاب التي عقدتها مع الشركات الإيرانية.
وفي السياق النفطي، يحذر الخبراء من أن إعادة العقوبات على إيران التي تُعد ثالث أكبر دولة في "منظمة الدول المصدرة للبترول" (أوبك)، ستؤثر سلبا على مجال البترول الإيراني واستثماراته وإنتاجه وصادراته، ما سيؤدي إلى تراجع عرض البترول الإيراني في السوق العالمي وارتفاع أسعار البترول بالتالي.
ويبلغ معدل صادرات البترول الخام الإيراني مليوني برميل يوميا، نصفها يذهب إلى الصين والهند، وحوالي 25% منها إلى الدول الأوروبية.
ويتوقع الخبراء أن العقوبات ستسفر عن انخفاض الصادرات الإيرانية من البترول في المرحلة الأولى بمعدل 500 ألف برميل يوميا، فضلا عن تراجع الإنتاج اليومي من البترول الخام من 3.8 ملايين برميل يوميا بالوقت الحالي، لتصل إلى 2.9 مليون برميل يوميا.
وبفضل العقوبات الأميركية، تكون الاتفاقيات التي وقعتها شركة الطاقة الفرنسية "توتال"، والشركة الصينية الوطنية للبترول، مع الحكومة الإيرانية بخصوص الغاز الطبيعي، والتي تمتد إلى 20 عاما بقيمة 5 مليارات دولار، قد دخلت مرحلة حرجة. كما يحظر قرار ترامب على الحكومة والشركات الإيرانية توقيع اتفاقيات جديدة بمجال الطاقة.
وفي السياق، قال كينيتشي تاكي، مدير "كوزمو أويل إنرجي"، إن الشركة اليابانية تعتمد على نفط إيران في نحو 4 إلى 5% من إجمالي وارداتها من الخام، لكنها تستطيع إحلال إمدادات من دول مثل الكويت محله، إذا حدث أي تأثير نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. وأضاف أن الشركة غير متأكدة مما إذا كان سيتعين عليها تقليص وارداتها من النفط الإيراني إثر الخطوة الأميركية.
وفي إطار ردود الفعل، أوردت وكالة "إنترفاكس" الروسية تصريحا لسيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قال فيه إن موسكو ملتزمة بقوة بمواصلة توطيد أواصر روابطها مع إيران رغم قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات جديدة على طهران.
خيارات إيران
قال توماس بوغ، الخبير في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" المستقلة للأبحاث ومركزها لندن، إن هناك خياران أمام إيران عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز".
وأفاد بوغ في بيان مكتوب، بأن الخيار الأول هو استمرار التزام إيران بالاتفاق النووي مع الدول الأخرى، مثل إنكلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وفي هذه الحالة لن تفرض الدول الأوروبية قيودا على الطرق البحرية التي تتبعها إيران في تصدير البترول، لافتا إلى أن الدول الآسيوية لن تولي اهتماما بعقوبات ترامب وستستمر في استيراد البترول الإيراني.
أما في حال انسحاب إيران من الاتفاق وبدئها مجددا في برنامج تخصيب اليورانيوم، فأوضح أن الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات مجددا على الطرق البحرية الإيرانية، لافتا إلى أن التوتر التجاري بين بكين وواشنطن قد ينجم عنه استمرار الصين في استيراد البترول من إيران.
من جانبه، ريتشارد نيبهو، الباحث في مركز سياسات الطاقة العالمية التابع لجامعة كولومبيا بولاية نيويورك الأميركية، ونائب منسق العقوبات السابق في وزارة الخارجية الأميركية، لفت إلى احتمال أن يقف الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة بوجه قرار عقوبات ترامب.
وقال في تقرير أعده بهذا الخصوص، إن الضرائب الجمركية الإضافية أفسدت العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن ضغط ترامب على الدول الأوروبية، بدلا من التعاون معها في فرض العقوبات على إيران، سيُلحق الضرر بالرئيس الأميركي.
ولفت إلى أن بعض الدول وعلى رأسها الصين، تميل إلى خرق قرار العقوبات الأميركي، مشيرا إلى احتمال تخفيض إيران لأسعار البترول المُباع إلى هذه الدول.
(العربي الجديد)