في تطور جديد يتجه الاقتصاد اليمني نحو مزيد من الانقسام والتشظي في مؤسساته المالية السيادية، وهذه المرة بضوء أخضر وصريح من الإمارات التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال الجنوب، والذي ظهر في بيان حديث له من أبو ظبي يدعو من خلاله أنصاره وقواته إلى السيطرة بالقوة على جميع المؤسسات الإيرادية في جنوب البلاد.
ويأتي ذلك ضمن مساعٍ إماراتية تستهدف من خلال هذه الخطوة خلط الأوراق على الحكومة الشرعية والعمل في اتجاه معاكس لها على الأرض كي يثبت فشلها في إيقاف نزيف الريال اليمني، وبالتالي إحداث إرباك في الملف الاقتصادي ودفعه إلى مزيد من التدهور وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن يمنية بسبب تفاقم الأزمات المعيشية وتهاوي الريال.
وتهاوت العملة اليمنية خلال الأيام الماضية، وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد 800 ريال في السوق السوداء بالعاصمة المؤقتة عدن (جنوب) التي تعيش مع عدد من المحافظات الأخرى حالة من السخط الشعبي والإضراب الشامل، على وقع أزمة الريال وارتفاع الأسعار.
وفي إطار تصاعد الاحتجاجات الشعبية، شهدت مدينة تعز، جنوبي اليمن، أمس، تظاهرة حاشدة، احتجاجاً على أزمة انهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ورفضاً للممارسات التي ينتهجها التحالف السعودي الإماراتي.
وجابت حشود من المتظاهرين شوارع رئيسية في تعز، وردد المشاركون هتافات تندد بالأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى ذروتها بانهيار العملة المحلية، أمام العملات الأجنبية، إضافة إلى ترديد شعارات تدعو إلى رحيل التحالف وتتهمه بالخروج عن الأهداف المعلنة بـ"دعم الشرعية". ورفع المشاركون خلال التظاهرة التي جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، لافتات تهاجم التحالف وتقول إنه "خرج من مربع مساندة الشرعية إلى الوصاية والاحتلال ومصادرة القرار اليمني".
مزيد من التدهور للعملة
وتشهد تعز ومدن يمنية أخرى، احتجاجات منذ أيام، على أثر التدهور غير المسبوق للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وما رافق ذلك من ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية.
وينظر يمنيون إلى التحالف السعودي الإماراتي بوصفه مسؤولاً عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، نتيجة الحرب الدائرة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ونصف، فضلاً عن الممارسات المباشرة التي تنتهجها دول التحالف (الإمارات - السعودية)، في المناطق غير الخاضعة للحوثيين.
ورجّح محللو اقتصاد، أن تشهد العملة اليمنية مزيدا من التدهور على خلفية التوتر السياسي بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، والحركة الداعية لانفصال الجنوب والمدعومة من قبل دولة الإمارات.
وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن المجلس الجنوبي الانفصالي، استبق عودة الحكومة واللجنة الاقتصادية إلى عدن والتي كانت مقررة أمس الخميس، بالدعوة إلى انتفاضة شعبية للسيطرة على مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة حيث مقر الحكومة.
وقررت الحكومة، بحسب المصادر، العودة إلى عدن من العاصمة السعودية الرياض، لتنفيذ معالجات اقتصادية بهدف إنقاذ العملة المحلية وتفعيل دور البنك المركزي في ضبط سوق الصرف، إلا أن الاحداث الاخيرة ستعرقل عملها.
اقــرأ أيضاً
ويرى أستاذ الاقتصاد اليمني محمد الزوبة في حديث لـ "العربي الجديد" أن التحالف السعودي الإماراتي أصبح يعبث في ملف الاقتصاد اليمني ويتحكم بمصير العملة الوطنية على المكشوف، وذلك بالتزامن مع سعيه لخلط أوراق المشهد السياسي والعسكري وإنشاء "كانتونات" متعددة داخل الجغرافيا اليمنية، تنفذ أوامره ويحقق من خلالها الاستحواذ على إمكانات الدولة ومواردها من خلال انقلاب جديد للمجلس الانتقالي في الجنوب، كما فعلت جماعة الحوثي في 2014 عندما استخدمت مبرر قرار رفع أسعار الوقود لتسخين الشارع وتنظيم مظاهرات ساخطة استولت على أثرها قوات الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات.
وأوضح الخبير الاقتصادي الزوبة بأن ما يأمله اليمنيون اليوم من السعودية والإمارات هو مساندة الحكومة الشرعية، وتمكينها من استخدام مواردها الاقتصادية لوقف التدهور الحاد للعملة اليمنية، وإعادة تصدير النفط والغاز من أجل الاستفادة من مواردها.
وأضاف الزوبة: "لم يكن اليمنيون ينتظروا من الإمارات أن تقوم بالإيعاز إلى أدواتها في عدن بالسيطرة على موارد الدولة وبينها الموانئ التي تعيق نشاطها طوال الفترات الماضية وترتب عليه انهيار ما تبقى من منظومة الاقتصاد اليمني في مشهد تريد به تنفيذ مخطط يرمي إلى تقسيم اليمن والاستفادة من إمكاناته وموقعه الجغرافي والموانئ والجزر الواعدة اقتصاديا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد".
إعلان حرب
المحلل الاقتصادي حسام السعيدي، أكد أن دعوات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" لانتفاضة شعبية ضد الحكومة بمثابة إعلان حرب، وستدفع الريال لمزيد من التدهور، وقال لـ"العربي الجديد": هذه الدعوات ستعطل البنك المركزي وأعمال صرف المرتبات والمطار ومظاهر الحياة بشكل عام.
ولا تسيطر الحكومة الشرعية على الأرض والموارد بل تعمل من المنفى في العاصمة السعودية الرياض، فيما تسيطر فصائل محلية مسلحة على العاصمة المؤقتة عدن، دعمتها الإمارات وسلّحتها وتدفع أجورها بالعملة الإماراتية الدرهم.
وتسيطر قوات إماراتية وقوات محلية موالية من المجلس الجنوبي الانفصالي، على منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال وعلى حقول النفط بمحافظة شبوة (جنوب شرق البلاد)، وتمنع تصدير الغاز والنفط.
الخبير والباحث في هيئة النفط اليمنية لبيب ناشر، أوضح أن منع الإمارات للحكومة الشرعية من تصدير النفط هو أحد أهم أسباب انهيار الاقتصاد الوطني والعملة، وقال لـ"العربي الجديد" إذا لم تتخذ الحكومة الشرعية قراراً سريعاً بإعادة إنتاج النفط وتصديره سيستمر انهيار العملة إلى مالا نهاية".
وأشار الباحث اليمني، إلى أن الانتفاضة ضد الحكومة الشرعية هي هدف التحالف السعودي الإماراتي من تجويع اليمنيين، وأكد أن الحكومة أمام اختبار مصيري، إما أن تكسر قيد الإمارات على نفط البلاد باسم رمق المواطن، وإما أن تسقط أمام عمليات التآمر المتواصلة وثورة الشعب الجائع.
وكان وزير النقل في حكومة الرئيس اليمني عبد ربه هادي، صالح الجبواني، قد اتهم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن بالوقوف وراء انهيار العملة اليمنية.
وحسب حديث الخبير الاقتصادي اليمني أحمد سعيد شماخ لـ"العربي الجديد" فإن هذا التصعيد الخطير ليس بجديد على التحالف، وتندرج سلوكياته ضمن الحرب على اليمن في الجانب الاقتصادي والنقدي وإيصال الوضع إلى حال كارثي يعمق الأزمة الإنسانية حتى يسهل له السيطرة على البلاد ومقدراته لاحقاً.
وفي نفس السياق، قال الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي لـ"العربي الجديد" إنه لو سمح التحالف والإمارات للشركات النفطية اليمنية باستعادة نشاطها الإنتاجي دون قيود وتسهيل ظروف التصدير، حيث بإمكان شركة صافر النفطية رفع إنتاجها إلى 35 ألف برميل يومياً ومثل هذا الرقم من شركة "جنة هنت" في قطاع 5 بمحافظتي مأرب (وسط) وشبوة (جنوب).
وتابع العوبلي: بالإضافة إلى ذلك يمكن للحكومة اليمنية أن تعمل على إعادة إنتاج ما يقارب 40 ألف برميل يومياً من شركة بترومسيلة في حضرموت "شرق"، وكذلك أيضا يمكن إنتاج 20 ألف برميل يومياً من الشركات الأخرى مثل شركة "أو إم في" وشركة "كالفالي ووايكوم".
اقــرأ أيضاً
كما أن تلك الكميات من الإنتاج النفطي يمكن مضاعفتها، بحسب خبراء اقتصاديين، في حال وجدت الحكومة اليمنية البيئة المناسبة لتطوير الآبار والقيام باستكشافات جديدة على المديين المتوسط والطويل.
الوضع نفسه أيضا فيما يتعلق بالغاز المسال في اليمن حيث بمقدور الحكومة اليمنية استعادة ما لا يقل عن مليار دولار من الإيرادات الناتجة عن تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف في محافظة شبوة (جنوب).
دور مشبوه للإمارات
ولمّح رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر ومسؤولون حكوميون إلى دور مشبوه للإمارات في مفاقمة الأزمة الاقتصادية، كما لم تجد اتصالات الرئيس عبد ربه منصور هادي بالعاهل السعودي من أجل طلب وديعة عاجلة لإنقاذ الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، واعتبر مراقبون دعم السعودية للبنك المركزي اليمني بـ 200 مليون دولار بداية الأسبوه مجرد تخدير مؤقت لن يساهم في حل جذري للأزمة المتصاعدة.
وكان ناشطون يمنيون قد أطلقوا خلال الأيام الماضية حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بالخروج لتنفيذ ثورة شعبية ضد الجميع بسبب سوء الأوضاع المعيشية.
ولا تزال التظاهرات والإضرابات الشعبية في عدد من المحافظات مستمرة، ويحمل اليمنيون للتحالف والحكومة والحوثيين المسؤولية الكاملة عن الكوارث التي تمر بها بلادهم ويطالبون بسرعة توفير حلول عاجلة للأزمات المعيشية.
عدن مهددة بالظلام
وفي سياق تأزم الأوضاع المعيشية، فإن العاصمة المؤقتة عدن حيث مقر الحكومة (جنوبي البلاد) وثلاث محافظات مجاورة باتت مهددة بالظلام نتيجة نقص الوقود، وأوضحت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن وقود محطات توليد الكهرباء من مادتي المازوت و الديزل (السولار)، سينفد خلال أيام.
وتعاني مدينة عدن منذ أسبوعين انقطاعات متواصلة في التيار الكهربائي تمتد لساعات طويلة، وقال مواطنون إن الكهرباء تنقطع لأكثر من 10 ساعات في اليوم، مما فاقم من معاناة السكان الذين يواجهون أزمات متزايدة وارتفاعا في أسعار السلع بفعل التضخم الناتج عن تهاوي العملة المحلية.
وشهدت محطات توليد الطاقة في عدن وثلاث محافظات مجاورة هي: لحج وأبين والضالع، خروجا جزئيا عن الخدمة منذ 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، بسبب نقص الوقود وزاد عدد ساعات انقطاع التيار حتى وصلت إلى ذروتها يومي 28 و29 من الشهر نفسه.
وأرجع مسؤول محلي بوزارة الكهرباء، زيادة ساعات انقطاع التيار إلى تراجع كميات الوقود المخصصة لمحطات توليد الكهرباء من قبل شركة مصافي عدن الحكومية إلى النصف، نتيجة متأخرات مالية على الحكومة للتجار المستوردين.
المتحدث باسم شركة مصافي عدن، ناصر شائف أكد لـ"العربي الجديد" أن وضع الكهرباء شهد تحسنا خلال السبت والأحد الماضيين، بعد أن ضخت الشركة 3300 طن متري من مادة الديزل المخصص لمحطات الكهرباء في عدن.
وقال مسؤول في شركة النفط الحكومية لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة وصلت إلى مرحلة العجز عن استيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء بسبب أزمة السيولة من عملة الدولار، لذا لجأت إلى الاستيراد عبر شركات تجارية مع تعهدات بالدفع كل أربعة أشهر وبالعملة المحلية، ومرت عدة أشهر وتراكمت المديونية على الحكومة".
وتهاوت العملة اليمنية خلال الأيام الماضية، وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد 800 ريال في السوق السوداء بالعاصمة المؤقتة عدن (جنوب) التي تعيش مع عدد من المحافظات الأخرى حالة من السخط الشعبي والإضراب الشامل، على وقع أزمة الريال وارتفاع الأسعار.
وفي إطار تصاعد الاحتجاجات الشعبية، شهدت مدينة تعز، جنوبي اليمن، أمس، تظاهرة حاشدة، احتجاجاً على أزمة انهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ورفضاً للممارسات التي ينتهجها التحالف السعودي الإماراتي.
وجابت حشود من المتظاهرين شوارع رئيسية في تعز، وردد المشاركون هتافات تندد بالأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى ذروتها بانهيار العملة المحلية، أمام العملات الأجنبية، إضافة إلى ترديد شعارات تدعو إلى رحيل التحالف وتتهمه بالخروج عن الأهداف المعلنة بـ"دعم الشرعية". ورفع المشاركون خلال التظاهرة التي جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، لافتات تهاجم التحالف وتقول إنه "خرج من مربع مساندة الشرعية إلى الوصاية والاحتلال ومصادرة القرار اليمني".
مزيد من التدهور للعملة
وتشهد تعز ومدن يمنية أخرى، احتجاجات منذ أيام، على أثر التدهور غير المسبوق للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وما رافق ذلك من ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية.
وينظر يمنيون إلى التحالف السعودي الإماراتي بوصفه مسؤولاً عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، نتيجة الحرب الدائرة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ونصف، فضلاً عن الممارسات المباشرة التي تنتهجها دول التحالف (الإمارات - السعودية)، في المناطق غير الخاضعة للحوثيين.
ورجّح محللو اقتصاد، أن تشهد العملة اليمنية مزيدا من التدهور على خلفية التوتر السياسي بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، والحركة الداعية لانفصال الجنوب والمدعومة من قبل دولة الإمارات.
وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن المجلس الجنوبي الانفصالي، استبق عودة الحكومة واللجنة الاقتصادية إلى عدن والتي كانت مقررة أمس الخميس، بالدعوة إلى انتفاضة شعبية للسيطرة على مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة حيث مقر الحكومة.
وقررت الحكومة، بحسب المصادر، العودة إلى عدن من العاصمة السعودية الرياض، لتنفيذ معالجات اقتصادية بهدف إنقاذ العملة المحلية وتفعيل دور البنك المركزي في ضبط سوق الصرف، إلا أن الاحداث الاخيرة ستعرقل عملها.
ويرى أستاذ الاقتصاد اليمني محمد الزوبة في حديث لـ "العربي الجديد" أن التحالف السعودي الإماراتي أصبح يعبث في ملف الاقتصاد اليمني ويتحكم بمصير العملة الوطنية على المكشوف، وذلك بالتزامن مع سعيه لخلط أوراق المشهد السياسي والعسكري وإنشاء "كانتونات" متعددة داخل الجغرافيا اليمنية، تنفذ أوامره ويحقق من خلالها الاستحواذ على إمكانات الدولة ومواردها من خلال انقلاب جديد للمجلس الانتقالي في الجنوب، كما فعلت جماعة الحوثي في 2014 عندما استخدمت مبرر قرار رفع أسعار الوقود لتسخين الشارع وتنظيم مظاهرات ساخطة استولت على أثرها قوات الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات.
وأوضح الخبير الاقتصادي الزوبة بأن ما يأمله اليمنيون اليوم من السعودية والإمارات هو مساندة الحكومة الشرعية، وتمكينها من استخدام مواردها الاقتصادية لوقف التدهور الحاد للعملة اليمنية، وإعادة تصدير النفط والغاز من أجل الاستفادة من مواردها.
وأضاف الزوبة: "لم يكن اليمنيون ينتظروا من الإمارات أن تقوم بالإيعاز إلى أدواتها في عدن بالسيطرة على موارد الدولة وبينها الموانئ التي تعيق نشاطها طوال الفترات الماضية وترتب عليه انهيار ما تبقى من منظومة الاقتصاد اليمني في مشهد تريد به تنفيذ مخطط يرمي إلى تقسيم اليمن والاستفادة من إمكاناته وموقعه الجغرافي والموانئ والجزر الواعدة اقتصاديا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد".
إعلان حرب
المحلل الاقتصادي حسام السعيدي، أكد أن دعوات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" لانتفاضة شعبية ضد الحكومة بمثابة إعلان حرب، وستدفع الريال لمزيد من التدهور، وقال لـ"العربي الجديد": هذه الدعوات ستعطل البنك المركزي وأعمال صرف المرتبات والمطار ومظاهر الحياة بشكل عام.
ولا تسيطر الحكومة الشرعية على الأرض والموارد بل تعمل من المنفى في العاصمة السعودية الرياض، فيما تسيطر فصائل محلية مسلحة على العاصمة المؤقتة عدن، دعمتها الإمارات وسلّحتها وتدفع أجورها بالعملة الإماراتية الدرهم.
وتسيطر قوات إماراتية وقوات محلية موالية من المجلس الجنوبي الانفصالي، على منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال وعلى حقول النفط بمحافظة شبوة (جنوب شرق البلاد)، وتمنع تصدير الغاز والنفط.
الخبير والباحث في هيئة النفط اليمنية لبيب ناشر، أوضح أن منع الإمارات للحكومة الشرعية من تصدير النفط هو أحد أهم أسباب انهيار الاقتصاد الوطني والعملة، وقال لـ"العربي الجديد" إذا لم تتخذ الحكومة الشرعية قراراً سريعاً بإعادة إنتاج النفط وتصديره سيستمر انهيار العملة إلى مالا نهاية".
وأشار الباحث اليمني، إلى أن الانتفاضة ضد الحكومة الشرعية هي هدف التحالف السعودي الإماراتي من تجويع اليمنيين، وأكد أن الحكومة أمام اختبار مصيري، إما أن تكسر قيد الإمارات على نفط البلاد باسم رمق المواطن، وإما أن تسقط أمام عمليات التآمر المتواصلة وثورة الشعب الجائع.
وكان وزير النقل في حكومة الرئيس اليمني عبد ربه هادي، صالح الجبواني، قد اتهم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن بالوقوف وراء انهيار العملة اليمنية.
وحسب حديث الخبير الاقتصادي اليمني أحمد سعيد شماخ لـ"العربي الجديد" فإن هذا التصعيد الخطير ليس بجديد على التحالف، وتندرج سلوكياته ضمن الحرب على اليمن في الجانب الاقتصادي والنقدي وإيصال الوضع إلى حال كارثي يعمق الأزمة الإنسانية حتى يسهل له السيطرة على البلاد ومقدراته لاحقاً.
وفي نفس السياق، قال الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي لـ"العربي الجديد" إنه لو سمح التحالف والإمارات للشركات النفطية اليمنية باستعادة نشاطها الإنتاجي دون قيود وتسهيل ظروف التصدير، حيث بإمكان شركة صافر النفطية رفع إنتاجها إلى 35 ألف برميل يومياً ومثل هذا الرقم من شركة "جنة هنت" في قطاع 5 بمحافظتي مأرب (وسط) وشبوة (جنوب).
وتابع العوبلي: بالإضافة إلى ذلك يمكن للحكومة اليمنية أن تعمل على إعادة إنتاج ما يقارب 40 ألف برميل يومياً من شركة بترومسيلة في حضرموت "شرق"، وكذلك أيضا يمكن إنتاج 20 ألف برميل يومياً من الشركات الأخرى مثل شركة "أو إم في" وشركة "كالفالي ووايكوم".
كما أن تلك الكميات من الإنتاج النفطي يمكن مضاعفتها، بحسب خبراء اقتصاديين، في حال وجدت الحكومة اليمنية البيئة المناسبة لتطوير الآبار والقيام باستكشافات جديدة على المديين المتوسط والطويل.
الوضع نفسه أيضا فيما يتعلق بالغاز المسال في اليمن حيث بمقدور الحكومة اليمنية استعادة ما لا يقل عن مليار دولار من الإيرادات الناتجة عن تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف في محافظة شبوة (جنوب).
دور مشبوه للإمارات
ولمّح رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر ومسؤولون حكوميون إلى دور مشبوه للإمارات في مفاقمة الأزمة الاقتصادية، كما لم تجد اتصالات الرئيس عبد ربه منصور هادي بالعاهل السعودي من أجل طلب وديعة عاجلة لإنقاذ الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، واعتبر مراقبون دعم السعودية للبنك المركزي اليمني بـ 200 مليون دولار بداية الأسبوه مجرد تخدير مؤقت لن يساهم في حل جذري للأزمة المتصاعدة.
وكان ناشطون يمنيون قد أطلقوا خلال الأيام الماضية حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بالخروج لتنفيذ ثورة شعبية ضد الجميع بسبب سوء الأوضاع المعيشية.
ولا تزال التظاهرات والإضرابات الشعبية في عدد من المحافظات مستمرة، ويحمل اليمنيون للتحالف والحكومة والحوثيين المسؤولية الكاملة عن الكوارث التي تمر بها بلادهم ويطالبون بسرعة توفير حلول عاجلة للأزمات المعيشية.
عدن مهددة بالظلام
وفي سياق تأزم الأوضاع المعيشية، فإن العاصمة المؤقتة عدن حيث مقر الحكومة (جنوبي البلاد) وثلاث محافظات مجاورة باتت مهددة بالظلام نتيجة نقص الوقود، وأوضحت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن وقود محطات توليد الكهرباء من مادتي المازوت و الديزل (السولار)، سينفد خلال أيام.
وتعاني مدينة عدن منذ أسبوعين انقطاعات متواصلة في التيار الكهربائي تمتد لساعات طويلة، وقال مواطنون إن الكهرباء تنقطع لأكثر من 10 ساعات في اليوم، مما فاقم من معاناة السكان الذين يواجهون أزمات متزايدة وارتفاعا في أسعار السلع بفعل التضخم الناتج عن تهاوي العملة المحلية.
وشهدت محطات توليد الطاقة في عدن وثلاث محافظات مجاورة هي: لحج وأبين والضالع، خروجا جزئيا عن الخدمة منذ 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، بسبب نقص الوقود وزاد عدد ساعات انقطاع التيار حتى وصلت إلى ذروتها يومي 28 و29 من الشهر نفسه.
وأرجع مسؤول محلي بوزارة الكهرباء، زيادة ساعات انقطاع التيار إلى تراجع كميات الوقود المخصصة لمحطات توليد الكهرباء من قبل شركة مصافي عدن الحكومية إلى النصف، نتيجة متأخرات مالية على الحكومة للتجار المستوردين.
المتحدث باسم شركة مصافي عدن، ناصر شائف أكد لـ"العربي الجديد" أن وضع الكهرباء شهد تحسنا خلال السبت والأحد الماضيين، بعد أن ضخت الشركة 3300 طن متري من مادة الديزل المخصص لمحطات الكهرباء في عدن.
وقال مسؤول في شركة النفط الحكومية لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة وصلت إلى مرحلة العجز عن استيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء بسبب أزمة السيولة من عملة الدولار، لذا لجأت إلى الاستيراد عبر شركات تجارية مع تعهدات بالدفع كل أربعة أشهر وبالعملة المحلية، ومرت عدة أشهر وتراكمت المديونية على الحكومة".