تمر الأيام ثقيلة على المواطن الفلسطيني علاء الكفارنة، الذي لم يتمكن من إعادة بناء منزله المدمر كلياً في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، إذ ظل ينتظر كما المئات من الغزيين المدمرة منازلهم، دون جدوى.
وتنتظر أكثر من 2400 أسرة دمرت منازلها كلياً، أن يحالفها الحظ خلال عام 2019 وأن تكون من بين الأسر التي يعاد ترميم منازلها، بينما تزداد المعاناة، ولا سيما مع توقف المؤسسات الدولية كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عن دفع بدل إيجارات لهم.
ويقول الكفارنة لـ "العربي الجديد"، إنه ينتظر وأسرته المكونة من 6 أفراد منذ أكثر من 4 سنوات أن يحالفهم الحظ وأن يجري إعادة بناء منزلهم المدمر، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويؤكد أن معاناته تفاقمت منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي، نتيجة توقف الأونروا عن دفع بدل إيجارات للمتضررة منازلهم في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بذريعة الأزمة المالية التي تمر بها وهو ما انعكس بالسلب عليهم.
وبحسب الكفارنة، فإن معاناتهم تتفاقم حالياً نتيجة الأزمة المتعلقة بهم، إذ تعتبر الأراضي التي كانت تقيم عليها منازلهم قبل تدميرها في العدوان الأخير على غزة أراض حكومية، وهو ما يتطلب إعادة تسويتها مع الجهات الحكومية من أجل إعادة إعمارها.
ويشير إلى أنه لا توجد أي بوادر من أجل أن يشهد عام 2019 حلاً لمشكلتهم، في ظل مرور أكثر من 4 سنوات على الحرب الأخيرة على القطاع، وبقاء مئات المنازل دون أن تجري إعادة إعمارها حتى اللحظة.
ويتعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف المنازل والمنشآت المدنية والاقتصادية، في حروبها التي تشنها على القطاع كما حدث خلال السنوات الماضية، وهو ما أدى إلى تدمير الآلاف منها ما بين دمار كلي وبالغ وجزئي وطفيف.
وتعهدت الدول المشاركة في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة، الذي عقد في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، بدفع 5.4 مليارات دولار لصالح إعادة الإعمار ودعم موازنة السلطة، إلا أن الكثير من الدول لم تنفذ تعهداتها.
يقول وكيل وزارة الأشغال العامّة والإسكان في غزة ناجي سرحان لـ"العربي الجديد"، إن إجمالي ما جرى إعادة إعماره حتى اللحظة هو 9 آلاف وحدة سكنية، بين وحدات سكنية تم إعمارها أو أنها تحت الإعمار، أو تم توفير تمويل لذلك.
ويوضح سرحان أن نحو 11 ألف وحدة تم تدميرها في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ونحو ألف وحدة سكنية دمرت في الحروب التي سبقت العدوان الإسرائيلي عام 2014.
ووفقاً للمسؤول الحكومي في غزة، فإن عملية إعادة الإعمار تواجه العديد من الظروف الصعبة، نتيجة صعوبة دخول موادّ البناء إلى القطاع وعدم التزام مختلف الدول بالتعهدات، التي قطعتها على نفسها في مؤتمر القاهرة 2014.
ويقدر عدد الوحدات السكنية الباقية، التي تحتاج إلى إعادة إعمار بنحو 2700 وحدة سكنية، إذ تحتاج هذه الوحدات لنحو 100 مليون دولار من أجل إنهاء ملف المنازل المدمرة كلياً طوال السنوات الماضية، كما يبين المسؤول الحكومي.
ويقول إن " توفير هذا المبلغ أمر هيّن بالنسبة للدول وتعهداتها المالية"، مشيراً إلى أن تدبيره سينهي ملف إعادة الإعمار، رغم أن إجمالي المبالغ التي دفعتها الدول هو مليارا دولار فقط من أصل 5.4 مليارات دولار.
ويتوقع سرحان، أن يتم الانتهاء من ملف إعادة إعمار المنازل المدمرة كلياً خلال عام 2019، وفقاً للوتيرة التي تسير بها الأعمال حالياً، بالرغم من الظروف والعقبات التي شهدها هذا الملف طوال السنوات الخمس الماضية.
وعن المشاكل التي تعترض بعض العائلات المدمرة منازلها، يوضح المسؤول الحكومي أن وجود بعض المنازل على أراضٍ حكومية أسهم في عوق إعمار بعضها، غير أن وزارته عرضت عليها إما الحصول على شقة سكنية بديلة وإما القيام بتسوية الإشكالية وتوفير أرض بديلة منها.
ويلفت إلى أن توقف الأونروا عن دفع بدل الإيجارات بذريعة غياب التمويل منذ منتصف عام 2018، بالإضافة لتوقف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن الدفع منذ يناير/ كانون الأول 2018، عزز مشكلة المدمرة منازلهم.
ويضيف أنه تم الاتفاق مع هذه المؤسسات على أن يجري ترميم منازل هذه الأسر، وترسيم اسمها ضمن المنح والتمويل القادم لحل هذا الملف، في ظل عدم دفع بدل الإيجارات لهم وتوقفه بسبب الأزمات المالية وغياب الموازنة.
ويحتاج القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 إلى نحو 100 ألف وحدة سكنية لحل أزمة العجز الإسكاني، إذ يقدر عدد الوحدات السكنية التي يحتاج إليها القطاع سنوياً بنحو 14 ألف وحدة في ظل الزيادة السكانية الكبيرة.
ويعاني قطاع غزة ترديا اقتصادياً وظروفاً معيشية صعبة في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل للعام الثاني عشر على التوالي. وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، قبل يومين، استمرار معدلات البطالة في الارتفاع بشكلٍ كبير في القطاع، مقارنة بذات المعدلات في الضفة الغربية المحتلة خلال عام 2018.
وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة في القطاع بلغت خلال العام الماضي 52% مقابل 44% في العام السابق عليه، بينما بلغت في الضفة الغربية 18% مقارنة بنحو 19% في 2017.