لم تعد العودة إلى الاستدانة الخارجية من المحظورات والممنوعات في الخطاب الرسمي الجزائري، بعدما ظلت تستبعدها الحكومة لسنوات طويلة، لكن الأزمة المالية التي تعيشها الدولة النفطية فرضت متغيرات لم تكن في الحسبان.
ولا تكاد كل تصريحات الحكومة الجزائرية تخلو من الإشارة إلى ضرورة العودة إلى الاستدانة الخارجية كحلٍ لمواجهة تقلص الموارد المالية الذي أحدثه تواصل انهيار أسعار النفط في السوق العالمية، مع وعود بأن تبقى هذه الاستدانة في إطار المسموح به وبدون "إفراط".
وقال وزير المالية، حاجي بابا عمي، قبل يومين، إن "رئيس الوزراء عبد المالك سلال استبعد الاستعانة بالاستدانة الخارجية المفرطة، لكنه لم يقل إن الاستدانة من الخارج ممنوعة، خاصة أن الجزائر اقترضت مؤخرا قرابة المليار دولار من البنك الأفريقي للتنمية".
وأضاف بابا عمي أن الحكومة لم تقرر شيئا في هذا النحو في الوقت الراهن.
من جهته، قال رئيس الوزراء، السبت الماضي، إن الجزائر على أعتاب الاستدانة، لكن بمستويات ضئيلة. وجهّزت الحكومة قائمة بالمؤسسات المالية التي من المرجّح أن تستدين منها الجزائر مستقبلا.
ويتعلق الأمر بكل من البنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلى البنك الجزائري الليبي والبنك الجزائري التونسي.
وكشف مدير ديوان الرئيس الجزائري والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني قوة سياسية في الجزائر)، أحمد أويحي، أن الجزائر ستضطر إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي ما يعادل 5 مليارات دولار سنويا ابتداء من السنة المقبلة، وذلك إذا تواصل انهيار سعر برميل النفط، وهي التصريحات التي أحدثت زلزالا في الطبقة السياسية والاقتصادية، نظرا لمكانة أويحي في منظومة الحكم الجزائرية.
وكانت الجزائر قد دشنت عودتها إلى الاستدانة الخارجية من باب البنك الأفريقي للتنمية الذي أقرض الجزائر مطلع الشهر الجاري 990 مليون دولار، وذلك بعد ثماني سنوات من مغادرة الجزائر نادي المقترضين.
وسبق أن صاحب عملية الاقتراض هذه سجال وجدال كبيران، حيث تحوّل الملف إلى ورقة تتجاذبها الأحزاب السياسية في الجزائر، بعدما قررت الحكومة فتح باب الاستدانة الخارجية أمام المؤسسات العمومية بعد موافقة مجلس الوزراء، تلك موافقة بمثابة ضمان حكومي لتسديد الدين في حال ما إذا عجزت المؤسسات على دفعه.
وفي تحليل للخطاب الرسمي، يرى الخبير الاقتصادي محمد مقران صديقي، أن الحكومة الجزائرية تعيد سيناريو الأزمة المالية، حيث كانت في البداية ترفض الحديث عن وجود أزمة، ثم أقرت بوجودها قبل أن تصارح الشعب بالحقيقة.
وأضاف: "اليوم الحكومة لم تجد من سبيل آخر لتأجيل الاستدانة الخارجية بعد جفاف منابع النفط، وبالتالي بدأت تمهد الطريق للاستدانة من خلال استعمال متغير جديد هو القروض الخارجية".
وتبدو عودة الاستدانة الخارجية في الخطاب الحكومي بالموازاة مع عودتها في الواقع، أمرا لا مفر منه في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب، حسب الخبراء، خاصة أن الحكومة توقعت عجزا في الميزانية المخصصة للسنة القادمة بما يقارب 12 مليار دولار في حال كانت أسعار النفط فوق عتبة 50 دولارا للبرميل، و14 مليار دولار في حال ما بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الراهنة بين 45 و50 دولارا للبرميل. يُضاف إلى ذلك تسجيل الخزينة العمومية عجزا قياسيا سيصل 30 مليار دولار عند نهاية السنة الحالية.
ويرى الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية الجزائرية، مالك سراي، أن استدانة الحكومة من الخارج باتت أمرا حتميا، وإن كان يستبعد توجه الجزائر إلى نادي باريس أو لندن أو حتى صندوق النقد الدولي، على اعتبار أن الجزائر تملك هامشا للتحرك ومجموعة من الخيارات في قائمة من يريد إقراضها.
وأضاف سراي أن تغير الخطاب الحكومي حيال الاستدانة الخارجية يبدو منطقيا واستباقيا لما هو آت.
وتوقعت الجزائر تراجع عائدات الصادرات النفطية خلال العام الجاري إلى 27.1 مليار دولار، مقابل 33.1 مليار دولار في 2015، و58.4 مليار دولار في 2014، و63.5 مليار دولار في 2013.
ومن غير المتوقع أن تتجاوز الصادرات خارج المحروقات 1.2 مليار دولار العام الجاري، مقابل 1.9 مليار دولار في 2015، فيما تسجل الواردات خلال العام الجاري 47 مليار دولار.
وحسب بيانات حديثة لوزارة المالية، جمعت الحكومة قرابة 568 مليار دينار جزائري (5 مليارات دولار) بفضل عملية الاستدانة الداخلية التي أطلقتها، خلال الفترة من 17 أبريل/نيسان إلى 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضيين.
اقــرأ أيضاً
ولا تكاد كل تصريحات الحكومة الجزائرية تخلو من الإشارة إلى ضرورة العودة إلى الاستدانة الخارجية كحلٍ لمواجهة تقلص الموارد المالية الذي أحدثه تواصل انهيار أسعار النفط في السوق العالمية، مع وعود بأن تبقى هذه الاستدانة في إطار المسموح به وبدون "إفراط".
وقال وزير المالية، حاجي بابا عمي، قبل يومين، إن "رئيس الوزراء عبد المالك سلال استبعد الاستعانة بالاستدانة الخارجية المفرطة، لكنه لم يقل إن الاستدانة من الخارج ممنوعة، خاصة أن الجزائر اقترضت مؤخرا قرابة المليار دولار من البنك الأفريقي للتنمية".
وأضاف بابا عمي أن الحكومة لم تقرر شيئا في هذا النحو في الوقت الراهن.
من جهته، قال رئيس الوزراء، السبت الماضي، إن الجزائر على أعتاب الاستدانة، لكن بمستويات ضئيلة. وجهّزت الحكومة قائمة بالمؤسسات المالية التي من المرجّح أن تستدين منها الجزائر مستقبلا.
ويتعلق الأمر بكل من البنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلى البنك الجزائري الليبي والبنك الجزائري التونسي.
وكشف مدير ديوان الرئيس الجزائري والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني قوة سياسية في الجزائر)، أحمد أويحي، أن الجزائر ستضطر إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي ما يعادل 5 مليارات دولار سنويا ابتداء من السنة المقبلة، وذلك إذا تواصل انهيار سعر برميل النفط، وهي التصريحات التي أحدثت زلزالا في الطبقة السياسية والاقتصادية، نظرا لمكانة أويحي في منظومة الحكم الجزائرية.
وكانت الجزائر قد دشنت عودتها إلى الاستدانة الخارجية من باب البنك الأفريقي للتنمية الذي أقرض الجزائر مطلع الشهر الجاري 990 مليون دولار، وذلك بعد ثماني سنوات من مغادرة الجزائر نادي المقترضين.
وسبق أن صاحب عملية الاقتراض هذه سجال وجدال كبيران، حيث تحوّل الملف إلى ورقة تتجاذبها الأحزاب السياسية في الجزائر، بعدما قررت الحكومة فتح باب الاستدانة الخارجية أمام المؤسسات العمومية بعد موافقة مجلس الوزراء، تلك موافقة بمثابة ضمان حكومي لتسديد الدين في حال ما إذا عجزت المؤسسات على دفعه.
وفي تحليل للخطاب الرسمي، يرى الخبير الاقتصادي محمد مقران صديقي، أن الحكومة الجزائرية تعيد سيناريو الأزمة المالية، حيث كانت في البداية ترفض الحديث عن وجود أزمة، ثم أقرت بوجودها قبل أن تصارح الشعب بالحقيقة.
وأضاف: "اليوم الحكومة لم تجد من سبيل آخر لتأجيل الاستدانة الخارجية بعد جفاف منابع النفط، وبالتالي بدأت تمهد الطريق للاستدانة من خلال استعمال متغير جديد هو القروض الخارجية".
وتبدو عودة الاستدانة الخارجية في الخطاب الحكومي بالموازاة مع عودتها في الواقع، أمرا لا مفر منه في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب، حسب الخبراء، خاصة أن الحكومة توقعت عجزا في الميزانية المخصصة للسنة القادمة بما يقارب 12 مليار دولار في حال كانت أسعار النفط فوق عتبة 50 دولارا للبرميل، و14 مليار دولار في حال ما بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الراهنة بين 45 و50 دولارا للبرميل. يُضاف إلى ذلك تسجيل الخزينة العمومية عجزا قياسيا سيصل 30 مليار دولار عند نهاية السنة الحالية.
ويرى الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية الجزائرية، مالك سراي، أن استدانة الحكومة من الخارج باتت أمرا حتميا، وإن كان يستبعد توجه الجزائر إلى نادي باريس أو لندن أو حتى صندوق النقد الدولي، على اعتبار أن الجزائر تملك هامشا للتحرك ومجموعة من الخيارات في قائمة من يريد إقراضها.
وأضاف سراي أن تغير الخطاب الحكومي حيال الاستدانة الخارجية يبدو منطقيا واستباقيا لما هو آت.
وتوقعت الجزائر تراجع عائدات الصادرات النفطية خلال العام الجاري إلى 27.1 مليار دولار، مقابل 33.1 مليار دولار في 2015، و58.4 مليار دولار في 2014، و63.5 مليار دولار في 2013.
ومن غير المتوقع أن تتجاوز الصادرات خارج المحروقات 1.2 مليار دولار العام الجاري، مقابل 1.9 مليار دولار في 2015، فيما تسجل الواردات خلال العام الجاري 47 مليار دولار.
وحسب بيانات حديثة لوزارة المالية، جمعت الحكومة قرابة 568 مليار دينار جزائري (5 مليارات دولار) بفضل عملية الاستدانة الداخلية التي أطلقتها، خلال الفترة من 17 أبريل/نيسان إلى 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضيين.