المصارف الإسلامية تكسب

19 مايو 2015
مصارف إسلامية في المغرب (أرشيف/Getty)
+ الخط -


لم يعان فرع في الاقتصاد من انتقادات حادة مثلما عانت المصارف الإسلامية، صحيح أن بعض الانتقادات كانت موضوعية وضرورية لإصلاح التجربة وأخطائها، لكن بعضها كان حاداً وغير لائق، فالانتقادات كانت تصل أحيانا إلى حد التجريح والتشكيك في التجربة بأكملها، وفى ذمة القائمين عليها، إذ كان بعضهم يطلق على هذه النوعية من البنوك اسم "بنوك العمامة واللحية" في إشارة إلي رمز الدولة الدينية في مصر وملابس خريجي الأزهر الشريف، أو "بنوك المشايخ" في محاولة للتقليل منها واعطاء انطباع بعدم حرفية العاملين في هذه البنوك وعدم تطبيقها القواعد المصرفية العالمية المتعارف عليها.

وللأسف ساعد في هذه الانتقادات الجارحة ممارسات خاطئة لشركات توظيف الأموال كما حدث في مصر في ثمانينات القرن الماضي، أو مصارف إسلامية أعلنت إفلاسها مثل بنك الاعتماد والتجارة العالمي الذي كان له فروعاً في عواصم أوروبية منها لندن.

ولم تقتصر الانتقادات على المناوئين لتجربة البنوك الإسلامية والكارهين لها والحاقدين عليها، بل شارك فيها أيضا علامات مثلت رمزاً للتجربة مثل الدكتور أحمد النجار، أبو البنوك الإسلامية، ومؤسس أول بنك إسلامي في العالم.

ورغم حملات التشكيك والانتقادات الموجهة لها، استطاعت المصارف الإسلامية أن تصمد وتعالج الانتقادات التي وجهت إليها علي مدي الأربعين سنة الماضية وأن تتوسع بشكل لافت للنظر، وبعد أن كنا نتكلم عن تأسيس بنكين إسلاميين في نهاية سبعينيات القرن الماضي في مصر والإمارات، وبعدها عدة بنوك متناثرة هنا وهناك خاصة في مصر ومنطقة الخليج، نلحظ الآن انتشارا سريعا لهذه البنوك في معظم دول العالم، بل وجدنا دولاً أجنبية كبري تتنافس على استضافة بنوك إسلامية تعمل في المنطقة العربية أو في دول جنوب شرق أسيا، حيث هناك انتشاراً كبيراً لهذه النوعية من البنوك كما هو الحال في ماليزيا.

كما تقوم دول أجنبية أخري بإصدار قوانين وسن تشريعات لتنظيم أنشطة الصيرفة الإسلامية على أراضيها، وآخر هذه الدول روسيا، وقبلها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، كما بدأت الصين تفتح أبوابها أيضًا للصناديق الإسلامية.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فهناك دول ومدن عالمية كبري باتت تتسابق على الفوز بلقب مدينة الصيرفة الإسلامية، مثل البحرين وماليزيا ولندن وإسطنبول ودبي والخرطوم.

وبعد أن كنا نتحدث عن البنوك الإسلامية فقط، بتنا الآن نتحدث عن صناعة ضخمة اسمها الصناعة المالية الإسلامية بما تحويه من مصارف وشركات تأمين تكافلي وصناديق استثمار وشركات إجارة وصكوك وغيرها من المنتجات المالية والمصرفية.

والأرقام، التي كشفها مؤتمر عقد في البحرين على مدى الثلاثة أيام الماضية، تشير إلى ضخامة هذه الصناعة التي باتت عالمية وليس محلية أو اقليمية، فبحسب الأرقام بلغ حجم سوق الصكوك العالمي 241 مليار دولار بنهاية 2014، يرتفع إلى 907 مليارات دولار بحلول 2020، وهناك توقعات بنمو حجم الصناديق الاستثمارية الإسلامية من 60 مليار دولار إلى 77 ملياراً بحلول 2019.

وهناك حديث الآن عن إقامة بنك مركزي إسلامي على غرار البنك المركزي الأوروبي، وكذا سوق مالية إسلامية عالمية.


اقرأ أيضاً: المصارف الإسلامية تبدأ نشاطها في روسيا وألمانيا