اتسعت دائرة الخلاف بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ومحافظ المصرف المركزي التركي، أرديم باشجي، خلال الأيام الماضية، على خلفية معارضة المصرف خفض أسعار الفائدة بنسبة كبيرة، وتخوف البعض من أن ينعكس الخلاف على سعر صرف الليرة أمام الدولار والعملات الرئيسية، ليشهد مزيدا من التراجع.
وصعّد أردوغان من انتقاداته للمصرف المركزي، اليوم الأحد، وقال إن هناك تهديدا خطيرا
جداً مما سماه بـ"لوبي أسعار الفائدة"، واصفاً أي شخص يدافع عن أسعار الفائدة العالية، بأنه خاضع لهذا اللوبي، وبأن ما يقوم به "خيانة للشعب".
وأصدر المصرف المركزي التركي، الأسبوع الماضي، قراراً بتخفيض الفائدة بنحو 0.25%،
كما خفض سعر إعادة الشراء (ريبو) لأجل أسبوع، وهو سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى 7.5%، إلا أن أردوغان لم ير ذلك كافياً، وقام بتصعيد ضغطه على المصرف، مطالباً إياه بتخفيض أكبر لأسعار الفائدة، في محاولة منه لخفض تكلفة الأموال، وبالتالي تشجيع الاستثمار.
وقال أردوغان إن الأسعار الحالية للفائدة تعوق النمو الاقتصادي في البلاد، وهو ما قد يقوض دعم حزبه مع استعداده لانتخابات عامة في يونيو/حزيران القادم.
وتعد انتقادات أردوغان المستمرة للسياسة النقدية التي يطبقها المصرف المركزي التركي، مصدرا لقلق المستثمرين الذين يخشون من إمكان أن يفقد المصرف المركزي استقلاله.
وكان أردوغان قد صعّد انتقاداته للمصرف المركزي، الأربعاء الماضي، وتساءل عما إذا كان المصرف يخضع لتأثير خارجي، محذرا من أن الشخصية الطيبة لمحافظه لا تبرر ضعف سياسته.
وكان عدد من المديرين من المستويات المتوسطة في المصرف المركزي التركي، قد تمت إقالتهم في يونيو/حزيران الماضي، بدون إبداء أسباب رسمية.
وهبطت العملة التركية إلى 2.4911 ليرة مقابل الدولار، بعد تصريحات أردوغان، متجهة صوب مستواها القياسي المنخفض عند 2.5155 ليرة للدولار، الذي سجلته قبل نحو ثلاثة أسابيع.
ولم يبدأ الخلاف بين أردوغان وباشجي حديثاً، بل بدأ منذ فترة، وزادت حدته في يناير/كانون الثاني 2014، مع زيادة معدلات الفائدة في البلاد، وفي 19 يناير/كانون الثاني 2014، قرر المصرف المركزي رفع أسعار الفائدة في المصارف بنحو 5.5 نقاط، للتقليل من ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة التركية، وتقليل حدة التأثيرات السلبية الخارجية على الاقتصاد.
ولم يحظ قرار المصرف المركزي بإعجاب رئيس الوزراء في ذلك الوقت، رجب طيب أردوغان؛ ووجه انتقادا للمصرف حينها، بسبب تخفيض الفائدة مرة أخرى بنحو 0.50% فقط، وعلق على ذلك الأمر حينها بالقول: "تخفيض الفائدة نصف نقطة تلو أخرى هو استهزاء بالشعب".
وبعد تصريحات أردوغان، الأسبوع الماضي، غاب محافظ المصرف المركزي، أردم باشجي، عن مكتبه، ما أثار ضجة من التساؤلات حول ما إذا كان قد استقال أم لا، على خلفية انتقادات أردوغان وضغطه باتجاه رفع أسعار الفائدة.
ورفض أردوغان، أمس السبت، الشائعات التي تقول إن باشجي ونائب رئيس الوزراء، علي باباجان، سيستقيلان في مواجهة انتقاداته، ووصفها بأنها "ثرثرة".
وخاطب أردوغان المصرف المركزي الشهر الماضي، بقوله: "ما الذي تنتظره أيها المصرف المركزي؟ ومن المؤكد أننا سنسمع بعد قولنا هذا من يتفوه بأن المصرف مستقل، ورئيسه كذلك سيقول وأنا مستقل أيضاً".
ووجه أردوغان انتقادا آخر لسياسات المصرف المركزي، بنهاية يناير/كانون الثاني، فيما يتعلق
بأسعار الفائدة، وقال إن الأسعار أكثر من ضعف توقعات التضخم في البلاد، وأضاف: "ما هذه اللخبطة في السياسات النقدية؟"، ليرتفع بعدها الدولار أمام الليرة مسجلا 2.43.
وقال عبدالله عبداللي، الخبير في الشؤون التركية، لـ"العربي الجديد" إن هناك أسبابا عدة وراء تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار والعملات الرئيسية، منها توقعات بتخفيض سعر الفائدة المصرفية، بعد شكوى رئيس الدولة أن المصرف المركزي لا يخفض سعر الفائدة.
ومطلع فبراير/شباط الماضي، وجه أردوغان انتقادا جديدا للمصرف، قائلاً إنه مؤسسة مستقلة من حيث الاسم والشكل فقط، ليشهد الدولار قفزة جديدة عقب التصريحات، مسجلا 2.4490 ليرة.
وواصلت الليرة التركية تراجعها أمام الدولار بشكل متسارع، مع احتدام الخلاف بين أردوغان ومحافظ المصرف المركزي، باشجي، وبلغت في افتتاح تعاملات، اليوم الأحد، 2.5080 أمام الدولار الأميركي.
اقرأ أيضاً: الليرة التركية تهوي إلى أدنى مستوى في 10 سنوات