وفي سوق العملات، تراجع سعر صرف الليرة مساء الإثنين بنسبة 0.8% أمام الدولار الذي سجل 3.5325 ليرات، ليزداد تراجع العملة التركية، وتكبدها المزيد من الخسائر بعد محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/ تموز الماضي إلى أكثر من 16%، إلا أن سعر الليرة تعافي صباح اليوم الثلاثاء عقب تأكد الأسواق من أن حادث مقتل السفير لن يؤثر بدرجة كبيرة على العلاقات الاقتصادية والسياسية الروسية التركية.
كما أثرت حادثة مقتل السفير الروسي، سلباً على الروبل الروسي، الذي هبط أمام الدولار، ليصل إلى 61.8747 روبل، وذلك بعد ملامستها مستوى 62.045 روبل عقب إعلان مقتل السفير الروسي بأنقرة مباشرة.
ضعف مستمر لليرة
تعرضت الليرة التركية إلى موجة من الاهتزازات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وبدأت مسارها الهبوطي، بعد الأحداث والتفجيرات التي ضربت أكثر من منطقة في البلاد.
وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، خسرت الليرة التركية أكثر من 10% من قيمتها، ما دفع المصرف المركزي التركي، وبعد أكثر من عامين من المراقبة والتريث، للتدخل، لرفع سعر الفائدة الرئيسي بمعدل 0.5% ليصل إلى 8%، بعد أن زادت نسبة التضخم عن 8% خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ونحو 7.16 في أكتوبر/تشرين الأول.
وإزاء التراجع، طلب الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان من المواطنين تحويل المدخرات والأصول، إلى الليرة التركية، ولاقت دعواته استجابة واسعة، لدى الأتراك والمؤسسات الحكومية.
من جهة ثانية، وبسبب الأوضاع الأمنية المتأزمة في تركيا، أظهرت بيانات رسمية، انكماش الاقتصاد التركي بوتيرة تفوق التوقعات بلغت 1.8% في الربع الثالث من العام وذلك في أول انخفاض لمعدل النمو الاقتصادي منذ 2009 إذ تأثر إنفاق الأسر بتنامي المخاوف الأمنية.
وقال معهد الإحصاء التركي إن معدل النمو في الربعين الأول والثاني يبلغ 4.5%. وسجل الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو 2.2% في أول تسعة أشهر.
وعزا نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك، انكماش الناتج المحلي إلى ضعف التجارة العالمية وتراجع التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة والتوترات السياسية.
العلاقات التجارية التركية - الروسية
شهدت العلاقات الاقتصادية توتراً ملحوظاً بين تركيا وروسيا، إثر الخلافات السياسية، وخسر البلدان خلال الفترة الماضية رؤوس أموال ضخمة، كان من المنتظر أن تضخ في كلا البلدين.
وبحسب المراقبين، فإن روسيا التي يتعرض اقتصادها إلى ضغوط بعد انخفاض أسعار النفط، تحتاج إلى إعادة ترتيب العلاقات مع تركيا. فالميزانية الروسية، وبحسب البيانات المتاحة، تعاني من نقص السيولة بسبب هبوط الدخل، كما أنها تحتاج إلى المضي في بناء خط أنابيب الغاز من جنوبها عبر تركيا ثم إلى أوروبا.
كما تعاني روسيا منذ فرض العقوبات الغربية، وحظر استيراد المواد الغذائية من بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حيث واجهت البلاد أعلى معدلات تضخم منذ سنوات، وبلغت نسبة التضخم في روسيا 11.4% في 2014 و12.9% في 2015، وهو أعلى مستوى منذ 2008.
وفيما يخص تركيا وحسب محللين أتراك، فإن تصحيح العلاقات مع روسيا، سيسمح بإعادة رؤوس أموال ضخمة لضخها في اقتصادها، خاصة وأن الروس يشكلون رافداً هاماً في إنعاش السياحة التركية. ففي عام 2014 زار تركيا نحو 4.4 ملايين مواطن روسي، منهم 3.3 ملايين سائح روسي.
وكانت وكالة "رويترز" قد أفادت بأن عدد السياح الذين استقبلتهم تركيا هبط أكثر من الثلث في مايو/أيار الماضي، مسجلا أكبر انخفاض في 22 عاما. وأظهرت بيانات رسمية أن عدد السياح الروس هوى بنسبة 91.8%، في الفترة السابقة.
كما أن تركيا خسرت بسبب سوء العلاقات، تصريف إنتاجها الزراعي، إذ إن معظم الإنتاج الزراعي التركي كان يصرف إلى الأسواق الروسية، وهو ما كبدها خسائر كبيرة، إذ كانت تركيا توفر للسوق الروسية 65 % من وارداتها من الطماطم وأكثر من ربع اليوسفي المستورد ونحو ربع الواردات من الخيار.
وبحسب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى نحو 40 مليار دولار، إلا أن تركيا تتطلع لزيادة التبادل ليصل إلى 100 مليار سنوياً.
مشروع السيل التركي
يعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع الحيوية بين البلدين. ووقعت موسكو وأنقرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتفاقا حكومياً لتنفيذ مشروع خط أنابيب "السيل التركي"، ويشمل المشروع مد أنبوبين عبر قاع البحر بطاقة تصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، أحدهما لتلبية احتياجات السوق التركية، أما الآخر فمخصص للمشترين في جنوب أوروبا.
كما تتطلع روسيا أيضاً إلى بناء محطة "أكويو" الكهروذرية في تركيا، والتي تبلغ تكلفتها الإجمالية 25 مليار دولار، حيث صرح بأن مشروع الكهروذرية أصبح يحمل صفة الاستثمار الاستراتيجي.
وبحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فإن محطة "أكويو" الكهروذرية، تعتبر من المشاريع الاستراتيجية المهمة لروسيا وتركيا.
(العربي الجديد)