في الوقت الذي احتفل فيه العالم، في 8 مارس، باليوم العالمي للمرأة، مثل كل عام، تجد المرأة العربية نفسها بعيدة، كل البعد، عن القضايا المثارة في هذه الأيام، فهي لا تناقش حقها في الأجر المساوي للرجل، أو حقها في الترقي الوظيفي، أو مزاحمتها للرجل في مجتمع الأعمال والمال، لكن تبحث عن دفء أسرتها التي تهدّمت، ومخاوف الفقر التي تزحف على العديد من الأسر، بسبب الحروب أو برامج الإصلاح الاقتصادي التي تشهدها معظم الدول العربية، من دون مراعاة للأوضاع الاجتماعية، ومحدودية الدخول.
لقد أتى شهر مارس لسنوات خلت وجديد المرأة العربية أنها أم لشهيد، أو أرملة لزوج قُتل تحت القصف أو في غياهب السجون، أو هي نفسها تتعرض للقتل أو الاعتقال أو النزوح مع أسرتها في رحلة غير مأمونة، ولو كانت سعيدة الحظ تنجو من الموت في رحلات الهجرة غير الشرعية، حيث تحملها الأمواج إلى بلدان لم تعهد العيش فيها، لتواجه نزاعات عنصرية، أو الاستعداد لتحديات جديدة في مجتمعات لها خصوصياتها التي تتعارض مع الكثير من القيم والعادات العربية.
ومارس 2018 لا يختلف كثيرًا عما قبله، على مدار السنوات السبع الماضية، فمأساة المرأة العربية مستمرة، في ظل غيوم لا يقدّر لها أن تنقشع، في الأجلين القصير أو المتوسط، وسط مشروعات إقليمية ودولية تعيد خريطة المنطقة، بل تعيد خريطة الدولة الواحدة لتصبح دويلات، ويدفع الإنسان العربي ثمن هذا العبث.
المرأة المعيلة، كان اصطلاحًا قليل الشيوع في المجتمعات العربية، خلال الفترات الماضية، لكن بعد سيطرة الثورات المضادة على دول الربيع العربي، أصبحت هذه المرأة جزءا مهما في هذه المجتمعات، خاصة بعد الحرب الأهلية في اليمن وسورية وليبيا والعراق والسودان والصومال.
فضلًا عن نساء يعانين من تبعات تحمّل مسؤوليات الأسرة الاقتصادية والاجتماعية في بلدان الديكتاتورية السياسية، خاصة في مصر، التي أصبحت المرأة مسؤولة عن تبعات نحو 60 ألف أسرة لمعتقلين، بل الأدهى أن المرأة المصرية أصبحت رهن الاعتقال، والفصل من العمل، أو تحويلها إلى مهام إدارية لا تتناسب مع وظيفتها الأساسية، بسبب انتمائها السياسي، ورفضها للانقلاب العسكري هناك.
بطالة النساء عربيًا
يذكر التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2017، أن إجمالي قوة العمل في المنطقة 130 مليون فرد، وهو ما يمثل 49.8% من إجمالي عدد السكان، لكن حصة الإناث في قوة العمل العربية هي الأدنى مقارنة بأداء باقي الأقاليم الرئيسية في العالم، حيث أشار التقرير إلى أن النسبة 21.6% فقط في 2015. كما تبلغ نسبة البطالة عربيًا 14.9%، وبما يشمل 21.2 مليون فرد، إلا أن أعداد الإناث من بين العاطلين تشهد معدلات عالية في بعض البلدان، مثل سلطنة عمان 64%، والسعودية 56.4%، والسودان 47.8%، وتونس 42.9%، وجيبوتي 24.7.
والبطالة بين الشابات العربيات من أعلى المعدلات عالميا، فالإحصاءات لنفس التقرير تشير إلى أن 10 دول عربية تبلغ نسبة البطالة فيها بين الإناث من ضعف إلى ثلاثة أضعاف البطالة بين الذكور، وبطالة الإناث في فئة الشباب العرب في عمر 26 عامًا تبلغ نحو 38%.
المهاجرات العربيات
الحديث عن الهجرة الخارجية والنزوح الداخلي، في احتفالات اليوم العالمي للمرأة، لا ينحصر في تلك الهجرة الاختيارية للمرأة العربية، لكنه بالضرورة يتركز على النزوح والهجرة القسريين، بسبب الأحداث والنزاع المسلح الذي يعم دولا مثل سورية، واليمن، وليبيا، والعراق، والسودان، والصومال، والأراضي المحتلة في فلسطين.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن عدد النازحين في سورية يصل إلى 6.1 ملايين فرد، ونحو 5 ملايين مهاجر، استطاعوا الخروج من الحدود السورية إلى الدول المجاورة.
وسواء كان الأمر يتعلق بالنزوح داخل سورية، أو الهجرة خارجها، كانت النساء نسبة عالية بين النازحين أو المهاجرين، حيث أوضحت إحصاءات إدارة السياسات السكانية والمغتربين والهجرة في الجامعة العربية أن 75% من المهاجرين السوريين من النساء والأطفال.
اقــرأ أيضاً
أما ليبيا فإن عدد النازحين فيها أكثر من نصف مليون فرد، والمهاجرين أكثر من مليون مهاجر. وبلغ عدد النازحين في اليمن نحو 3 ملايين فرد، أما عدد المهاجرين فبلغ أكثر من مليونين، وتشكل النساء نسبة لا يستهان بها من النازحين والمهاجرين في ليبيا واليمن. وحسب تقارير أممية، فإن النازحين من النساء في اليمن وليبيا تعرّضن للعنف الجسدي، بشكل ملحوظ.
المرأة المعيلة عربيًا
ساهم تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المنطقة، في ارتفاع معدلات ظاهرة المرأة المعيلة في المنطقة، وتعد مصر الأكبر بين الدول العربية في الظاهرة، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن هذه المرأة تتولى إدارة نحو 35% من الأسر المصرية، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل الانقلاب، وعدم نجاعة السياسات الاقتصادية، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة.
وتشهد دول عربية أخرى نفس الظاهرة، مثل السودان، الذي بلغ فيه حجم ظاهرة المرأة المعيلة نحو 22.6% من عدد الأسر. إلا أن اللافت للنظر أن نفس الظاهرة تشهد تزايدًا في السعودية، والتي تشير الإحصاءات إلى وجود 28% من النساء المسجلات يُعلن أسرهن، وفي الحضر المغربي تصل ظاهرة المرأة المعيلة إلى نحو 18.5%، وتزيد الظاهرة في تونس، نظرًا لارتفاع عدد الأرامل والمطلقات والفتيات العازبات.
برامج هشة
في ضوء ما تعانيه المرأة العربية اقتصاديا، سواء في بلدان الصراعات المسلحة، أو تلك التي تعاني من مشكلات سياسية وتدهور اقتصادي، نجد ثمة برامج من مؤسسات أممية أو قُطرية، للعمل في مجال مساعدة المرأة العربية اقتصاديًا.
لكن هذه المشروعات منها ما يتعلق بالإعاشة والإمداد بمواد تموينية، كما هو الحال في دول الصراع، خاصة اليمن، التي تعاني من مجاعات في عدة بؤر تشتد فيها الصراعات، أو برامج أخرى لمساعدة المهاجرات أو النازحات، أو المطلقات والفقيرات في بعض الدول.
هذه البرامج لا تفي بالاحتياجات الأساسية للمرأة العربية في معاناتها، فهي لا تؤمّن لها مصدرًا ثابتًا للإعاشة ومتطلبات الاحتياجات الأساسية، مثل المسكن والمأكل والمشرب، فضلًا عن التعليم والصحة، وعادة ما تنشر المنظمات الأممية عن عجزها عن الوفاء باحتياجات النازحين والمهاجرين بسبب القصور المالي، الذي لا تتعدى قيمته ملايين من الدولارات.
في الوقت الذي تمتلك فيه الدول العربية النفطية ثروة تقدر بـ 2.6 تريليون دولار في صناديقها السيادية. وكذلك مشتريات سلاح تفوق 170 مليار دولار سنويًا، فالإنفاق ببذخ على تمويل الحروب والنزاعات وارد في حق الحكومات العربية، أما رعاية أبنائها والذود عن الأطفال والنساء، فأمر لا يرِد على خاطرهم، ومن باب الحرج يضطرون إلى دفع بعض الملايين للصناديق والمنظمات الأممية، عندما تقصدهم بنداءات خاصة.
ثمة توقعات شديدة السلبية بمستقبل المنطقة ككل، وبالمرأة العربية بشكل خاص، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تمر بها، ومشروعات التقسيم، وغياب قيم الإنسان لدى الحكومات، والقوى الدولية والإقليمية التي تعميها أطماعها.
لقد أتى شهر مارس لسنوات خلت وجديد المرأة العربية أنها أم لشهيد، أو أرملة لزوج قُتل تحت القصف أو في غياهب السجون، أو هي نفسها تتعرض للقتل أو الاعتقال أو النزوح مع أسرتها في رحلة غير مأمونة، ولو كانت سعيدة الحظ تنجو من الموت في رحلات الهجرة غير الشرعية، حيث تحملها الأمواج إلى بلدان لم تعهد العيش فيها، لتواجه نزاعات عنصرية، أو الاستعداد لتحديات جديدة في مجتمعات لها خصوصياتها التي تتعارض مع الكثير من القيم والعادات العربية.
ومارس 2018 لا يختلف كثيرًا عما قبله، على مدار السنوات السبع الماضية، فمأساة المرأة العربية مستمرة، في ظل غيوم لا يقدّر لها أن تنقشع، في الأجلين القصير أو المتوسط، وسط مشروعات إقليمية ودولية تعيد خريطة المنطقة، بل تعيد خريطة الدولة الواحدة لتصبح دويلات، ويدفع الإنسان العربي ثمن هذا العبث.
المرأة المعيلة، كان اصطلاحًا قليل الشيوع في المجتمعات العربية، خلال الفترات الماضية، لكن بعد سيطرة الثورات المضادة على دول الربيع العربي، أصبحت هذه المرأة جزءا مهما في هذه المجتمعات، خاصة بعد الحرب الأهلية في اليمن وسورية وليبيا والعراق والسودان والصومال.
فضلًا عن نساء يعانين من تبعات تحمّل مسؤوليات الأسرة الاقتصادية والاجتماعية في بلدان الديكتاتورية السياسية، خاصة في مصر، التي أصبحت المرأة مسؤولة عن تبعات نحو 60 ألف أسرة لمعتقلين، بل الأدهى أن المرأة المصرية أصبحت رهن الاعتقال، والفصل من العمل، أو تحويلها إلى مهام إدارية لا تتناسب مع وظيفتها الأساسية، بسبب انتمائها السياسي، ورفضها للانقلاب العسكري هناك.
بطالة النساء عربيًا
يذكر التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2017، أن إجمالي قوة العمل في المنطقة 130 مليون فرد، وهو ما يمثل 49.8% من إجمالي عدد السكان، لكن حصة الإناث في قوة العمل العربية هي الأدنى مقارنة بأداء باقي الأقاليم الرئيسية في العالم، حيث أشار التقرير إلى أن النسبة 21.6% فقط في 2015. كما تبلغ نسبة البطالة عربيًا 14.9%، وبما يشمل 21.2 مليون فرد، إلا أن أعداد الإناث من بين العاطلين تشهد معدلات عالية في بعض البلدان، مثل سلطنة عمان 64%، والسعودية 56.4%، والسودان 47.8%، وتونس 42.9%، وجيبوتي 24.7.
والبطالة بين الشابات العربيات من أعلى المعدلات عالميا، فالإحصاءات لنفس التقرير تشير إلى أن 10 دول عربية تبلغ نسبة البطالة فيها بين الإناث من ضعف إلى ثلاثة أضعاف البطالة بين الذكور، وبطالة الإناث في فئة الشباب العرب في عمر 26 عامًا تبلغ نحو 38%.
المهاجرات العربيات
الحديث عن الهجرة الخارجية والنزوح الداخلي، في احتفالات اليوم العالمي للمرأة، لا ينحصر في تلك الهجرة الاختيارية للمرأة العربية، لكنه بالضرورة يتركز على النزوح والهجرة القسريين، بسبب الأحداث والنزاع المسلح الذي يعم دولا مثل سورية، واليمن، وليبيا، والعراق، والسودان، والصومال، والأراضي المحتلة في فلسطين.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن عدد النازحين في سورية يصل إلى 6.1 ملايين فرد، ونحو 5 ملايين مهاجر، استطاعوا الخروج من الحدود السورية إلى الدول المجاورة.
وسواء كان الأمر يتعلق بالنزوح داخل سورية، أو الهجرة خارجها، كانت النساء نسبة عالية بين النازحين أو المهاجرين، حيث أوضحت إحصاءات إدارة السياسات السكانية والمغتربين والهجرة في الجامعة العربية أن 75% من المهاجرين السوريين من النساء والأطفال.
أما ليبيا فإن عدد النازحين فيها أكثر من نصف مليون فرد، والمهاجرين أكثر من مليون مهاجر. وبلغ عدد النازحين في اليمن نحو 3 ملايين فرد، أما عدد المهاجرين فبلغ أكثر من مليونين، وتشكل النساء نسبة لا يستهان بها من النازحين والمهاجرين في ليبيا واليمن. وحسب تقارير أممية، فإن النازحين من النساء في اليمن وليبيا تعرّضن للعنف الجسدي، بشكل ملحوظ.
المرأة المعيلة عربيًا
ساهم تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المنطقة، في ارتفاع معدلات ظاهرة المرأة المعيلة في المنطقة، وتعد مصر الأكبر بين الدول العربية في الظاهرة، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن هذه المرأة تتولى إدارة نحو 35% من الأسر المصرية، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل الانقلاب، وعدم نجاعة السياسات الاقتصادية، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة.
وتشهد دول عربية أخرى نفس الظاهرة، مثل السودان، الذي بلغ فيه حجم ظاهرة المرأة المعيلة نحو 22.6% من عدد الأسر. إلا أن اللافت للنظر أن نفس الظاهرة تشهد تزايدًا في السعودية، والتي تشير الإحصاءات إلى وجود 28% من النساء المسجلات يُعلن أسرهن، وفي الحضر المغربي تصل ظاهرة المرأة المعيلة إلى نحو 18.5%، وتزيد الظاهرة في تونس، نظرًا لارتفاع عدد الأرامل والمطلقات والفتيات العازبات.
برامج هشة
في ضوء ما تعانيه المرأة العربية اقتصاديا، سواء في بلدان الصراعات المسلحة، أو تلك التي تعاني من مشكلات سياسية وتدهور اقتصادي، نجد ثمة برامج من مؤسسات أممية أو قُطرية، للعمل في مجال مساعدة المرأة العربية اقتصاديًا.
لكن هذه المشروعات منها ما يتعلق بالإعاشة والإمداد بمواد تموينية، كما هو الحال في دول الصراع، خاصة اليمن، التي تعاني من مجاعات في عدة بؤر تشتد فيها الصراعات، أو برامج أخرى لمساعدة المهاجرات أو النازحات، أو المطلقات والفقيرات في بعض الدول.
هذه البرامج لا تفي بالاحتياجات الأساسية للمرأة العربية في معاناتها، فهي لا تؤمّن لها مصدرًا ثابتًا للإعاشة ومتطلبات الاحتياجات الأساسية، مثل المسكن والمأكل والمشرب، فضلًا عن التعليم والصحة، وعادة ما تنشر المنظمات الأممية عن عجزها عن الوفاء باحتياجات النازحين والمهاجرين بسبب القصور المالي، الذي لا تتعدى قيمته ملايين من الدولارات.
في الوقت الذي تمتلك فيه الدول العربية النفطية ثروة تقدر بـ 2.6 تريليون دولار في صناديقها السيادية. وكذلك مشتريات سلاح تفوق 170 مليار دولار سنويًا، فالإنفاق ببذخ على تمويل الحروب والنزاعات وارد في حق الحكومات العربية، أما رعاية أبنائها والذود عن الأطفال والنساء، فأمر لا يرِد على خاطرهم، ومن باب الحرج يضطرون إلى دفع بعض الملايين للصناديق والمنظمات الأممية، عندما تقصدهم بنداءات خاصة.
ثمة توقعات شديدة السلبية بمستقبل المنطقة ككل، وبالمرأة العربية بشكل خاص، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تمر بها، ومشروعات التقسيم، وغياب قيم الإنسان لدى الحكومات، والقوى الدولية والإقليمية التي تعميها أطماعها.