امتدت أزمة تأخر الرواتب بعدد من الشركات السعودية لتطاول مجموعة "بن لادن" للمقاولات، والتي تعتبر الأكبر في البلاد بهذا المجال.
وتأخرت المجموعة عن سداد رواتب موظفيها لأكثر من ستة أشهر، نتيجة عقوبات أوقعتها عليها الدولة عقب حادثة انهيار رافعة في الحرم المكي أودت بحياة نحو 118 حاجاً، وأصابت المئات منهم.
وتجمع عدد كبير من عمال الشركة، اليوم السبت، أمام مقرها في حي الغزة بمكة للمطالبة برواتبهم المتأخرة، رافضين تأخيرها كل هذا الوقت.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن أن مفتشين من وزارة العمل، اجتمعوا مع إدارة مشاريع مكة بمجموعة بن لادن السعودية وممثلي العمال من مشروع قطار الحرمين ومندوب من مركز شرطة المنصور بالعاصمة واتفقوا على أن من يرغب من العمالة بالاستمرار مع المجموعة عليه البقاء في السكن في الأيام المقبلة، لحين صرف مستحقاته بالإضافة إلى الشهرين الماضيين، مع الالتزام باحتساب فترة بقائهم بالسكن وعدم تغيّبهم عن العمل، واعتبار أنهم على رأس العمل خلال فترة انتظار رواتبهم".
وأضافت المصادر أنه: "أما من يرغب في الخروج النهائي فتتم تصفية مستحقاتهم حتى تاريخه وإعداد خروج نهائي، في حين أن من حق من يريد نقل خدماته إلى أي جهة أن يتقدم بطلب خطي للإدارة وسوف تتم الموافقة فوراً بالإضافة إلى استلام مستحقاته، حسب بنود الاتفاق.
وتواجه مجموعة بن لادن أزمة مالية كبيرة جراء منعها من المشاريع الحكومية، والعقوبات الضخمة التي أوقعت عليها جراء حادثة الحرم، ما أجبرها على الاستغناء عن نحو 45% من موظفيها، وباتت حاليا عاجزة عن تسديد رواتب المتبقين منهم.
وتشغّل مجموعة بن لادن، التي تأسست عام 1931، نحو 200 ألف شخص، وفق البيانات المنشورة في حسابها على موقع "لينكدان". وتعتبر المجموعة من أكبر 5 شركات مقاولات في الشرق الأوسط.
ويؤكد مدير إدارة الصناديق العقارية في (دراية)، فيصل الشماس، لـ"العربي الجديد"، على أن المشكلة التي تعاني منها بن لادن متوقعة، بسبب منعها من الحصول على عقود حكومية جديدة، الأمر الذي تسبب في قطع مصادر التمويل الأساسية لها.
اقرأ أيضاً: "سعودي أوجيه" تعجز عن سداد رواتب موظفيها
ويضيف الشماس "أن منع بن لادن من المشاريع الحكومية، بمثابة إعلان وفاتها، كما أن تقليص الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية أضعف قدرات شركات المقاولات ماليا، بشكل جماعي، فالأزمة المالية هي مصير كل شركات المقاولات السعودية التي تعتمد بالدرجة الأولى على الإنفاق الحكومي".
ويؤكد الشماس على أن كل شركات المقاولات تواجه هذه المصير، ويضيف: "الكل يشتكي، حتى المقاولون الصغار، فهم يعتمدون بالدرجة الأساسية على ما يحصلون عليه من عقود من الباطن من الشركات الكبيرة مثل بن لادن أو سعودي أوجيه، فكما تأخرت الشركات في دفع رواتب موظفيها، فبالتأكيد ستتأخر في دفع أجور المقاولين بالباطن وسكن الموظفين، وحتى فواتيرها المعتادة، فهي لا تملك سيولة كافية لتغطية كل هذه المصاريف في ضل تقلّص الإنفاق الحكومي"، حسب الشماس.
ويشير إلى أن هذه الشركات العملاقة تضخمت بشكل كبير وزادت من استقدامها للعمالة بسبب وفرة الإنفاق الحكومي في السنوات الخمس الماضية، ولم تضع في اعتبارها ما حدث"، ويشدد على أنه حتى المصارف لم تعد تملك السيولة الكافية لإقراضهم، ويضيف: "حتى المصارف تواجه مشكلة في السيولة، فالدولة بدأت في إصدار سندات دين، وهي تزاحم في ذلك الشركات على السيولة القليلة في الأصل".
وكانت وزارة المالية قد خفضت الدفعة المقدمة التي تصرفها للشركات في عقود المشاريع المبرمة لصالح الجهات الحكومية، فقد قلصت الحكومة عدد المشروعات التي تنفذها، ويقول مسؤولون في القطاع إن هناك تباطؤاً في صرف مستحقات الشركات التي نفذت مشروعات بالفعل. ولجأت بعض الشركات في الآونة الأخيرة، لأسباب منها تأخر صرف المستحقات، إلى تأخير صرف رواتب العاملين وتسريح آلاف العمال، وبدأ عدد من الشركات مفاوضات لإعادة جدولة الديون.
وكانت شركة "سعودي أوجيه"، ثاني أكبر شركة بناء في السعودية، تعرضت لأزمة مالية جعلتها تعجز عن سداد رواتب موظفيها، البالغ عددهم 56 ألفاً، منذ حوالى خمسة أشهر، ولا تكشف الشركة عادة عن قيمة الرواتب الشهرية للعاملين فيها، إلا أن مصادر قدّرتها بنحو 250 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل 66.6 مليون دولار. ويترأس إدارة شركة "سعودي أوجيه" رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري.
ونقلت إذاعة فرنسا الدولية (إير.إف.إيه)، الثلاثاء الماضي، عن موظفين فرنسيين قولهم إن مشاكل الشركة تعود إلى عام 2013، محمّلين الإدارة مسؤولية الوضعية الحالية للشركة. وكشف الموظفون عن حالة خوف تنتاب الموظفين من فقدان وظائفهم، خاصة بعد أن أغلقت حساباتهم المصرفية ولم تجدد بطاقات إقامة بعضهم.
اقرأ أيضاً:
الحكومة السعودية تحفز القطاع الخاص لحل أزمة السكن
الزامل يستنجد بالملك السعودي لإنقاذ قطاع المقاولات