تتجه حكومة المغرب بشكل حاسم نحو تطبيق قانون يقضي بتوفير التغطية الصحية والتقاعد لصالح نحو 11 مليون شخص من فئات مهنية عدة، وهو مطلب طال انتظاره أكثر من 17 عاما.
وينتظر أن يصدر مجلس الحكومة، خلال اجتماعه الأسبوعي بالرباط، اليوم الخميس، عدة مراسيم، تمهد لتفعيل نظام التقاعد الخاص بالمهنيين ومنهم الأطباء والمنهدسون والمحامون، إلى جانب الأشخاص الذين يزاولون نشاطا خاصا والعمال المستقلين والمزارعين وسائقي سيارات الأجرة.
وقالت مصادر رسمية، إن المراسيم المنتظر إصدارها اليوم تشمل قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وقانون استحداث نظام المعاشات لفئات المهنيين والعمال المستقلين، على أن تدخل هذه المراسيم حيز التطبيق في العام المقبل 2019.
وكان البرلمان قد أقر نهاية العام الماضي 2017، مشروع قانون التقاعد للفئات السابقة. وتحدد المراسيم الجديدة معدل المساهمة في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنسبة 6.37%، بينما تحدد معدل المساهمة من أجل الاستفادة من معاشات التقاعد بنسبة 10%، وفق مصادر رسمية.
ويتيح النظام الجديد الذي يديره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إحالة العمال على التقاعد عند بلوغ 65 عاما، غير أنهم يمكنهم الاستفادة من المعاش عند بلوغ 60 عاما أو إرجاء ذلك إلى 75 عاما.
وتتوقع وزارة الصحة، أن ترتفع التغطية الصحية في القطاع الخاص بالمغرب إلى 95%، على اعتبار أنها ستشمل الأطباء والمهندسين والمحامين وسائقي سيارات الأجرة.
وقال محمد الهاكش، العضو السابق في اللجنة الفنية لإصلاح التقاعد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاستفادة من التغطية الاجتماعية ستشمل نحو 11 مليون شخص، لا سيما أن التغطية الحالية في القطاع الخاص لا تشمل سوى نحو 3.2 ملايين شخص.
وتؤكد بيانات المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، أن 78% من العمال النشيطين لا يستفيدون من التغطية الصحية، وهي نسبة ترتفع إلى 93% في المناطق الريفية و64% في المدن، ما يعني أنهم غير مؤهلين للتمتع بمعاش التقاعد.
ويسعى المغرب إلى تجاوز الخصائص في التغطية الاجتماعية، التي لا يتمتع بها إلا العمال في القطاع الخاص والموظفون، بينما يُحرم منها المهنيون والأشخاص غير الأجراء والعمال المستقلون، والذين يمثلون حوالي الثلثين من العمال في هذا البلد.
ويستدعي نظام التأمين الطبي ومعاشات التقاعد للمستقلين والأشخاص غير الأجراء، مراعاة خصوصيات كل فئة وإعطاء الأسبقية للفئات الأكثر تنظيما، مثل الأطباء والمهندسين والمهندسين المعماريين، وفق الهاكش.
وستعمد الحكومة، بعد مراسيم اليوم، إلى إصدار مراسيم خاصة بكل فئة من المهنيين والعمال المستقلين، حيث إنه لا يمكن معاملة سائقي الأجرة ومحلات البقالة والصناع التقليديين، مثل الأطباء والصيادلة والمهندسين، فلكل فئة قدرات تخصها على مستوى المساهمة، وفق مصادر حكومية.
وتأتي مساعي الحكومة نحو تطبيق نظام التقاعد على المهنيين والعمال المستقلين، في وقت تمضي قدما في إصلاح كبير لصناديق التقاعد، عبر البحث عن نوع من التجانس بين قطبيها العمومي والخاص، الأمر الذي يساعد على تفادي أزمات مالية للصناديق، وذلك بحسب مذكرة أرسلها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى الوزراء في أغسطس/آب الماضي، بمناسبة إعداد مشروع موازنة العام المقبل 2019.
ويعاني نظام المعاشات من تفاوتات كبيرة، فتلك التي يتيحها الصندوق المغربي للتقاعد، تصل إلى 100 % من الأجر الذي يتلقاه الموظف العمومي خلال ثمانية أعوام، بسبب عدم تحديد سقف المعاشات، بينما لا يمكن أن يتجاوز المعاش في القطاع الخاص 420 دولاراً بسبب تحديد سقف المساهمات.