كشفت مصادر حكومية يمنية لـ"العربي الجديد" أن البنك المركزي اليمني لم يحصل بعد على وديعة بقيمة ملياري دولار أعلنت السعودية عن تقديمها لدعم الحكومة الشرعية.
وأكدت المصادر، التي لم تفصح عن نفسها، أن السعودية اشترطت تعيين محافظ جديد للبنك المركزي اليمني قبل تقديم مبلغ الوديعة، ثم طرحت شروطاً أخرى بعد إقالة المحافظ السابق منصر القعيطي، وتعيين محمد زمام محافظاً في 12 فبراير/ شباط الماضي.
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في وقت سابق أن الوديعة السعودية دخلت حساب البنك المركزي اليمني، في محاولة لتهدئة الشارع الغاضب من تدهور قيمة العملة والأوضاع المعيشية.
والتقى المحافظ الجديد للمركزي اليمني محمد زمام، أمس، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي للمملكة العربية السعودية) أحمد بن عبد الكريم الخليفي، لمناقشة "بنود اتفاقية الوديعة السعودية للبنك المركزي اليمني ومقدارها مليارا دولار، والتي سيتم التوقيع عليها بين البنك المركزي ووزارة المالية السعودية"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية لليمن.
وكانت السعودية، أعلنت يوم 17 يناير/ كانون الثاني الماضي، إيداع ملياري دولار في البنك المركزي اليمني لدعم العملة اليمنية، وقالت وكالة الأنباء السعودية في بيان لها، إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أصدر توجيهاته بإيداع الوديعة في حساب البنك المركزي اليمني لرفع المعاناة عن الشعب اليمني.
وتورط البنك المركزي اليمني في الإعلان عن دخول مبلغ الوديعة السعودية إلى حساباته الخارجية، بغرض تهدئة الشارع اليمني المحتقن نتيجة التهاوي المتسارع للريال والارتفاع المتصاعد في أسعار المواد الغذائية، وقال البنك إنه تلقى "تأكيداً بقيام الحكومة السعودية إيداع ملياري دولار في حساباته الخارجية".
وتوقع الخبير اليمني في المالية العامة، فكري عبد الواحد، أن يكون توحيد عمل المصرف المركزي اليمني شرطاً وضعته السعودية قبل تقديم الوديعة النقدية.
وقال عبد الواحد لـ"العربي الجديد": إنه "من الواضح أن تأجيل الوديعة تم وفق شروط وضعتها اللجنة الرباعية، وبموجب اشتراطات منها تحييد البنك المركزي، وأن يمارس المحافظ الجديد مهامه من الأردن ويدير فرعي صنعاء وعدن".
وكان مصدر مطلع كشف في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن توجه لتوحيد عمل المصرف المركزي المنقسم حالياً بين الحكومة الشرعية في عدن (جنوب البلاد)، وجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء، في ظل ضغوط دولية لتحقيق ذلك.
وقال المصدر إن اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، والإمارات) تدفع باتجاه توحيد عمل المصرف المركزي، وضغطت لإقالة المحافظ منصر القعيطي وتعيين محافظ جديد يحظى بقبول الحوثيين ويستطيع تفعيل وتوحيد عمل البنك.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت نهاية عام 2014 بعد سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/ آذار 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكريا بدعم من الإمارات، شن ضربات جوية مكثفة ضد الحوثيين الذين لا يزالون يسيطرون على العديد من محافظات اليمن.
واستمرت العملة المحلية في التراجع مقتربة من حاجز 500 ريال للدولار منذ مطلع الأسبوع الجاري، حيث سجل 490 في تداولات، أمس، بالعاصمة اليمنية صنعاء و495 ريالا للدولار في العاصمة المؤقتة عدن، وكانت العملة المحلية شهدت تحسناً مؤقتاً واستقرت عند 445 ريالا للدولار في أوقات سابقة جراء أنباء تقديم وديعة سعودية.
ويرتبط التهاوي المتسارع للريال بالحرب وتداعياتها على مختلف مناحي الاقتصاد، حيث تسببت في توقف الإيرادات النفطية، وتراجع الإيرادات الضريبية والجمركية، وانقسام المؤسسات المالية، واستنزاف احتياطي العملة الصعبة، ودفع قيام الحكومة بطباعة النقود بدون غطاء إلى مزيد من التدهور للعملة اليمنية.
ولجأ البنك المركزي اليمني إلى طباعة النقود بشكل متزايد، حيث بلغ إجمالي قيمة العملات المطبوعة خلال العام الماضي، 600 مليار ريال.
وأعلن البنك في وقت سابق، أنه يتجه لطباعة تريليون ريال (5 مليارات دولار) من الأوراق النقدية خلال عام 2018.