أصبح للأنفاق اقتصاد قائم خاص بها تحصد منه الشركات وقوى الأمر الواقع أرباحاً هائلة أيام السلم والحرب على السواء، وفي بلدان عدة وظروف مختلفة وغايات شتّى.
في فلسطين، استطاعت المقاومة منذ عام 2006 كسر الحصار الإسرائيلي بأنفاق حفرتها إلى مصر، تمكنت عبرها من تأمين الاحتياجات الأساسية التي مكّنت القطاع من الصمود.
وفي لبنان، سبق أن استفادت المقاومة من الأنفاق في مواجهتها الطويلة مع العدوان الإسرائيلي المتكرر، قبل أن تندحر قوات الاحتلال من جنوب لبنان وبقاعه الغربي عام 2000. كما استخدمت المخيمات الفلسطينية في لبنان أنفاقاً أيام الحرب الأهلية، للحصول على ما تحتاج إليه إبّان تعرّضها للحصار.
وفي سورية، استخدم الثوار شبكة الأنفاق للانتقال ونقل العتاد والمقاتلين والصمود في الكثير من المناطق والمحافظات السورية.
تختلف مقاسات الأنفاق وأبعادها بحسب الغرض منها والإمكانات المُتاحة والظروف السانحة. ففي الغوطة الشرقية، يتراوح اتساع الأنفاق بين 3 و5 و10 و15 متراً، وصولاً حتى 40 متراً في بعض الحالات، فيما يتراوح طولها من أقل من 10 أمتار، مروراً بمئات الأمتار، وصولاً إلى عدة كيلومترات في بعض الأحيان.
لكن وجهة استخدام الأنفاق لا تقتصر على حالات الصمود ومقاومة المحتل. فهي، بين المكسيك والولايات المتحدة، تُستخدم لتهريب البشر والمخدرات والمهاجرين والبضائع التي لا تخضع للرسوم الجمركية.
والأخطر أنها في حالة الإرهاب، تُستخدم لتنقّل الإرهابيين والأسلحة والمعدات الخفيفة والثقيلة، بما يهدد أمن الدول وشعوبها. وفي هذا السياق، جاء أمس الإثنين اكتشاف نفق يتجاوز طوله 70 كيلومتراً من تونس إلى ليبيا لدخول مقاتلي "داعش"، قبل أن تسارع اليوم الثلاثاء وزارة الداخلية ونقابات وخبراء أمنيون إلى نفي فرضية وجود هذا النفق. وقبل ذلك كان اكتشاف الأنفاق في العراق، لا سيما في الأنبار.
أهم الشركات
بغضّ النظر عن الأغراض الحربية أو الاقتصادية أو الإرهابية التي تُحفر من أجلها، فإن للأنفاق وتجهيزها أسواقاً وشركات تُصنّع حفّارات (TBM) من كل المقاسات والأحجام بأسعار مختلفة، وأبرز علاماتها التجارية المرتبطة بصناعتها، بحسب تقرير نشره أمس الإثنين "ذي أناليست فايننشال"، هي:
- "هيرينكنشت" (Herrenknecht) الألمانية المختصة بتصميم وتصنيع ماكينات حفر الأنفاق وبنائها.
- "كريغ" (CREG) الألمانية أيضاً، التابعة للمجموعة الصينية "سي.آر.إي.إي.جي" (CREEG).
- "الشركة الصينية لصناعة السكك الحديثة الثقيلة" (CRCHI).
- "روبنز" (Robbins) الأميركية.
- "تيانهي" (Tianhe) الصينية، التابعة لشركة المواصلات الصينية "سي.سي.سي.سي" (CCCC).
- "ويرث" (Wirth) التابعة لشركة "آيكر ويرث" الألمانية.
- "كوماتسو" (Komatsu) اليابانية.
- "ميتسوبيشي" (Mitsubishi) اليابانية.
- "إن.إتش.آي" (NHI) التابعة لـ"المجموعة الشمالية للصناعات الثقيلة" الصينية.
- "كوازاكي" (Kawasaki) اليابانية.
تكاليف الحفر
أما تكاليف الحفر فترتبط مباشرة بسعر الحفّارة أو بدل إيجارها. ووفقاً لاستفسار أجاب عنه مدير التشييد سياران ماهود على موقع "كورا" (Quora)، بالإمكان مقابل حوالى 10 ملايين يورو الحصول على حفّارة قُطرها 7 أمتار من الطراز المخصص لمشاريع حفر المترو النموذجية.
ويُضاف إلى الملايين العشرة نحو 5 ملايين يورو أخرى للمعدّات الإضافية اللازمة لتشغيل الحفّارة، مثل "خزّانات الفصل" وإمدادات الطاقة وإمدادات "البنتونيت" (bentonite) وإمدادات "الجصّ" (grout) والمركبات المتعددة الخدمة وأحزمة النقل وغيرها من المتمّمات.
أما الأنفاق التي هي أجزاء من مشاريع طُرق النقل، فتحتاج إلى حفّارة يصل قُطرها إلى 19 متراً، وترتفع التكلفة الإجمالية للحفارة أحياناً إلى 50 مليون يورو في أوروبا.
وبما أن الحفّارات أنواع خصائصها مختلفة باختلاف الغرض والجودة، وتبعاً لطبيعة الأراضي التي تعمل فيها، فإن تكلفة الحفّارات ومعدّاتها المختلفة تتغيّر من مشروع إلى آخر، وبالتالي تختلف تقديرات أسعارها وتكاليف تشغيلها باختلاف طبيعة المشروع والخصائص الجيولوجية المتعلقة به.