النفط يتجه لأول هبوط سنوي منذ 2015

31 ديسمبر 2018
أسعار النفط تراجعت 19 في المائة في 2018(فرانس برس)
+ الخط -
ارتفعت أسعار النفط نحو 2 بالمائة في آخر جلسات العام، اليوم الإثنين، مقتدية بمكاسب أسواق الأسهم، لكنها بصدد أول انخفاض سنوي لها في ثلاثة أعوام وسط مخاوف مستمرة من تخمة كؤود في المعروض.

وتعززت المعنويات إزاء النفط بتلميحات إلى اتفاق تجارة محتمل بين الولايات المتحدة والصين، مع قول الرئيس دونالد ترامب إنه أجرى "مكالمة جيدة جدا" مع نظيره الصيني شي جين بينغ.
وبحلول الساعة 07.40 بتوقيت غرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 1.04 دولار، بما يعادل نحو 2 بالمائة إلى 54.25 دولارا للبرميل.

انخفاض سنوي

انخفض برنت نحو 19 بالمائة في 2018 إثر ارتفاع لعامين، وسجلت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 46.11 دولارا للبرميل، مرتفعة 78 سنتا أو 1.7 بالمائة عن آخر إغلاق لها، وانخفض الخام حوالي 24 بالمائة هذا العام.

وعلى مدى معظم فترات 2018، كانت أسعار النفط في ارتفاع مدفوعة بطلب قوي وبواعث القلق بشأن المعروض، ولا سيما في ما يتعلق بتأثير تجديد العقوبات الأميركية على المنتج الرئيسي إيران والذي دخل حيز النفاذ في نوفمبر/ تشرين الثاني.

وارتفعت عقود خام برنت بنحو الثلث بين يناير/ كانون الثاني وأكتوبر/ تشرين الأول لتصل إلى 86.74 دولارا للبرميل، وكان ذلك أعلى مستوى منذ أواخر 2014، عندما بدأ انحدار حاد في السوق وسط تخمة متنامية في المعروض العالمي.

وتوقع محللون كبار ومتعاملون كثيرون أن يسجل الخام 100 دولار للبرميل من جديد بنهاية 2018، لكن بدلا من ذلك، محت أسعار برنت كل مكاسب 2018 لتهوي نحو 40 بالمائة عن ذروة العام وتسجل حوالي 53.25 دولارا للبرميل، فيما أصبح أحد أشد تراجعات سوق النفط على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.


ونتج تراجع النفط بشكل رئيس وفقا لوكالة "الأناضول"، من تخمة المعروض في ظل إنتاج قياسي لكبار المنتجين كالولايات المتحدة، وروسيا، والسعودية، إضافة لدول منظمة "أوبك"، وهو ما "قصم ظهر" الخام.

كما جاء ذلك، وفقا لوكالة "رويترز"، بعد أن أعطت واشنطن على غير المتوقع استثناءات سخية من العقوبات لأكبر مشتري النفط الإيراني، ومع تأثر توقعات الطلب على الخام سلبا بفعل بواعث القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي والنزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

والشهر الماضي، قالت شركة بريتيش بتروليوم "بي بي"، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان أحد العوامل المؤثرة بالسلب على سعر النفط.

وقال سوكريت فيجاياكار، مدير تريفكتا لاستشارات الطاقة، لـ "رويترز" إن "إنقاذ إيران هو الذي فجر حقا فقاعة سوق النفط الخام وقتها، مضيفا أنه "بالنسبة للمستقبل القريب، وفي غياب أي شيء جديد، فإن أول نقطة ضغط لأسواق النفط ستأتي قرب مايو /أيار 2019 أو قبلها بشهر أو نحو ذلك عندما تجري مناقشة "تمديد الإعفاءات" من عقوبات إيران.

وقال الخبير في المواد الأولية في مجموعة "فيليب فيتشرز" في سنغافورة بنجامين لو، لوكالة "فرانس برس"، إن "آثار المخزونات التي تميل إلى الارتفاع والقلق الاقتصادي على الأمد القصير عززا التشاؤم".

تسلسل زمني للأسعار

شهدت أسعار النفط خلال عام 2018 تذبذبا في الأسعار بين الارتفاع والهبوط، لينهي العام على انخفاض بنسبة 19% مقارنة بسعره بداية العام.

وبدأت أسعار النفط 2018 على استقرار قرب مستويات نهاية 2017، لتحوم حول 67 دولارا للبرميل، حتى التاسع من إبريل/ نيسان، ومنذ اليوم التالي بدأت الأسعار تتجاوز 70 دولارا للبرميل.

وتواصلت ارتفاعات الأسعار حتى أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مايو/أيار، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران، لينهي الخام شهر مايو فوق 77 دولارا.

وفي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، وجد المشاركون في اتفاق خفض الإنتاج، حاجة إلى تقليص حجم الخفض، ليبلغ تقليص الإنتاج الجديد 1.2 مليون برميل، بدلا من 1.8، بدأ مطلع يوليو/ تموز 2018.

وواصلت أسعار النفط الصعود، مدفوعة بالعقوبات على إيران، إذ دخلت الحزمة الأولى منها في أغسطس/ آب 2018، متعلقة بعمليات مصرفية وصادرات صناعية، حيث ارتفعت خلال أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، فبلغ خام برنت 80 دولارا للبرميل، ما دفع الرئيس الأميركي في ثلاث مناسبات للتغريد على تويتر، مطالبا "أوبك" بخفض الأسعار فورا.

وفي سبتمبر/أيلول، رفض المشاركون في اجتماع لأوبك والمنتجون المستقلون بالجزائر يوم 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، تنفيذ أية زيادة في الإنتاج، والإبقاء على الأرقام الحالية، حتى نهاية 2018، ليسجل خام برنت 84 دولارا للبرميل، ثم 86 دولارا مع قرب دخول حزمة عقوبات ثانية على طهران، التي دخلت حيز التنفيذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وسجلت الأسعار أعلى مستوى لها خلال 4 سنوات عند 86.7 دولارا للبرميل في أكتوبر الماضي، مدعومة من العوامل سالفة الذكر.

وشهد نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، إنتاجا قياسيا لكبار المنتجين على رأسهم الولايات المتحدة، حيث وصل إلى مستوى قياسي عند 11.7 مليون برميل يومياً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وسجلت السعودية إنتاجا قياسيا أيضا خلال الشهر ذاته، عند 11 مليون برميل، لتعويض النقص المتوقع في الإمدادات العالمية، مع بدء تطبيق العقوبات الأميركية على النفط الإيراني، وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الروسية أن إنتاج البلاد اليومي من النفط بلغ 11.37 مليون برميل يومياً في نوفمبر الماضي، وهي مستويات مرتفعة للإنتاج الروسي.

في الشهر ذاته، ارتفع إنتاج منظمة "أوبك" إلى 32.97 مليون برميل يومياً، وهو أعلى بأكثر من 1% عن متوسط إنتاج المنظمة خلال 2017، الذي كان عند 32.62 مليون برميل يومياً، كما استثنت الولايات المتحدة ثماني دول من حظر استيرد النفط الإيراني، ما أفرغ العقوبات من مضمونها كثيرا.

وشهدت الأسواق تخمة في المعروض نتيجة الاستثناءات الأميركية والإنتاج القياسي لكبار المنتجين، ما أطاح بالأسعار من مستويات فوق 86 دولارا إلى 59 دولارا بنهاية نوفمبر الماضي، وصولا إلى 54.25 دولارا في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018.

ويبدأ مطلع 2019، تنفيذ اتفاق جديد لخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، بين كبار المنتجين في "أوبك"، ومنتجين مستقلين بقيادة روسيا، في محاولة لاستعادة استقرار السوق بعد التراجعات المتواصلة.



(العربي الجديد، وكالات)

المساهمون