وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأحد قيادات حزب التجمع اليساري، إن "الحكومة أهملت الإنتاج إهمالاً مخزياً، ولم يعد الإنتاج يشغلنا رغم أن هناك شعوباً لديها الإنتاج مسألة حياة أو موت، كما أن الاحتكارات أصبحت تعشش في جميع جوانب مصر"، مضيفاً أنه "رغم وجود قانون لمنع الممارسات الاحتكارية إلا أنه ليس على مستوى الحدث الحالي، كما أن العقوبات المقررة ضعيفة ولا تتناسب مع المكاسب التي يحققها المحتكر، وتتوقف العقوبات عند العقوبات المالية دون الجنائية"، مطالباً بضرورة "ردع المحتكرين من خلال تشديد العقوبات إلى السجن مثلما يحدث في دول أخرى".
وأشار جودة، خلال ندوة مساء الأربعاء، حول جائزة نوبل للاقتصاد، انعقدت في جمعية الاقتصاد والتشريع والإحصاء، وهي من أقدم الجمعيات العلمية في مصر، إلى أن مصر "تعيش الآن ظاهرة سيطرة رأس المال على الحكم، والتضخم حدث في مصر بفعل فاعل، والفاعل معروف"، مضيفاً أن "التضخم دمر الطبقات الدنيا والفقيرة في المجتمع".
وقال جودة إنه "عندما كان وزيراً للتضامن في عهد المجلس العسكري اقترحت عليه العقوبات على المحتكرين، لكنهم قالوا إن ذلك سيطرد الاستثمار في مصر".
وطالب جودة بتطبيق ما سماه "السعر العادل للسلع"، لافتاً إلى أن ذلك غير مستحيل. وقال إن مصر "فقدت مئات الشباب الذين طالبوا بالعدالة الاجتماعية إبان ثورة يناير/ كانون الثاني"، وتابع: "لا توجد إرادة سياسية لتطبيق الأسعار العادلة في مصر".
وحول قيام الحكومة باتخاذ قرارات اقتصادية لتعويم الجنيه، قال إنه "كانت هناك بدائل اقتصادية لذلك، منها أن يتحول سعر الصرف الثابت إلى سعر صرف مربوط بعدة عملات"، مشيرًا إلى أن مصر "تعيش واقعًا سياسيًا فيه قبضة المستوردين قوية، وأن هناك مجموعة مصالح متكسبة من الوضع الاقتصادي الحالي في مصر".
ومن ناحية أخرى، هاجم جودة الولايات المتحدة الأميركية، لتسببها في "تلويث الكرة الأرضية"، وقال "إن أميركا هي أكبر ملوّث للكرة الأرضية، فهي تصدر 22% من الانبعاثات المسؤولة عن الاحتباس الحراري وتغير المناخ، ومصر ستدفع الثمن الأكبر من هذه الانبعاثات، وما تفعله أميركا من تلويث للبيئة، وخاصة أن مصر معرضة، وفق تقرير رسمي لوزارة البيئة المصرية عام 2016، يؤدي لخطر انتشار أمراض الملاريا وحمى الضنك وحمى الوادي المتصدع وارتفاع مستوى البحر إلى متر، كما سيؤدي التغير المناخي في دلتا نهر النيل إلى غرق أجزاء من الدلتا وسيؤثر على الصحة العامة والسياحة البيئية"، لافتًا إلى أن هناك "تآكلًا واضحًا في السواحل الشمالية المصرية".
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن معدل التضخم في مصر ارتفع بنسبة 2.8% خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2018، ليصل إلى 17.5%، مقارنة مع نسبة بلغت 15.4% في شهر سبتمبر/ أيلول من نفس العام.
وعزا جهاز الإحصاء، في بيان على موقعه الإلكتروني، أسباب ارتفاع معدل التضخم الشهري، إلى زيادة أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 13.2%، لتساهم بنسبة 2.43% في معدل التغير الشهري للتضخم خلال الشهر الماضي.
وذكر الجهاز، أن أسعار البطاطس قفزت خلال الشهر الماضي بنسبة 15.7%، والطماطم بنسبة 28.6%، ولحق بهما البصل بنسبة 16.7%، الأمر الذي انعكس بالارتفاع الكبير على مجموعة الخضروات.
ويمثل التضخم المرتفع أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة وصندوق النقد الدولي، خلال تنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، إذ وصل إلى أعلى مستوياته في 3 عقود خلال يوليو/ تموز من العام الماضي عند 34.2%، ولكنه تراجع بشكل ملحوظ منذ نوفمبر/ تشرين الأول الماضي، قبل أن يرتفع في يونيو/ تموز وأغسطس/ آب بفعل رفع أسعار الوقود والكهرباء.