خسِر تجار غزة الرهان على نشاط الحركة الشرائية مع احتفالات رأس السنة، مرة أخرى كما خسروه في العام الذي سبقه، فالأوضاع الاقتصادية تذهب إلى أسوأ درجاتها في القطاع الساحلي المحاصر، وبات الانخفاض الحاد في حركة الأسواق مشهدًا مملاً للبائعين الذين ركنوا بضائعهم المختلفة بأشكالها وزينتها، وراحت العروض والتنزيلات أدراج الرياح، ولم تسعف المصالحة التي مر عليها نحو شهرين اقتصاد القطاع.
وطوى التجّار صفحة عام 2017 الأسوأ اقتصاديًا عليهم كما كان على مليوني مواطن يعيشون في القطاع المحاصر إسرائيليًا، وراح رهانهم على نشاط حركة الشراء على البضائع في الأيام الأخيرة من 2017 واحتفالات رأس السنة الجديدة خاسرًا، فالأسعار والعروض والتنزيلات المُغرية لم تجذب الغزّيين.
ولم ينفض سكان غزة الغبار عن البضائع المكدّسة في المحلات التجارية، فلم تجذبهم كل تلك العروض التي اجتاحت الأسواق بأسعارها المخفضة على مختلف البضائع من المواد الغذائية والملابس وتجارة الأدوات الصحية والسيراميك وحتى زينة أعياد رأس السنة التي لم تُوقد أنوارها في القطاع المظلم بأزماته المتلاحقة.
هذا الركود في الأسواق اقتحم المحال التجارية مع الربع الثاني من عام 2017، وتحديدًا في شهر إبريل/نيسان المنصرم، عندما فرض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سلسلة من الإجراءات العقابية التي أوصلت اقتصاد غزة إلى نقطة الصفر، مع خصومات وصلت إلى 30 في المائة على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.
ويعتبر موظفو السلطة في غزة والمقدر عددهم بـ58 ألف موظف، "المُنعشين" للحركة الشرائية بأسواق القطاع، حيث ينتظرهم البائعون كما جرت العادة في كل شهر لتحريك بضائعهم من مكانها، لكن الحسومات على رواتبهم فرضت عليهم مقاطعة الأسواق وتركها لأصحابها الذين ملّوا من نثر الغبار كل يوم عن بضائعهم دون مُشترين.
اقــرأ أيضاً
وعَرض بائع المواد الغذائية، عز الدين المدهون، بضائعه على بسطة التخفيضات، أملاً منه في لفت أنظار بعض المتجولين في الأسواق الغزّية، لكنه وصف حالة الإغراء تلك بـ"العقيمة" مع وصول القطاع إلى أسوأ مراحله الاقتصادية.
ويقول المدهون لـ"العربي الجديد": "العام كله كان سيئا علينا، خسرنا الكثير من البضائع التي لم تبع، بعضها انتهت مدة صلاحيتها دون مشترين، والأخرى لم تنجح العروض التي وضعناها عليها في جذب الناس لشرائها، عدم شراء المواد الغذائية بالتحديد مؤشر على صعوبة الأوضاع".
وما يؤكد كلام المدهون، حجم التخفيضات الهائلة والتي لا زالت مفروضة على أسعار اللحوم والمواد الغذائية من قبل بائعيها في مختلف محلات غزة مع دخولهم العام الجديد، والتي لم تُحرك أيادي الفلسطينيين داخل جيوبهم المحمّلة بالديون جرّاء الأحوال الاقتصادية السيئة التي طاولت جميع سكان القطاع.
وانقضى العام المنصرم، وبدأ الفلسطينيون عامًا آخر جديدًا محملاً بالأمنيات التي لا تنتهي بتحسن الأوضاع وطي صفحات الاقتصاد السيئ بغزة، بدءًا من مطالباتهم بوقف الإجراءات "العقابية" ضدهم من قبل السلطة الفلسطينية كونها سببًا رئيسيًا في إحداث حالة من الإفلاس بين صفوف الغزّيين، وانتهاء باتفاق المصالحة المُوقع مؤخرًا بين حركتي "فتح" و"حماس".
ومُرورًا بسوق "الزاوية" شرق مدينة غزة، تلحظ الحركة الخاوية من السكان، وتبدو حركة السير فيه أسرع مما اعتاد عليه الفلسطينيون أثناء تكدس ذلك السوق بالمزدحمين على شراء البضائع المعلقة في المحلات التجارية، ومن أمامها البسطات المحملة بالخضار والأسماك والمواد الغذائية، وكأنهم لا يُعيرون انتباهًا لبدء العام الجديد.
وأمام إحدى البسطات المحملة بالأسماك، عبَر الفلسطيني سالم اللوح بسؤال سريع حول سعر الكيلو الواحد منها، ما لبِث أن ناداه البائع بسعرٍ آخر بدا وكأنه محاولة إغراء من الأخير للمشتري، لعله يحمل شيئًا من ذلك الحِمل الثقيل على صاحبه، بيد أن ذلك لم يُقنع الغزّي بالرجوع والشراء.
ويُفسر اللوح ذلك في حديثه لـ"العربي الجديد" بالقول: "جئت للسوق لأشتري بعض الخضار، الميزانية محدودة لا تسمح لي بشراء 2 كيلو من البندورة، اشتريت واحدًا فقط، وكذلك الأمر مع أشياء أخرى، بتنا نحسب ما علينا دفعه بالتمام لكي نحافظ على لقمة عيشنا التي باتت لا تكفي لنشتري كل الحاجيات".
مهرجان آخر من العروض والتخفيضات قاده بائعو مواد البناء ومنها السيراميك، ولاحظه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من خلال صور التنزيلات على تلك البضائع، والتي وجدت تفاعلاً بين الغزّيين بالتعليقات المجانية دون أن تُحرك جيوبهم فعليًا نحو استغلال تلك الحملات لمصلحتهم، وعذرهم مقبول اقتصاديًا.
الحال وصل كذلك لتكبد أصحاب محلات الملابس كما فعل السابقون، عناء الإعلانات الممولة عبر "فيسبوك" وتخفيضات آخر العام، وهو ما يُفسر ضعف الحركة الشرائية للفلسطينيين الذين فضلوا استقبال العام الجديد بحلتهم القديمة، عازفين عن التجاوب مع معظم تلك الحملات التي انقادت في الأيام الأخيرة من 2017.
ومع كل ذلك، بدا عام 2018 باهتًا في أيامه الأولى على غزة، فالحال يُفسر ملل الغزّيين من تطلعاتهم بتحسن العام عن قبله، كما فعلوا طيلة الـ11 عامًا الماضية، مع استمرار فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
اقــرأ أيضاً
وطوى التجّار صفحة عام 2017 الأسوأ اقتصاديًا عليهم كما كان على مليوني مواطن يعيشون في القطاع المحاصر إسرائيليًا، وراح رهانهم على نشاط حركة الشراء على البضائع في الأيام الأخيرة من 2017 واحتفالات رأس السنة الجديدة خاسرًا، فالأسعار والعروض والتنزيلات المُغرية لم تجذب الغزّيين.
ولم ينفض سكان غزة الغبار عن البضائع المكدّسة في المحلات التجارية، فلم تجذبهم كل تلك العروض التي اجتاحت الأسواق بأسعارها المخفضة على مختلف البضائع من المواد الغذائية والملابس وتجارة الأدوات الصحية والسيراميك وحتى زينة أعياد رأس السنة التي لم تُوقد أنوارها في القطاع المظلم بأزماته المتلاحقة.
هذا الركود في الأسواق اقتحم المحال التجارية مع الربع الثاني من عام 2017، وتحديدًا في شهر إبريل/نيسان المنصرم، عندما فرض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سلسلة من الإجراءات العقابية التي أوصلت اقتصاد غزة إلى نقطة الصفر، مع خصومات وصلت إلى 30 في المائة على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.
ويعتبر موظفو السلطة في غزة والمقدر عددهم بـ58 ألف موظف، "المُنعشين" للحركة الشرائية بأسواق القطاع، حيث ينتظرهم البائعون كما جرت العادة في كل شهر لتحريك بضائعهم من مكانها، لكن الحسومات على رواتبهم فرضت عليهم مقاطعة الأسواق وتركها لأصحابها الذين ملّوا من نثر الغبار كل يوم عن بضائعهم دون مُشترين.
وعَرض بائع المواد الغذائية، عز الدين المدهون، بضائعه على بسطة التخفيضات، أملاً منه في لفت أنظار بعض المتجولين في الأسواق الغزّية، لكنه وصف حالة الإغراء تلك بـ"العقيمة" مع وصول القطاع إلى أسوأ مراحله الاقتصادية.
ويقول المدهون لـ"العربي الجديد": "العام كله كان سيئا علينا، خسرنا الكثير من البضائع التي لم تبع، بعضها انتهت مدة صلاحيتها دون مشترين، والأخرى لم تنجح العروض التي وضعناها عليها في جذب الناس لشرائها، عدم شراء المواد الغذائية بالتحديد مؤشر على صعوبة الأوضاع".
وما يؤكد كلام المدهون، حجم التخفيضات الهائلة والتي لا زالت مفروضة على أسعار اللحوم والمواد الغذائية من قبل بائعيها في مختلف محلات غزة مع دخولهم العام الجديد، والتي لم تُحرك أيادي الفلسطينيين داخل جيوبهم المحمّلة بالديون جرّاء الأحوال الاقتصادية السيئة التي طاولت جميع سكان القطاع.
وانقضى العام المنصرم، وبدأ الفلسطينيون عامًا آخر جديدًا محملاً بالأمنيات التي لا تنتهي بتحسن الأوضاع وطي صفحات الاقتصاد السيئ بغزة، بدءًا من مطالباتهم بوقف الإجراءات "العقابية" ضدهم من قبل السلطة الفلسطينية كونها سببًا رئيسيًا في إحداث حالة من الإفلاس بين صفوف الغزّيين، وانتهاء باتفاق المصالحة المُوقع مؤخرًا بين حركتي "فتح" و"حماس".
ومُرورًا بسوق "الزاوية" شرق مدينة غزة، تلحظ الحركة الخاوية من السكان، وتبدو حركة السير فيه أسرع مما اعتاد عليه الفلسطينيون أثناء تكدس ذلك السوق بالمزدحمين على شراء البضائع المعلقة في المحلات التجارية، ومن أمامها البسطات المحملة بالخضار والأسماك والمواد الغذائية، وكأنهم لا يُعيرون انتباهًا لبدء العام الجديد.
وأمام إحدى البسطات المحملة بالأسماك، عبَر الفلسطيني سالم اللوح بسؤال سريع حول سعر الكيلو الواحد منها، ما لبِث أن ناداه البائع بسعرٍ آخر بدا وكأنه محاولة إغراء من الأخير للمشتري، لعله يحمل شيئًا من ذلك الحِمل الثقيل على صاحبه، بيد أن ذلك لم يُقنع الغزّي بالرجوع والشراء.
ويُفسر اللوح ذلك في حديثه لـ"العربي الجديد" بالقول: "جئت للسوق لأشتري بعض الخضار، الميزانية محدودة لا تسمح لي بشراء 2 كيلو من البندورة، اشتريت واحدًا فقط، وكذلك الأمر مع أشياء أخرى، بتنا نحسب ما علينا دفعه بالتمام لكي نحافظ على لقمة عيشنا التي باتت لا تكفي لنشتري كل الحاجيات".
مهرجان آخر من العروض والتخفيضات قاده بائعو مواد البناء ومنها السيراميك، ولاحظه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من خلال صور التنزيلات على تلك البضائع، والتي وجدت تفاعلاً بين الغزّيين بالتعليقات المجانية دون أن تُحرك جيوبهم فعليًا نحو استغلال تلك الحملات لمصلحتهم، وعذرهم مقبول اقتصاديًا.
الحال وصل كذلك لتكبد أصحاب محلات الملابس كما فعل السابقون، عناء الإعلانات الممولة عبر "فيسبوك" وتخفيضات آخر العام، وهو ما يُفسر ضعف الحركة الشرائية للفلسطينيين الذين فضلوا استقبال العام الجديد بحلتهم القديمة، عازفين عن التجاوب مع معظم تلك الحملات التي انقادت في الأيام الأخيرة من 2017.
ومع كل ذلك، بدا عام 2018 باهتًا في أيامه الأولى على غزة، فالحال يُفسر ملل الغزّيين من تطلعاتهم بتحسن العام عن قبله، كما فعلوا طيلة الـ11 عامًا الماضية، مع استمرار فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.