سجل عام 2015 على الصعيد الاقتصادي في قطاع غزة، استمرار سياسة الحصار وإغلاق المعابر التجارية التي تربط القطاع مع العالم الخارجي، بالإضافة إلى إغلاق معبر رفح البري وعدم فتحه إلا لأيام معدودة ولفئات محددة.
ويفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا على غزة منذ سيطرة حركة "حماس" على شؤون القطاع في منتصف عام 2007، وبعد ذلك شن الاحتلال ثلاث حروب عدوانية خلّفت خسائر مالية ومادية في مختلف مقومات الحياة وتحديدا في القطاعين الاقتصادي والإنشائي إلى جانب مرافق البنية التحتية.
وقال الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد بغزة، عبد الفتاح الزريعي لـ "العربي الجديد": إن الاحتلال شدد من إجراءات حصاره للقطاع في العام الماضي، بعدما أعاق دخول المواد الخام اللازمة للصناعة، وفي الوقت ذاته ضاعف عدد المواد الممنوعة من الدخول إلى القطاع، تحت ذرائع واهية.
وأضاف الزريعي أن أكثر القطاعات الاقتصادية تضررا كان القطاع الصناعي، وتحديدا قطاع الصناعات الخشبية والدهانات والصناعات المعدنية والإنشائية، مبيناً أن الاحتلال ما زال يفرض قيوده على كميات المواد الإنشائية التي تدخل الى القطاع وفق خطة المبعوث الأممي السابق روبرت سيري.
وأوضح أن عدد أيام العمل في المعابر الخاضعة لسيطرة الاحتلال بلغ نحو 243 يوم بنسبة تشغيل وصلت إلى قرابة 66%، بينما وصل معدل العمل اليومي في معبر كرم أبو سالم لتسع ساعة بدلا من 12 ساعة، في ظل إغلاق باقي المعابر الأخرى باستثناء معبر بيت حانون (إيرز) المخصص لحركة الأفراد.
وأغلق الاحتلال منذ أن فرض حصاره على غزة المعابر التجارية الثلاثة التي كانت تمثل العصب الأساسي للاقتصاد المحلي، وأبقى على معبر كرم أبو سالم، الواقع أقصى جنوب شرق مدينة رفح، كمنفذ وحيد تدخل من خلاله جميع احتياجات القطاع، التي كانت تورد سابقا من المعابر المغلقة.
وأزال الاحتلال في عام 2007 معبر صوفا، والذي كان مجهزا لدخول مواد البناء، وبعد نحو ثلاث سنوات أغلق معبر الشجاعية، والذي كان مخصصا لنقل مشتقات الوقود، ومع مطلع عام 2012 دمر الاحتلال معبر المنطار الذي كان يعتبر من أكبر المعابر التجارية المجهزة لدخول مختلف البضائع.
وقال التقرير إن عدد الشاحنات التي دخلت إلى غزة في العام المنصرم، بلغ قرابة 105.167 آلاف شاحنة، خصص منها نحو 60% للقطاع الخاص، فيما بلغ عدد الشاحنات الواردة من معبر رفح نحو 734 شاحنة جميعها لمشاريع إعادة الإعمار وفق المنحة القطرية، وذلك بانخفاض مقداره 78.2% بالمقارنة مع عام 2014.
وبين الزريعي أن إغلاق معبر رفح دفع اللجنة القطرية إلى الحصول على احتياجاتها من المواد الإنشائية من خلال المعابر الإسرائيلية، لافتا إلى أن تدمير وإغراق السلطات المصرية للأنفاق الحدودية بين مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية كان له أثر كبير على الاقتصاد المحلي.
اقرأ أيضاً: الأزمات تعصف باقتصاد غزة في 2015
وأدى توقف دخول المواد الخام عبر الأنفاق إلى إلحاق ضرر بالغ بالقطاع الصناعي لا سيما في قطاع الصناعات الكيميائية والمعدنية، وكذلك تسبب تدمير الأنفاق الحدودية بفقدان عشرات السلع من السوق المحلي خاصة تلك التي يمنع الاحتلال دخولها.
وذكر الزريعي أن قائمة الأصناف الممنوع دخولها عبر معبر كرم أبو سالم التجاري في ازدياد، وكذلك قائمة التنسيق الخاص للبضائع في ازدياد مضطرد، الأمر الذي يؤكد أن الحصار الإسرائيلي ما زال على حاله بل تضاعفت حدته في الفترة الأخيرة.
وكأحد إجراءات الحصار، قسم الاحتلال البضائع الواردة إلى القطاع، لثلاثة أقسام، يتعلق القسم الأول ببضائع تحتاج إلى تنسيق مسبق قبل يومين من إدخالها، وبضائع يشترط لإدخالها التنسيق لها قبل نحو شهرين، والتي يدعي الاحتلال أنها مزدوجة الاستخدام وقد تضر بمصالحه.
أما القسم الثالث، فيتعلق بمئات الأصناف والبضائع التي يضعها الاحتلال في قائمة سوداء ويرفض إدخالها إلى غزة بشكل تام، لدواعي أمنية، كالمواد الكيميائية والمعدات الثقيلة والآلات الإلكترونية وأيضا مستلزمات الصيد البحري.
وأرجع الزريعي سبب ارتفاع معدلات دخول شاحنات المساعدات بقيمة ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2014، لسببين، الأول يرجع لتردي الأوضاع الاقتصادية للسكان، لاسيما بعد العدوان الأخير، الأمر الذي دفع بالعديد من المؤسسات الإغاثية إلى زيادة حجم مساعداتها.
وسجلت حركة شاحنات الوقود القادمة إلى غزة زيادة واضحة بقرابة 49%؛ وذلك بسبب توقف توريد الوقود عبر الأنفاق الحدودية وزيادة كميات الوقود الواردة إلى محطة الكهرباء بعد رفع ضريبة (البلو) لفترات زمنية متقطعة، الأمر الذي سمح لسلطة الطاقة بشراء كميات أكبر من السولار الصناعي.
ولفت تقرير وزارة الاقتصاد الوطني إلى أن قطاع غزة يعاني من أزمة حقيقية وصعبة في مشتقات الوقود وتوفير غاز الطهو للمنازل؛ نظراً لأن طاقة معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع مع العالم الخارجي، لا تحتمل أكثر من 12 صهريج غاز مسال يوميا.
من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، معين رجب لـ"العربي الجديد" أنه من الصعب التنبؤ بالحالة الاقتصادية التي سيعيشها قطاع غزة خلال الفترة المقبلة، نظرا للسيناريوهات اليومية المتغيرة وللظروف المعقدة التي يمر بها القطاع.
وذكر رجب أن القطاع ما زال يعاني من تداعيات الحروب الإسرائيلية الثلاث التي شنت عليه خلال السنوات الماضية، الأمر الذي يشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية قد تتجه نحو الأسوأ أو قد تبقى على حالها، وكذلك من الممكن أن يطرأ عليها تحسن طفيف إن تراجعت حدة الحصار الإسرائيلي.
وشدد الخبير الاقتصادي على أهمية وضع الجهات التنفيذية في غزة خطة وطنية تضمن تسيير الشؤون الاقتصادية بالقدر المستطاع ووفق الإمكانات المتاحة، لافتا إلى أن القطاع الاقتصادي بكل مكوناته سيتعرض لضربة قاضية في حال اندلع عدوان إسرائيلي جديد على غزة.
وبلغ عدد الشاحنات التي خرجت من غزة لأسواق الضفة الغربية خلال العام الماضي 1281 شاحنة، تمثل المنتجات الزراعية ما نسبته 88% من عدد الشاحنات فيما تمثل منتجات المصانع 12%، الأمر الذي يشير إلى أن مجمل ما سمح بتصديره لم يتجاوز 3% مقارنة بالكميات التي كانت تصدر في السابق.
وبلغت نسبة الصادرات من غزة خلال 1996_1999 ما يزيد عن 80 مليون دولار، إلا أن النسبة أخذت بالتراجع بشكل تدريجي بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2000، وما أعقبها من تدمير لعدد كبير من المنشآت الاقتصادية وهروب المستثمرين من الأراضي الفلسطينية ووضع قيود على عمليات التبادل التجاري.
اقرأ أيضاً:
الحصار لم يترك لشركات السياحة بغزة سوى خرائط العالم
أزمة الغاز تعمّق معاناة سكان غزة