وبرّرت الشركة، أنّ هذا القرار سيحقق لها عدّة منافع اقتصادية. فيما رأت منافستها شركة "كريم"، في القرار فرصة لها لاستغلاله كي تحقق بدورها المنافع الاقتصادية في السوق السعودية.
يأتي ذلك، وسط انكشاف جزء من الأهداف التي دفعت السلطة السعودية إلى اتخاذ مثل هذا القرار، الذي حاربت من أجله عشرات النساء السعوديات، وتعرضن للقمع والاعتقال بسبب تحدّي هذا الحظر على مدى سنوات.
إذ إنّ الأمر لا يتعلق بإعطاء "الحقوق" حصراً، بقدر ما يتعلق بمصالح اقتصادية، مرتبطة برؤية 2030 لولي العهد محمد بن سلمان، والتي تتخبّط في فشلها.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "كريستيان مونيتور"، إن السلطة السعودية تريد الاستفادة من قوة النساء العاملات في السوق المحلية.
وإبّان صدور المرسوم الملكي، رجّح مراقبون أن تتكبّد شركة "أوبر" لتأجير السيارات خسائر باهظة، والتي تشكل النساء 80% من زبائنها حالياً؛ إذ توقع محلّلون في مجال السيارات انخفاض الطلب على أوبر التي ضخ الصندوق السيادي السعودي استثمارات فيها، بعد امتلاك السيدات سيارات خاصة، ما يضع الشركة في موقع أكبر الخاسرين مالياً من المرسوم الملكي.
غير أنّ موقع "كوارتز" يقول إن الشركة حصلت على 3.5 مليارات دولار من صندوق الاستثمار العام السعودي في يونيو/حزيران 2016، وكان هذا الاستثمار الأضخم للصندوق، ما أعطى رئيسه ياسر الرميان، مقعداً في مجلس إدارة الشركة.
وبحسب الموقع نفسه، فإن الشركة استغلت موقعها في صندوق الاستثمار، خلال اجتماعاتها مع مسؤولين سعوديين، كي تضغط باتجاه السماح للمرأة بالقيادة. وقد نقل الموقع هذه الادّعاءات عن مصدر مسؤول من عمليات "أوبر" في الشرق الأوسط، دون أن يكشف عن هويته.
وبحسب المصدر نفسه، فإنّ الشركة اختارت هذا الاتجاه، بعدما رأت أن التوجه في المملكة نحو توظيف السعوديين، وبينهم النساء، وإن "النقاش الداخلي في الشركة، كان يمكننا أن نكون جزءاً من ذلك". ويوضح الموقع أن شركة "أوبر ستقوم بافتتاح مركز تدريب متخصص للنساء السعوديات اللواتي يرغبن في القيادة مع الشركة، وهذا سيحقق لها منفعة اقتصادية.
من جهة ثانية، يشير الموقع إلى توجّه الشركة المنافسة لـ"أوبر"، "كريم"، للاستفادة من السوق السعودية، انطلاقاً من التغييرات الجديدة. وبدأت "أوبر العمل في السعودية في العام 2014، ثم لحقت بها "كريم" بعد عام تقريباً.
ويقول "كوارتز"، إنّ شركة "كريم" وظفت خلال العام ونصف العام الأخيرين، أكثر من 100 ألف سعودي، وأعطتهم صفة "كابتن" لتمييزهم عن السائقين من الجنسيات الآسيوية. وسارت على نفس المنوال "أوبر"، بحيث يذكر المصدر نفسه للموقع، أنّ 90% من سائقيها اليوم سعوديون مقارنة بـ20% قبل عام تقريباً.
ويلفت الموقع إلى أنّه قبل عام تقريباً، حظرت السلطات السعودية على غير السعوديين العمل في "أوبر" و"كريم"، وحصرت توظيفهم في شركات تأجير السيارات التقليدية، وهو ما يعكس تناغماً واضحاً بين قرارات السلطات، وأكبر المستثمرين في هذا القطاع داخل السوق السعودية.
من جهة ثانية، فإن قرار السماح للمرأة بالقيادة، سيسمح بدخول النساء في إطار العمل مع شركة أوبر، وكريم كسائقات. كما أن ذلك سيساهم في زيادة الإقبال على هذه الخدمة، من قبل النساء اللواتي لا يستطعن شراء السيارات، حيث سيتجهن إلى هذه الخدمة، وفق المصادر نفسها.
ولكن تفاؤل الشركتين أن تصبح المرأة سائقة معهما، وتقوم بتقديم خدمات التوصيل للعديد من النساء السعوديات اللواتي لا يستطعن شراء سيارة، أمر صعب التحقيق في بيئة كالسعودية، حيث التقاليد الاجتماعية المتوارثة لا تزال سيدة الموقف.
وفي سياق متصل، ترى مجلة "كريستيان مونيتور" وفقاً لما نقلته عن مراقبين، أن عوامل اقتصادية كانت وراء قرار السماح للنساء بقيادة السيارات في السعودية، فوسائل النقل العام كانت محدودة للغاية، مما يجبر العائلات على استئجار سائقين خاصين.
وتضيف المجلة، أن المتضرر من القرار، في المقام الأول، هو السائق الخصوصي وليس شركات تأجير السيارات مثل أوبر وكريم، حيث يوجد حوالى 800 ألف سائق خاص لدى الأسر السعودية من المتوقع التخلي عن خدمات جزء كبير منهم.
وتشير إلى أن الخطط الاقتصادية الحالية للمملكة تستهدف زيادة نسبة مشاركة القوة العاملة من النساء من 22% حالياً إلى 30% في عام 2030؛ ما يظهر بوضوح أنّ الهدف الاقتصادي هو الذي دفع أصحاب القرار في المملكة، إلى رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، قبل أن يكون إعطاء لحقوقها، في بلد يعتقل فيه شخص، بسبب تغريدة، أو بسبب عدم ترويجه لموقف السلطة.