انتخابات بريكست: الأثرياء بين خيارات الخروج من أوروبا و" اشتراكية كوربين"
مع انطلاق حملة الانتخابات العامة في بريطانيا التي ستبدأ في 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تنتقل معركة بريكست المعقدة من البرلمان إلى صناديق الاقتراع، حيث يطمح رئيس الوزراء بوريس جونسون بالحصول على أغلبية تؤهله لإخراج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي بعد أن فشل في الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تمرير مشروع اتفاق بريكست.
في المقابل، يسعى حزب العمال للفوز بأغلبية تساهم في تمرير مشروع الحفاظ على علاقات تجارية مرنة مع دول الاتحاد الأوروبي، أو ربما التخلي كلياً عن بريكست في حال حصوله على أغلبية كبيرة.
على صعيد مجتمع المال والاستثمار في حي المال البريطاني، فإن الانتخابات تضع المستثمرين والأثرياء بين نارين، هما احتمال الخروج من أوروبا دون تنسيق تجاري في حال فوز حزب المحافظين، أو برنامج "التحول الاقتصادي" الذي يتضمن تأميم الشركات ومنح العمال حصصاً في الشركات التي يعملون فيها ورفع الضرائب على الأثرياء.
وحتى الآن هنالك صعوبة بالغة في التكهن بالنتيجة التي ستفضي إليها الانتخابات المقبلة، وسط التنازع النفسي للناخبين بين الولاء الحزبي التقليدي والتأييد أو الرفض لمشروع " بريكست"، وبالتالي ربما يحق أن يطلق عليها "انتخابات بريكست"، لأنها ببساطة الموضوع الرئيسي الذي انطلقت من أجله وربما سيكون بريكست الموضوع الرئيسي الذي سيحدد اختيار الناخبين لمن سيصوتون وليس الولاء للحزب أو المرشح حسب محللين.
وحتى الآن، تمنح بعض استفتاءات الرأي بوريس جونسون، بعض التقدم، لكن استفتاءات الرأي لم يعد موثوقاً بها خلال الآونة الأخيرة، حيث فشلت في تحديد العديد من النتائج المهمة، وعلى رأسها استفتاء بريكست ونتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. في هذا الصدد تقول مؤسسة الأبحاث العالمية " تي أس لومبارد": "حالياً من المستحيل التنبؤ بنتيجة الانتخابات البريطانية".
على صعيد أسواق المال والصرف، تمكنت العملة البريطانية حتى الآن من الارتفاع بمعدل ملحوظ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث صعد الجنيه الإسترليني من مستوياته الدنيا تحت 1.2 مقابل الدولار إلى 1.30 دولار، وهو تحسن كان متوقعاً مع قرب حسم نتيجة بريكست. وحسب صحيفة " فاينانشيال تايمز"، البريطانية، فإن معظم المستثمرين والمحللين يعتقدون أن فوز حزب المحافظين سيدعم الإسترليني، لأنه سيظهر وضوحاً حول مستقبل العلاقة التجارية والاستثمارية بين بريطانيا وأوروبا.
أما أية نتيجة أخرى فسوف تعني مزيداً من الارتباك حسب مراقبين، وربما يقود فوز حزب العمال إلى تبني بريكست مخفف أو حتى إلغاء بريكست كلية في حال فوزه بأغلبية كبيرة. في هذا الشأن، يتوقع الاقتصادي بشركة "أكسا انفيستمنت مانجرز"، ديفيد بيدج، أن تشهد العملة البريطانية اضطراباً خلال الأسابيع المقبلة، وستتأرجح حركتها صعوداً وهبوطاً وفقاً لاستفتاءات الرأي التي كشفت عنها الصحف البريطانية.
وكان مسح سابق أجرته صحيفة " فاينانشيال تايمز" بين كبار المدراء التنفيذين في بريطانيا، قد أشار إلى أن شركات حي المال اللندني، تتخوف من برنامج حزب العمال أكثر من تخوفها من خروج بريطانيا دون ترتيبات تجارية أو جمركية.
ولاحظت الصحيفة في تقريرها أن معظم شركات حي المال والمصارف الكبرى وضعت خططاً للطوارئ تمكنها من التعامل مع احتمال خروج بريطانيا من أوروبا دون ترتيبات تجارية.
ومنذ اعتلاء بوريس جونسون منصب رئاسة الوزراء تأمل شركات حي المال في استثمار علاقاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في توقيع اتفاق شراكة تجارية واسعة تغنيها عن الخضوع للضغوط الأوروبية. وعلى صعيد أدوات المال الثابتة، يرى رئيس قسم الأسهم بصندوق "لازارد أست منجمنت"، أن أدوات المال الثابتة ستستفيد، لأن عدم اليقين السياسي حتى تحديد نتيجة الانتخابات سيعني أن العائد على السندات الحكومية سيحافظ على معدله المنخفض.
ومثل هذا البرنامج التخصيصي يخيف المستثمرين في هذه الشركات، وخصوصاً أن أسلوب التعويض المادي لأصحاب الأسهم الذي يعتمده الحزب في برنامجه يحسب سعر السهم المسترجع على أساس القيمة الدفترية أو سعر الاكتتاب وليس سعر السوق.
وهو ما قد يعني خسائر كبيرة بالنسبة للمساهمين في الشركات. كما يدعو برنامج الحزب كذلك إلى تمليك العمال حصصاً في الشركات التي يعملون فيها. وكذلك زيادة الضرائب على الأثرياء والمساكن الفخمة وإعادة تسجيل الثروات.