وقال الجارحي، في تصريحات صحافية، مساء الجمعة، أنه سيتم ضم قيمة الشريحة الثانية إلى الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي المصري، مع منح المقابل بالجنيه المصري لدعم عجز الموازنة العامة، مشيراً إلى أن "مصر عازمة على استكمال برنامجها للإصلاح الاقتصادي، بما يشمله من إصلاح (تحرير) لمنظومة الدعم الموجه للمواطنين".
وأصدرت بعثة خبراء صندوق النقد تقريراً، اليوم، قالت فيه إن "فريق خبرائه توصل، خلال زيارته للقاهرة في الفترة من 30 إبريل/ نيسان إلى 11 مايو/ أيار الجاري، إلى اتفاق مع السلطات المصرية بشأن المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر، ويدعمه الصندوق من خلال قرضه البالغ 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات".
واستلمت مصر الدفعة الأولى من شريحة القرض بواقع 2.75 مليار دولار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ليصل مجموع المبالغ المصروفة إلى أربعة مليارات دولار، "في إطار تنفيذ الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة المالية، والبنك المركزي، خطوات مبدئية، جادة، وجذرية في عملية إصلاح الاقتصاد، وتحقيق نتائج ملموسة نتيجة تحرير سعر الصرف".
وأشاد الصندوق، في بيانه، بـ"استحداث ضريبة القيمة المُضافة، ومواصلة إصلاح دعم الطاقة، لتعزيز أوضاع المالية العامة، وانتهاء مشكلة عدم توافر العملة الأجنبية، وبدأ التعافي في سوق الأنتربنك الدولارية بين البنوك، والإقبال على شراء السندات الدولارية التي أصدرتها القاهرة في يناير/ كانون الثاني الماضي، فضلاً عن استثمارات الأجانب في المحافظ المالية".
وأشار الصندوق إلى "التعافي النسبي في قطاع الصناعة التحويلية، بما يسهم في خلق فرص العمل، وتسجيل النمو 3.9% خلال الربع الأول من عام 2017، وانخفاض عجز المالية العامة الأولي، بما يعادل نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي"، مشدداً على أن "تخفيض التضخم من أهم الأولويات للحفاظ على مستويات المعيشة للمواطنين في جميع أرجاء مصر".
وأشار الصندوق إلى "أهمية تخفيض معدل التضخم إلى أرقام أحادية على المدى المتوسط، تماشياً مع المهمة المنوط بها في تحقيق استقرار الأسعار"، مُعرباً عن ثقته في "امتلاك البنك المركزي المصري الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، والحفاظ على نظام سعر الصرف الحُر، وتكوين احتياطيات كافية من النقد الأجنبي".
ويرى الصندوق أن وزارة المالية أعدت موازنة قوية، وإذا أقرها مجلس النواب "ستضع الدين العام على مسار تنازلي واضح نحو مستويات يمكن الاستمرار في تحملها"، مرحباً، على وجه الخصوص، بـ"الخطط الرامية إلى رفع سعر ضريبة القيمة المُضافة، ومواصلة عملية إصلاح دعم الطاقة طوال سنوات البرنامج الثلاث".
وقفز معدل التضخم في مصر إلى مستويات قياسية، إذ بلغ 32.9% عن إبريل/ نيسان الماضي، مُقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، فيما أجرت بعثة الصندوق لقاءات مع مسؤولين في الحكومة المصرية لحسم إشكالية رفع أسعار الفائدة، والذي سيرفع أعباء خدمة الدين العام، وزيادة الفائدة على الاقتراض من البنوك.
ووفقاً لاتفاق مصر مع الصندوق، من المقرر أن تحصل على الشريحة الثالثة بقيمة ملياري دولار في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وملياري دولار في 15 مارس/ آذار 2018 كدفعة رابعة، وملياري دولار كدفعة خامسة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، تعقبها آخر دفعة في 15 مارس/ آذار 2019 بملياري دولار.
وتُسدد مصر نحو 370 مليار جنيه، مدفوعات لفوائد الديون في الموازنة الجديدة، بينما تصل الفجوة التمويلية خلال العام المالي (2017 /2018) إلى أكثر من 20 مليار دولار، مُقابل قرابة 12 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، في حين لم تتمكن الحكومة المصرية من تأمين سوى 5.5 مليارات دولار من الاحتياجات المطلوبة.
وخالفت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي نصوص المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور للعام الثاني على التوالي، إذ لم تلتزم في موازنتها الجديدة بالنسبة الدستورية المخصصة للإنفاق الحكومي، بما لا يقل عن 3% من الناتج القومي للصحة، و4% للتعليم، و2 للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.
وشملت موازنة قطاع الصحة 54 ملياراً، و922 مليون جنيه، مقابل 48 ملياراً، و944 مليوناً في العام المالي الجاري، في حين يقترب الناتج المحلي الإجمالي، بحسب رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، من 4.2 تريليونات جنيه، أي يجب تخصيص 126 مليار جنيه للصحة على الأقل للصحة، وفقاً للدستور.
وأشار البيان المالي للموازنة إلى تخصيص مبلغ 106 مليارات، و575 مليون جنيه لموازنة قطاع التعليم، مقابل 103 مليارات، و962 مليون جنيه في الموازنة الجارية، بزيادة طفيفة، لم تراع انخفاض قيمة الجنيه في مقابل الدولار إلى أقل من النصف، أو النسبة الدستورية المستحقة، بتخصيص ما لا يقل عن 168 مليار جنيه.