تعد التمور سلعة رئيسية تتصدر اهتمامات الأسواق اليمنية في الموسم التجاري والاستهلاكي الرمضاني. إذ تعتبر أهم سلعة يحرص التجار على توفيرها بكميات كافية في هذا الموسم نظراً لاستيعابها ما يقارب 50% من الإنفاق على توفير الاحتياجات الرمضانية من السلع الغذائية والاستهلاكية في اليمن.
لكن هذا العام، تشهد الأسواق في صنعاء ومعظم المدن اليمنية تراجعاً شديداً في عرض الاحتياجات الاستهلاكية من التمور التي يرتفع الطلب عليها خلال شهر رمضان، نظراً للصعوبات في عملية الانتقال بين المحافظات والمناطق اليمنية لتعدد السلطات وبسبب الطرقات الوعرة المستحدثة بسبب الحرب، وكذا نقاط الاحتجاز التي وضعتها السلطات المعنية في إطار الإجراءات الوقائية لمكافحة فيروس كورونا.
وارتفعت أسعار معظم أصناف التمور في الأسواق المحلية، إذ وصل سعر الكيلوغرام إلى 800 ريال، ارتفاعاً من 500 ريال، وبعض الأصناف المستوردة زاد سعرها بنسبة 200% (الدولار يساوي 598 ريالاً).
وقال مفيد ناعس، وهو بائع تمور في صنعاء، إن الإنتاج المحلي من التمور تأثر كثيراً هذا الموسم بسبب ظروف وعوامل طبيعية ناتجة عن العواصف التي ضربت مناطق إنتاج رئيسية، مثل حضرموت والمهرة، منذ مطلع العام الماضي، وهو ما أثر على المعروض منها في الأسواق.
ولفت ناعس في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه إضافة إلى ذلك توجد تأثيرات للحرب والصراع على معروض هذه السلعة.
حيث طاول القصف العديد من المزارع، وتركّز في بعض مناطق الإنتاج، مثل تهامة في الحديدة (غرب)، حيث شهدت معارك عنيفة أثرت على المزارعين والقطاع الزراعي بشكل عام.
وحسب إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة والري اطلعت عليها "العربي الجديد"، يبلغ عدد أشجار النخيل في اليمن حوالي 4.680 ملايين نخلة، منها ما يقرب من 67% أشجار مثمرة، وجميعها تشغل رقعة زراعية تقدر بحوالي 23.6 ألف هكتار وبقدرة إنتاجية تبلغ نحو 50 ألف طن سنوياً.
ويشكك خبراء في مناطق زراعية رئيسية في اليمن بهذه الإحصائية، إذ يوضح المهندس فيصل مارش، من إدارة البحوث الزراعية للمناطق الساحلية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عدد أشجار النخيل المنتجة لا يتجاوز 5 ملايين شجرة، يصل إنتاجها لنحو 100 ألف طن.
وحسب مارش فإن هناك أصنافا عديدة من المستوى الأول للتمور يجد المزارعون صعوبة بالغة في إنتاجها نظراً للاعتماد على الطرق الزراعية البدائية وكذا عدم القدرة على التعامل مع بعض الاَفات التي تهاجم أشجار النخيل في بعض المناطق الزراعية من وقت لآخر، وهو ما يؤدي إلى هدر وإتلاف كميات كبيرة من المحصول.
ويشكو مزارعون في حضرموت، جنوب شرق اليمن، من هدر كميات كبيرة من إنتاج هذا العام من التمور نتيجة تعرض أشجار النخيل في العديد من المزارع للتلف وتساقط الأغصان.
ويرجع الخبير الزراعي في محطة البحوث الشرقية صلاح هزاع، أسباب ذلك إلى جلب بعض "غرسات" النخيل من دول في شرق آسيا مصابة بحشرة "دبس النخيل"، رغم علم مزارعي النخيل بوجودها، بحجة أن التربة والطقس في حضرموت لن يكونا عاملين مساعدين لبقاء هذه الحشرة، واتضح لهم عكس ما اعتقدوا.
إذ بدأت هذه الحشرة، حسب قول هذا الخبير الزراعي لـ"العربي الجديد"، في التأثير على "الغرسات" بعد أشهر قليلة من زراعتها لتقضي عليها في ظل عدم وجود وسائل ومبيدات مساعدة للتعامل معها.
وتتركز زراعة النخيل في الوقت الراهن في المناطق الساحلية من اليمن، خصوصاً محافظتي حضرموت والحديدة، إضافة إلى محافظات أخرى في شرق البلاد وجنوبها.
ويوضح محسن الكودي، مدير عام إدارة الزراعة الموسمية في وزارة الزراعة والري اليمنية، أن مشكلة المياه تشكل معضلة شديدة تحد من عملية التوسع في زراعة النخيل وإنتاج التمور ومنتجات زراعية موسمية أخرى، إضافة إلى ندرة الأصناف الجيدة للتسويق.
وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تم بذلها لكنها تفتقد، وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، للإمكانيات اللازمة التي تحقق الأثر الملموس في تغليب الطرق الزراعية الحديثة وتطوير العملية الإنتاجية.
ورغم العديد من المشاكل المزمنة التي تعانيها زراعة النخيل في اليمن "إلا أن هناك بالمقابل أصنافا عالية الجودة من التمور تتم زراعتها في بعض المناطق الزراعية اليمنية، مثل حضرموت ووادي سردد في تهامة".
ويؤكد الكودي امتلاك اليمن نحو 35 صنفاً عالي الجودة من أصناف التمور ومصنفة من قبل منظمة الزراعة والأغذية (الفاو).