ويرى مسؤولون في القطاعين العام والخاص أن الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد الأردني ستزداد، كلما طالت فترة حصار قطر وإغلاق منافذ التصدير إليها من خلال السعودية، ما يضع الأردن أمام تحديات أكبر من أي وقت مضى.
ويقول المسؤولون إن الأردن كان ينتظر بفارغ الصبر فتح حدوده مع العراق لتنشيط الصادرات الأردنية إلى السوق العراقي، والتي تراجعت بنسبة تزيد عن 60% في آخر عامين، ما يعوض انخفاض الصادرات إلى السوق القطري، إلا أن فتح الحدود العراقية السعودية سيؤثر على حصة منتجات الأردن داخل العراق.
وأعلن مسؤولون أردنيون وعراقيون يوم الأحد الماضي، عزم بلادهم فتح معبر طريبيل الحدودي مع الأردن خلال أيام.
وقال مسؤول حكومي أردني لـ"العربي الجديد" إن الانعكاسات السلبية لحصار قطر على الأردن تمثلت في انخفاض قيمة الصادرات إلى السوق القطري خاصة من المنتجات الزراعية، حيث يتعذر التصدير برا من خلال الأراضي السعودية فيما تذهب بعض الكميات جواً.
وأضاف أن الاستثمارات القطرية التي كان يعتزم رجال أعمال إقامتها في الأردن في عدد من المجالات توقفت أيضا بسبب الأزمة الخليجية وحصار قطر، وما نتج عنها من تخفيض الجانب الأردني للتمثيل الدبلوماسي مع قطر.
وفيما يتعلق بآثار فتح الحدود العراقية السعودية على الاقتصاد الأردني، قال إن الأردن لن يستفيد من معبر عرعر كونه مغلقا من ناحية الأردن، لكن التجارة بين الجانبين السعودي والعراقي سترتفع بدون شك، وستحصل المنتجات السعودية على حصة كبيرة من السوق العراقي خاصة المنتجات الغذائية، وذلك على حساب السلع الأردنية.
ولفت المسؤول إلى أن ميناء العقبة، الميناء البحري الوحيد للأردن سيتاثر أيضا بفتح الحدود السعودية العراقية، ذلك أن العراق أصبح لديه منفذ دولي آخر لتجارة الترانزيت من خلال ميناء جدة السعودية مباشرة باتجاه معبر عرعر ومن ثم إلى داخل العرق.
وكان العراق يعتمد كثيراً على ميناء العقبة لاستيراد السلع ترانزيت، لكن إغلاق الحدود بين البلدين قد أثر كثيراً على حركة المناولة داخل الميناء.
خسائر للسلع الزراعية
ويعد القطاع الزراعي في مقدمة القطاعات، التي تأثرت بسبب حصار قطر، حسبما قال محمود العوران، مدير عام اتحاد المزارعين في الأردن لـ "العربي الجديد "، مشيراً إلى أن المزارعين الأردنيين تكبدوا خسائر مباشرة بحوالي 15 مليون دولار حتى الآن بسبب تعذر التصدير براً إلى قطر من خلال السعودية، والتوجه لتصدير بعض الكميات جواً رغم ارتفاع الكلف.
وأضاف أن 30% تقريباً من مزارعي منطقة وادي الأردن توقفوا عن الزراعة مؤخراً لعدة أسباب، من بينها توقف التصدير إلى قطر التي تستحوذ على 11% من الصادرات الزراعية الأردنية، إضافة إلى المديونية العالية التي تطارد أولئك المزارعين.
وأشار أيضاً إلى معاناة مربي الثروة الحيوانية، الذين كانوا يعتمدون على السوق القطري لتصدير الأغنام والخراف، لا سيما هذه الفترة التي تسبق عيد الأضحى.
وبحسب نمر حدادين، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة الأردنية، فإن الأردن كان يصدر إلى قطر كميات بين 400 إلى 500 طن من الخضار والفواكه يومياً، لكن عمليات التصدير براً توقفت.
أضرار صناعية واستثمارية
من جهته، أشار ماهر المحروق، مدير عام غرفة صناعة الأردن إلى انخفاض قيمة الصادرات وارتفاع كلف استيراد مدخلات الإنتاج القطرية، موضحاً أن الأردن يستورد من قطر مواد معدنية ونفطية بقيمة 200 مليون دولار سنوياً ولدائن بلاستيكية بقيمة 26.5 مليون دولار، وتعد مهمة في مدخلات الإنتاج، بينما يواجه القطاع الصناعي صعوبة في الحصول عليها حالياً بسبب الحصار وارتفاع كلف الاستيراد جواً.
وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد" إن هناك شبه توقف للاستثمارات القطرية. وتقدر الاستثمارات القطرية بنحو 1.6 مليار دولار في قطاعات مختلفة، أبرزها العقارات والسياحة والبنوك والبورصة.
وأضاف عايش أن المحادثات التي تمت على هامش القمة العربية، التي انعقدت في عمان في مارس/ آذار الماضي، بشأن إحياء مساهمة قطر في الصندوق الخليجي لدعم الأردن لا شك أنها توقفت بسبب الحصار. وكانت قطر قد استعدت لتقديم مبلغ 1.25 مليار دولار، ضمن الصندوق الخليجي.
عزلة سعودية
وفي الجانب العراق، قال أحمد جمال الهاشمي مستشار السوق العراقية للأوراق المالية لـ"العربي الجديد" إنه لا يمكن فصل النوايا السياسية في فتح المعابر بين السعودية والعراق والسعودية عن الجانب الاقتصادي.
وأضاف: "خلال الأيام الثلاثة الماضية شاهدنا وفوداً من شركات سعودية أبرزها سابك والوفرة والربيع والمراعي، ويمكن القول إن هذه الشركات أبرز من تضرر من حصار السعودية لقطر بسبب صادراتها الكبيرة لقطر".
وتابع أن "ممثلي تلك الشركات عقدوا اجتماعات مع غرفة تجارة بغداد ووزارة التجارة وهيئة الاستثمار، بالإضافة إلى لقاءات جانبية مع شركات عراقية للاستيراد والتصدير، وهذا يؤكد أنهم يحاولون تعويض خسارتهم التي تكبدوها بسبب قرارات حكومتهم".
وقال الهاشمي: "السوق العراقية ليست مثل قطر بالنسبة للشركات السعودية، ما نعرفه أن المنتجات السعودية كانت رئيسية في قطر، لكن هذا لن يحدث في العراق، في ظل وجود منافسين كبار، كما أنه سيتوجب على الشركات السعودية توريد بضائعها بأسعار أقل لكسب الزبائن".
وتابع أن "ممثلي تلك الشركات عقدوا اجتماعات مع غرفة تجارة بغداد ووزارة التجارة وهيئة الاستثمار، بالإضافة إلى لقاءات جانبية مع شركات عراقية للاستيراد والتصدير، وهذا يؤكد أنهم يحاولون تعويض خسارتهم التي تكبدوها بسبب قرارات حكومتهم".
وقال الهاشمي: "السوق العراقية ليست مثل قطر بالنسبة للشركات السعودية، ما نعرفه أن المنتجات السعودية كانت رئيسية في قطر، لكن هذا لن يحدث في العراق، في ظل وجود منافسين كبار، كما أنه سيتوجب على الشركات السعودية توريد بضائعها بأسعار أقل لكسب الزبائن".
وأضاف: "السعودية أصبحت شبه معزولة، بسبب الحرب التي تقودها الرياض في اليمن وأزمة قطر، ولم يتبق لها سوى السوقين الأردني والعراقي كأسواق يمكن التعويض عما فقدته في الجانب القطري".