"الشكك مسموح والحرج مرفوع" شعار رفعه تجار مصر أمام الأهالي والمواطنين، ليحل مكان "الشكك ممنوع والزعل مرفوع"، وهو شعار متداول في مصر. وتعني كلمة الشكك "الدفع بالأجل أو الدين". وقد حوّل التجار الشعار من رفض إقراض المواطنين السلع من دون دفع ثمنها، إلى السماح بالاقتراض، والتسديد في وقت لاحق، بسبب ارتفاع الأسعار وحالة الركود التي باتت العنوان الرئيسي في كافة القطاعات.
وقد تسببت هذه الأوضاع في البلاد بعودة الشراء بأجل والسداد شهرياً، عبر اتباع عادة كانت سائدة في تسعينيات القرن الماضي، معروفة باسم سجل على "النوته".
وعلى الرغم من عودة هذه الظاهرة، إلا أنها باتت أوسع وأشمل، ففي السابق كانت السلع المسجلة على "النوته" تشمل الأرز والسكر وبعض المستلزمات المنزلية، فيما اليوم باتت اللائحة أوسع، وتشمل، اللحوم والدواجن والخضراوات.
وتعاني الأسر المصرية خلال الفترة الراهنة من ارتفاع الأسعار، خاصة بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه.
وتعد القرى والأرياف وبعض المدن المصرية الأكثر استخداماً لظاهرة النوته بسبب علاقات الترابط بين التجار والمواطنين.
وعلى الرغم من انتشار هذه الظاهرة، إلا أنها تشكل عبئاً حقيقياً على المواطنين، إذ لا يمكنهم تسديد الفاتورة نهاية الشهر، بسبب تراكم المصاريف والفواتير. وهو ما دفع الكثير من المصريين للبحث عن وظائف أخرى إلى جانب أعمالهم، حتى يتمكنوا من تسديد المستحقات الشهرية.
حالة من الركود
يقول سليمان صديق، وهو صاحب أحد المحلات بمنطقة الشرابية في القاهرة: "إن الوضع الاقتصادي أصاب المحال التجارية بحالة من الركود بسبب إحجام الأهالي عن الشراء، نتيجة الغلاء الذي لم يحدث من قبل، وهو ما دفع تجار المنطقة إلى العمل بـ"النوته"، ورفع شعار"الشكك مسموح". وأكد أن التعامل مع هذا النظام يكون عن طريق المعرفة الشخصية حتى لا يهرب أي مواطن بعد شراء السلع".
أما محمود بكري، وهو صاحب محل تجاري، فيشير إلى أنّ "الشراء على النوته بات أيضاً بين التجار"، ويضيف "على سبيل المثال، أقوم بشراء كل ما أحتاجه من بضائع، عن طريق التسديد شهرياً لتجار الجملة".
في المقابل، عبّر عدد من المواطنين عن سخطهم لحال البلاد في الوقت الحالي، مؤكدين أن الديون أثقلت كاهلهم. وهو ما أكده فتحي إسماعيل "موظف"، مشيراً إلى أن الراتب لم يعد يكفي لتسديد الاحتياجات الأساسية، ولافتاً إلى أنه يعمل في أكثر من وظيفة من أجل تأمين مستلزمات الحياة.
من جهته، يقول الموظف عبد الحميد عبد العزيز "يصل راتبي إلى نحو 2300 جنيه، أسدد نحو 600 جنيه ثمن إيجار البيت، فيما يتوزع ما يبقى من الراتب بين مصاريف المدارس، والدروس الخصوصية، والمأكل والمشرب".
وفي هذا السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن لجوء بعض الأسر للشراء على النوته سببه المعاناة جراء ارتفاع الأسعار، والتي من المؤكد أنها ستصل إلى ذروتها خلال شهر رمضان، لافتاً إلى أن ظاهرة البيع بالشكك "الأجل" عادت بقوة في عدد كبير من المحافظات المصرية. وأوضح أن ارتفاع أسعار صرف الدولار وعدم توفر العملة الصعبة في البنوك المصرية، ولجوء المستوردين إلى السوق السوداء للحصول على الدولار، تمثل الأسباب الرئيسية لهذه الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، فضلاً عن عدم تشديد الرقابة على السوق المحلية.