أوقفت السعودية بدل غلاء المعيشة، وزادت ضريبة القيمة المضافة بنسبة كبيرة، بينما تدرس خفض المزايا المالية للموظفين، وذلك بعد نحو أسبوع من إعلان وزير المالية محمد الجدعان، عن اعتزام المملكة اتخاذ "إجراءات مؤلمة" في ظل صعوبات مالية بسبب انهيار أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا الجديد.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" في وقت باكر من اليوم الإثنين، وفق بيان حكومي إنه "تقرر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر يونيو/حزيران المقبل وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءاً من الأول من يوليو/تموز" .
وأشارت إلى أن الحكومة ألغت أو أجلت "بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي 2020".
وربما تطاول الإجراءات التقشفية الحكومية رواتب الموظفين، حيث كشف البيان الحكومي عن "تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين ..والرفع بالتوصيات خلال 30 يوماً".
وقال وزير المالية وفق البيان إن "الإجراءات التي تم اتخاذها اليوم وإن كان فيها ألم، إلا أنها ضرورية للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل.. وتجاوز أزمة جائحة كورونا العالمية غير المسبوقة وتداعياتها المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة".
وأضاف الوزير أن "الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم ومنع انتشار الجائحة تسببت في توقف أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية، وانعكس ذلك سلباً على حجم الإيرادات غير النفطية والنمو الاقتصادي".
وتابع: "هذه التحديات مجتمعة أدت إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، والضغط على المالية العامة إلى مستويات يصعب التعامل معها لاحقاً دون إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية العامة على المديين المتوسط والطويل، وبالتالي وجب تحقيق مزيد من الخفض في النفقات، وإيجاد إجراءات تدعم استقرار الإيرادات غير النفطية".
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، قد أصدر في يناير/كانون الثاني 2018 أمراً ملكياً بصرف بدل غلاء المعيشة بقيمة ألف ريال (267 دولارا) شهريا للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين، ضمن مجموعة من البدلات والمزايا الأخرى تشمل أيضا العسكريين المشاركين في الصفوف الأمامية للأعمال العسكرية في الحد الجنوبي للمملكة (الحرب في اليمن) والمتقاعدين والطلاب الدارسين في الخارج.
وفي الثاني من مايو/أيار الجاري، لفت وزير المالية في مقتطفات من مقابلة بثتها فضائية "العربية"، إلى اعتزام المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم اتخاذ "إجراءات مؤلمة" لمواجهة التداعيات الاقتصادية، منها تقليص الإنفاق.
وقال إن أثر جائحة كورونا على المالية العامة السعودية سيبدأ في الظهور اعتباراً من الربع الثاني (من إبريل/نيسان حتى نهاية يونيو)، مضيفاً أن المالية السعودية لا تزال بحاجة إلى ضبط أكبر لمواجهة التحديات.
وهوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، في الأول من مايو النظرة المستقبلية للسعودية من "مستقرة" إلى "سلبية"، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.
وتوقعت موديز أن يصل حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% لعام 2020، ليقفز إلى 45 في المائة بعدها في المدى المتوسط.
وتعمل الأسعار الرخيصة على جرّ الموارد المالية للبلدان المنتجة للنفط إلى الانهيار، حيث كشف تقرير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمي، في إبريل الماضي، أن السعودية، بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل، لتحقيق نقطة تعادل في موازنتها، بينما أغلق خام برنت العالمي تداولات الجمعة الماضي عند نحو 30 دولاراً للبرميل.
وفي مارس/آذار الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز أساساً على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضاً ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024.