أثار القرار الروسي بوقف واردات الفاكهة والخضروات من مصر اعتباراً من يوم الخميس المقبل قلق شركات التصدير المصرية، لا سيما أن القرار جاء قبل أسابيع من بدء الموسم التصديري للموالح في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، خاصة البرتقال.
ويترقب المصدرون المباحثات التي تجريها الحكومة المصرية مع الجانب الروسي، آملين أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، يقضي بتراجع روسيا عن قرارها، والذي اعتبره مراقبون نزاعا تجاريا للضغط على الحكومة المصرية، لقبول استيراد الأقماح الروسية، بعد رفض مصر شحنة قمح روسي ملوث بفطر الإرجوت القاتل.
وبحسب مصدرين مصريين تتمثل أبرز السلع المتضررة من القرار الروسي في البرتقال والعنب والفراولة والخوخ والبصل والبطاطا والثوم والفلفل والطماطم والخضراوات المجففة، مطالبين بضرورة البحث عن أسواق بديلة لهذه المنتجات الزراعية بدلاً من السوق الروسي.
وأرجعت نائبة رئيس الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية، يوليا شفاباوسكيني، سبب الحظر إلى عدم كفاية عمل نظام الصحة النباتية المصري، مضيفة أن الهيئة وجدت أصنافا ضمن الإمدادات المصرية دخلت الحجر عدة مرات هذا العام.
وتشير إحصاءات وزارة الصناعة والتجارة المصرية إلى أن صادرات مصر إلى روسيا من البرتقال فقط تبلغ نحو 400 ألف طن، ما يمثل نحو 30% من إجمالي الصادرات المصرية من البرتقال، فيما بلغ حجم صادرات الحاصلات الزراعية المصرية إلى السوق الروسية نحو 650 مليون دولار خلال عام 2015.
يشار إلى أن روسيا في مايو/أيار 2015 كانت قد رفضت استلام شحنة برتقال مصري تزن حمولتها نحو 200 طن، لإصابتها بآفات ترفضها الصحة الروسية، وتكرر الأمر أيضا في مايو/أيار الماضي، حيث رفضت روسيا استلام 130 طناً من البرتقال المصري، لإصابته بذبابة فاكهة البحر الأبيض المتوسط، وهي إحدى أكثر الآفات المحظورة هناك.
وكشفت وزارة التجارة والصناعة المصرية في بيان صحافي أمس عن مباحثات يجريها وزير التجارة والصناعة طارق قابيل مع الجانب الروسي، لإيفاد بعثة فنية مصرية تضم ممثلين عن الجهات المعنية بالحجر الزراعي والرقابة على الصادرات والواردات والمجلس التصديري للحاصلات الزراعية لزيارة روسيا نهاية شهر سبتمبر/أيلول الجاري لبحث مستجدات الموقف الروسي بشأن قرار الحظر المؤقت.
وتزامن القرار الروسي مع تصاعد الحديث بشأن الحديث عن سحب الفراولة المصرية من الأسواق الأميركية، وادعاء سلسلة محلات ومطاعم "تروبيكال سموثيز" بولاية فيرجينيا الأميركية، أنها تسببت في وقوع حالات إصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي لعدد من المواطنين المترددين عليها.
وقالت "تروبيكال سموثيز" في بيان لها، إنه تم إخطارها من قبل وزارة الصحة بحدوث أمراض تنتقل عن طريق الأغذية بالولاية، وأنها ترتبط بتناول فراولة مجمدة مستوردة من مصر، بحسب ما نقلته عنها محطة "13 نيوز ناو" الأميركية.
بدورها استبعدت الحكومة المصرية علاقة الفراولة المصرية بما حدث للمواطنين في فيرجينيا، وقالت في بيان صدر عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن التصدير يتم طبقا لاشتراطات ومعايير عالمية، وإنها لم تتلق أى شكاوى رسمية بشأن شحنات الفراولة المصرية المجمدة المصدرة إلى الأسواق الأميركية.
وتعد مصر الأولى عربيا في إنتاج وتصدير الفراولة، إذ تقوم بتصدير 40 ألف طن من الفراولة الطازجة والمجمدة لنحو 30 دولة في أوروبا وأميركا وجنوب شرق آسيا ودول الخليج، وهو ما سيكبد الصادرات المصرية خسائر كبيرة حال ثبوت ادعاء "تروبيكال سموثيز".
وعلى إثر ما تداولته وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، بشأن تقارير تطعن في جودة الفراولة المصرية، أعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية أنها أصدرت بتاريخ 1/9/2016 تعميماً لجميع المختصين بإدارات التفتيش على الغذاء المستورد في المنافذ الحدودية بتشديد ورفع درجة التحقق في إجراءات الإذن بفسح الإرساليات عند فحص إرساليات الفراولة المجمدة الواردة من مصر، وإحالة عينات ممثلة منها إلى مختبرات "الهيئة" وعدم الإذن بفسحها حتى صدور نتائج التحليل المخبري، مؤكدة أن النتيجة جاءت بخلو إرساليات الفراولة المجمدة الواردة من مصر إلى السعودية من فيروس الكبد الوبائي.
وفي الأردن أعلن المدير العام لمؤسسة الغذاء والدواء، هايل عبيدات، أن المؤسسة ضاعفت من استعداداتها وإجراءاتها المتخذة للتأكد من سلامة المنتجات الزراعية القادمة من مصر ، بالتنسيق مع وزارة الصحة ووزارة الزراعة، مضيفا أن هناك تضارباً في المعلومات الواردة، ولكن لا يوجد ما يثير القلق حتى اللحظة.
وأشار عبيدات في تصريحات صحافية إلى أن مؤسسة الغذاء والدواء على علم بالتقرير الأميركي قبل تداوله إعلاميا وتعاملت معه بشكل جدي، لافتا إلى أنه مجرد دراسة صدرت بعد أكثر من أسابيع من ملاحظة وجود 89 إصابة بالكبد الوبائي في 10 ولايات، وليست إنذارا رسميا.
لم يشكل القرار الروسي، ولا الضجة الأميركية حول المنتجات المصرية، سابقة لم تحدث من قبل، ففي يوليو/تموز الماضي أعلنت الصين رفضها استيراد العنب المصري بسبب إصابته بالذبابة المنزلية، واشترطت على الجانب المصري عدة شروط، واعدة باستئناف استيراد العنب في العام القادم إذا التزمت مصر بشروطها، كما رفضت الصين أيضا شحنة بطاطا مصرية لإصابتها بالعفن البني.
وفي أغسطس/آب 2012، رفضت كندا استقبال شحنات من الرمان المصري، ووجهت اتهامات للزراعة المصرية بأنها تحمل فيروس "C"، وهي الاتهامات التي رفضتها مصر، كما رفضت السعودية في 28 سبتمبر/أيلول 2002 دخول 12 شحنة محملة بالبصل إلى أراضيها، بدعوى أن البصل المصري لا يطابق المواصفات القياسية في السعودية.
وفي سياق متصل، تداولت وسائل إعلام مصرية ومواقع التواصل الاجتماعي تقريرا منسوبا لهيئة الغذاء والدواء الأميركية تحظر فيه دخول منتجات غذائية مصرية إلى أراضيها، لكن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية أصدرت بيانا صحافيا قالت فيه إن هذه المنتجات ممنوعة منذ 2009 و2010 و2014، ولم تصدر أي قرارات بمنع أي منتج مصري في العامين الأخيرين.
وأشارت الوزارة في البيان إلى أن هناك أنباء تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي زعمت أن هيئة الغذاء والدواء الأميركية منعت دخول بعض من منتجات الألبان المصرية إلى الأراضي الأميركية، بناء على تقارير نشرت الشهر الحالي على موقعها، مؤكدة أن هذه التقارير ليست إلا إجراء دوريااً تقوم به إدارة الموقع في تحديث بياناته لكل قطاع من قطاعات الأغذية.
وقالت إنه بحسب الوثائق المنشورة على الموقع إلكتروني للهيئة فإن سبب نشر التقارير هو إعادة النظر في تحذيرات استيراد تلك الأنواع، مشيرة إلى أن بعض التقارير يعاد تقييمها ونشرها كدليل للعاملين في حالة وجود بعض الفطريات المسببة للتسمم في منتجات غذائية لبعض الدول، كما كانت الحال في وجود فطر السلمونيلا المسبب للتسمم في منتجات غذائية صينية، حيث يشمل التقرير إعادة مراجعة لعشرات الشركات في مختلف الدول، والتي من بينها مصر.
وأوضحت الزراعة أن الإدارة الأميركية نشرت تقريرا عن شركات منتجات الألبان في 22 أغسطس/آب، متضمناً أسماء ثلاث شركات كانت قد صدرت في حقها تحذيرات استيرادية مسبقا، خلال عامي 2009 و2010، لافتة إلى أن مصر لم تكن الدولة الوحيدة التي شملها هذا التقرير بل تشاركها 28 دولة أخرى في العالم، من بينها فرنسا حيث تم حظر استيراد منتجات 17 شركة، فضلاً عن 36 شركة إيطالية بينما بلغت عدد الشركات المكسيكية 91.
وقال عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، مجدي الوليلى، إن تنفيذ التهديد الروسي سيتسبب في كارثة تضر جميع مصدري الحاصلات، ويفقد مصر مورداً كبيراً من العملة الصعبة.