أصبحت أزمة انقطاع الوقود من المحطات في ليبيا مثل الكابوس المتكرر. إذ لا يكاد الطابور ينتهي وتسود الطمأنينة في سوق المحروقات، حتى تظهر مشكلة أخرى تعيد جموع المواطنين لانتظار دورهم في الحصول على البنزين، الذي لا يزال يتلقى الدعم من الموازنة العامة.
ومنذ أيام، حذرت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط، من فشل شركات التوزيع المكلفة في تسلّم كميات الوقود المخصصة لها، من أداء مهامّها. وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله، إن الوقود متوافر لكل الليبيين بشكل مستمر وبالأسعار الرسمية في كافة أرجاء البلاد.
وأضاف: "ستتم إحالة كل الأطراف التي تقف وراء توقف إمدادات الوقود أو المشاركة في تهريبه أو التلاعب بأسعاره إلى السلطات المعنية"، مطالبًا الحكومة بتعزيز آليات مراقبة عمل شركات التوزيع ومشغلي المحطات ومحاسبتهم، لضمان استمرار توافر المحروقات.
اقــرأ أيضاً
ونشطت أعمال تهريب المحروقات في الآونة الأخيرة، فيما ينتشر باعة البنزين على أرصفة الطرقات في العاصمة طرابلس والمناطق المجاورة، مع استمرار امتداد طوابير البنزين أمام المحطات منذ ساعات الصباح الأولى. ويباع لتر البنزين في السوق السوداء بمنطقة الزاوية (غرب طرابلس) بسعر يراوح ما بين 30 قرشاً إلى 50 قرشاً، في حين أن سعره في محطات الوقود لا يتخطى 0.15 قرش.
وقال رئيس شركة البريقة للتسويق النفطي عماد بن كورة، عبر اتصال هاتفي مع مراسل "العربي الجديد"، إن شركات توزيع المحروقات متهمة بالفشل في توفير البنزين للمحطات، في حين أن بعض المحطات تتحجج بالظروف الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، لعدم فتح أبوابها وتوفير الوقود للمواطنين.
وأشار إلى أن الشركة مستمرة في تأمين البنزين لشركات التوزيع بشكل يومي، "بعضها يستلم والآخر يعتذر بسبب الظروف الأمنية". وطالب بن كورة الحكومة بالتحقيق في هذا الأمر، وتغيير الترتيبات الحالية في حال استمرار عجز الشركات عن تزويد المواطنين بحاجاتهم من الوقود.
اقــرأ أيضاً
وانتقد المحلل الاقتصادي محمد يوسف كلام "البريقة" حول شركات التوزيع، وقال لـ "العربي الجديد" إن سبب أزمة الوقود يرجع الى ارتفاع مديونية شركات التوزيع إلى أرقام خيالية لدى شركة البريقة للتسويق من دون معالجتها، ما فاقم الأزمة القائمة.
بينما رأى رئيس الجمعية العربية لنقل الوقود (غير حكومية) نوري المنقوش، أن المشكلة هي في محطات الوقود التي تقفل ولا تتسلم شحناتها المخصصة من البنزين، مطالباً بضرورة وجود لجنة طوارئ من شأنها متابعة المحطات ومعاقبتها في حالة عدم فتح أبوابها للمواطنين.
من جهته، شرح مسعود البدري، وهو مدير محطة وقود في طرابلس لـ "العربي الجديد"، أنه يضطر إلى إقفال محطته لساعات طويلة في النهار بسبب الطوابير الطويلة وتدافع المواطنين لشراء البنزين، من دون وجود عناصر أمنية للحراسة، فضلاً عن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ولفترات تصل إلى 15 ساعة متواصلة، في ظل عدم وجود مولدات كهربائية تشتغل فترة الانقطاع.
اقــرأ أيضاً
وبعثت كل من المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة برسالة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وأكدتا على عدم تسلّم شركات خدمات الطرق السريعة، والشرارة الذهبية للخدمات النفطية، والراحلة للخدمات النفطية، وليبيا للنفط، الكميات المخصصة لها من الوقود وتوزيعها على المحطات في المناطق الغربية والجنوبية والجبلية.
وأوضحت الرسالة، أنه رغم تخصيص شركة البريقة نحو 15 مليون لتر من الوقود لتغطية حاجات المواطنين في طرابلس الكبرى، خلال عطلة عيد الأضحى (بين 10 و13 أغسطس/ آب)، إلا أنه تم تسلّم 6.450 ملايين لتر فقط من الكمية المخصصة.
وتقوم شركة البريقة بتوزيع الوقود على المواطنين مباشرة، عبر محطات وقود متنقلة موجودة في كل من كلية البنات سابقًا وكذلك منطقة أبو سليم، كما أنه جارٍ العمل على وضع خطط جديدة للتوسع في هذا المشروع ليشمل مواقع إضافية، وفق مصادر في الشركة.
وأمام أرصفة مدينة الزاوية، اصطف باعة البنزين في الشارع الرئيسي وسط المدينة. وقال البائع جلال الحراري لـ"العربي الجديد" إن لديه ما يقرب من 10 آلف لتر بنزين، سعر اللتر الواحد 30 قرشاً. ورداً على سؤال "العربي الجديد" حول كيفية حصوله على هذه الليترات مع نقص البنزين في مختلف المحطات، رد بأنّ هناك عمليات بيع تقوم بها ناقلات محروقات أمام مصفاة الزاوية.
اقــرأ أيضاً
وأشار علي بن ميلاد (مهرب بنزين) لـ "العربي الجديد"، إلى أن عمليات تهريب البنزين نشطت أخيراً نظراً لقفل معظم المحطات أبوابها، وسط بيع عدد من ناقلات الوقود شحناتها للسوق السوداء. وأوضح أن شاحنة الوقود سعة 30 ألف لتر بها ربح يصل إلى 30 ألف دينار تدفع نقداً بدلاً من بيعها للمحطة بـ 300 دينار، وأكد أن مكاسب بعض المحطات عبر البيع للسوق الموازية يصل يومياً إلى 50 ألف دينار.
وشاهد مراسل "العربي الجديد" في الطرق الزراعية بمدينة الزاوية، مخازن للبنزين حيث يقف بعض المواطنين لشراء الوقود من إحدى الناقلات. وفي شارع الثورة بمدينة غريان (87 كلم شمال طرابلس)، يجلس باعة البنزين ويبيعون السبع لترات بخمسة دنانير. وأكد أحدهم لـ "العربي الجديد" أن عملية الشراء تتم أحياناً من محطات الوقود في المدينة.
وأكد أن سبب لجوئه إلى بيع البنزين في السوق السوداء، أنه "لا توجد سيولة في المصارف والرواتب تتأخر كثيراً، لذلك أقوم ببيع البنزين في السوق الموازية لتوفير مصروف أسرتي".
ورأى خبراء أن أزمة الوقود تتداخل فيها المشكلات الأمنية مع الإدارية، معتبرين أن الاعتماد على سيارات توزيع الوقود أمر قد لا يكون عملياً في بعض المناطق، لكونها هدفاً سهلاً لأي مجموعة تمتهن سرقة حمولاتها وتهريبها.
اقــرأ أيضاً
وتعتمد ليبيا على خمس مصاف لتكرير النفط، ويغطي إنتاجها 30 في المائة من حاجات السوق المحلية، بينما تعتمد على الاستيراد لتغطية 70 في المائة تقريباً من حاجات البلاد. وتراجع حجم إنتاج المصافي الليبية من النفط على مدار الفترة الماضية لتعمل بنصف طاقتها تقريباً. كما تعاني ليبيا أزمات وقود متلاحقة، بفعل تهريب كميات هائلة من الوقود لدول مجاورة، استغلالاً للدعم السخيّ الذي تقدمه الحكومة لهذه السلعة.
ويُوزَّع الوقود في طرابلس، عبر أربع شركات: "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" وشركة "خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، التي استُحدثت مطلع عام 2007.
ومنذ أيام، حذرت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط، من فشل شركات التوزيع المكلفة في تسلّم كميات الوقود المخصصة لها، من أداء مهامّها. وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله، إن الوقود متوافر لكل الليبيين بشكل مستمر وبالأسعار الرسمية في كافة أرجاء البلاد.
وأضاف: "ستتم إحالة كل الأطراف التي تقف وراء توقف إمدادات الوقود أو المشاركة في تهريبه أو التلاعب بأسعاره إلى السلطات المعنية"، مطالبًا الحكومة بتعزيز آليات مراقبة عمل شركات التوزيع ومشغلي المحطات ومحاسبتهم، لضمان استمرار توافر المحروقات.
ونشطت أعمال تهريب المحروقات في الآونة الأخيرة، فيما ينتشر باعة البنزين على أرصفة الطرقات في العاصمة طرابلس والمناطق المجاورة، مع استمرار امتداد طوابير البنزين أمام المحطات منذ ساعات الصباح الأولى. ويباع لتر البنزين في السوق السوداء بمنطقة الزاوية (غرب طرابلس) بسعر يراوح ما بين 30 قرشاً إلى 50 قرشاً، في حين أن سعره في محطات الوقود لا يتخطى 0.15 قرش.
وقال رئيس شركة البريقة للتسويق النفطي عماد بن كورة، عبر اتصال هاتفي مع مراسل "العربي الجديد"، إن شركات توزيع المحروقات متهمة بالفشل في توفير البنزين للمحطات، في حين أن بعض المحطات تتحجج بالظروف الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، لعدم فتح أبوابها وتوفير الوقود للمواطنين.
وأشار إلى أن الشركة مستمرة في تأمين البنزين لشركات التوزيع بشكل يومي، "بعضها يستلم والآخر يعتذر بسبب الظروف الأمنية". وطالب بن كورة الحكومة بالتحقيق في هذا الأمر، وتغيير الترتيبات الحالية في حال استمرار عجز الشركات عن تزويد المواطنين بحاجاتهم من الوقود.
وانتقد المحلل الاقتصادي محمد يوسف كلام "البريقة" حول شركات التوزيع، وقال لـ "العربي الجديد" إن سبب أزمة الوقود يرجع الى ارتفاع مديونية شركات التوزيع إلى أرقام خيالية لدى شركة البريقة للتسويق من دون معالجتها، ما فاقم الأزمة القائمة.
بينما رأى رئيس الجمعية العربية لنقل الوقود (غير حكومية) نوري المنقوش، أن المشكلة هي في محطات الوقود التي تقفل ولا تتسلم شحناتها المخصصة من البنزين، مطالباً بضرورة وجود لجنة طوارئ من شأنها متابعة المحطات ومعاقبتها في حالة عدم فتح أبوابها للمواطنين.
من جهته، شرح مسعود البدري، وهو مدير محطة وقود في طرابلس لـ "العربي الجديد"، أنه يضطر إلى إقفال محطته لساعات طويلة في النهار بسبب الطوابير الطويلة وتدافع المواطنين لشراء البنزين، من دون وجود عناصر أمنية للحراسة، فضلاً عن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ولفترات تصل إلى 15 ساعة متواصلة، في ظل عدم وجود مولدات كهربائية تشتغل فترة الانقطاع.
وبعثت كل من المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة برسالة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وأكدتا على عدم تسلّم شركات خدمات الطرق السريعة، والشرارة الذهبية للخدمات النفطية، والراحلة للخدمات النفطية، وليبيا للنفط، الكميات المخصصة لها من الوقود وتوزيعها على المحطات في المناطق الغربية والجنوبية والجبلية.
وأوضحت الرسالة، أنه رغم تخصيص شركة البريقة نحو 15 مليون لتر من الوقود لتغطية حاجات المواطنين في طرابلس الكبرى، خلال عطلة عيد الأضحى (بين 10 و13 أغسطس/ آب)، إلا أنه تم تسلّم 6.450 ملايين لتر فقط من الكمية المخصصة.
وتقوم شركة البريقة بتوزيع الوقود على المواطنين مباشرة، عبر محطات وقود متنقلة موجودة في كل من كلية البنات سابقًا وكذلك منطقة أبو سليم، كما أنه جارٍ العمل على وضع خطط جديدة للتوسع في هذا المشروع ليشمل مواقع إضافية، وفق مصادر في الشركة.
وأمام أرصفة مدينة الزاوية، اصطف باعة البنزين في الشارع الرئيسي وسط المدينة. وقال البائع جلال الحراري لـ"العربي الجديد" إن لديه ما يقرب من 10 آلف لتر بنزين، سعر اللتر الواحد 30 قرشاً. ورداً على سؤال "العربي الجديد" حول كيفية حصوله على هذه الليترات مع نقص البنزين في مختلف المحطات، رد بأنّ هناك عمليات بيع تقوم بها ناقلات محروقات أمام مصفاة الزاوية.
وأشار علي بن ميلاد (مهرب بنزين) لـ "العربي الجديد"، إلى أن عمليات تهريب البنزين نشطت أخيراً نظراً لقفل معظم المحطات أبوابها، وسط بيع عدد من ناقلات الوقود شحناتها للسوق السوداء. وأوضح أن شاحنة الوقود سعة 30 ألف لتر بها ربح يصل إلى 30 ألف دينار تدفع نقداً بدلاً من بيعها للمحطة بـ 300 دينار، وأكد أن مكاسب بعض المحطات عبر البيع للسوق الموازية يصل يومياً إلى 50 ألف دينار.
وشاهد مراسل "العربي الجديد" في الطرق الزراعية بمدينة الزاوية، مخازن للبنزين حيث يقف بعض المواطنين لشراء الوقود من إحدى الناقلات. وفي شارع الثورة بمدينة غريان (87 كلم شمال طرابلس)، يجلس باعة البنزين ويبيعون السبع لترات بخمسة دنانير. وأكد أحدهم لـ "العربي الجديد" أن عملية الشراء تتم أحياناً من محطات الوقود في المدينة.
وأكد أن سبب لجوئه إلى بيع البنزين في السوق السوداء، أنه "لا توجد سيولة في المصارف والرواتب تتأخر كثيراً، لذلك أقوم ببيع البنزين في السوق الموازية لتوفير مصروف أسرتي".
ورأى خبراء أن أزمة الوقود تتداخل فيها المشكلات الأمنية مع الإدارية، معتبرين أن الاعتماد على سيارات توزيع الوقود أمر قد لا يكون عملياً في بعض المناطق، لكونها هدفاً سهلاً لأي مجموعة تمتهن سرقة حمولاتها وتهريبها.
وتعتمد ليبيا على خمس مصاف لتكرير النفط، ويغطي إنتاجها 30 في المائة من حاجات السوق المحلية، بينما تعتمد على الاستيراد لتغطية 70 في المائة تقريباً من حاجات البلاد. وتراجع حجم إنتاج المصافي الليبية من النفط على مدار الفترة الماضية لتعمل بنصف طاقتها تقريباً. كما تعاني ليبيا أزمات وقود متلاحقة، بفعل تهريب كميات هائلة من الوقود لدول مجاورة، استغلالاً للدعم السخيّ الذي تقدمه الحكومة لهذه السلعة.
ويُوزَّع الوقود في طرابلس، عبر أربع شركات: "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" وشركة "خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، التي استُحدثت مطلع عام 2007.