أطلقت مؤسسات إماراتية وعالمية عدة تحذيرات من أن سوق العقارات في دبي في طريقها نحو الانخفاض الحاد، وذلك بسبب تراجعها الكبير خلال النصف الأول من العام الجاري، لكن في المقابل يقلل بعض العاملين في قطاع العقارات الأماراتي من هذه التخوفات مستندين لبيانات حكومية.
وأظهرت تقارير صادرة عن إدارة الأراضي والأملاك في إمارة دبي، أن مبيعات العقارات السكنية في الإمارة تراجعت، في النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 69% مقارنة الفترة ذاتها من العام السابق.
وحذر صندوق النقد الدولي، في شهر مايو/أيار العام الماضي، حكومة دبي من إمكانية حدوث "فقاعة" في سوق العقارات بسبب ديناميكية الأسعار غير المستقرة.
وارتفعت أسعار العقارات بإمارة دبي، في الربع الأول من العام الماضي، بنسبة 32% على أساس سنوي، مما دفع السلطات إلى تشديد شروط الإقراض السكني ومضاعفة ضريبة المبيعات
من جهتها أكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، أمس الاثنين، أنه من المرجح أن تنخفض أسعار العقارات السكنية في دبي ما بين 10 و20%، هذا العام، نظراً لضعف الطلب وتباطؤ النشاط الاقتصادي وهبوط معنويات المستثمرين.
وحسب الوكالة الأميركية، فإن هذا التراجع ليس سوى البداية، حيث تشير تقاريرها إلى أن هبوط أسعار العقارات في الإمارة ليست إلا مسألة وقت، لافتة إلى أن الطلب سيتراجع قليلاً من جانب غير المقيمين.
وأضافت: "في أوائل 2015 تراجع الطلب من غير المقيمين، وخصوصاً الروس ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى".
وتتوقع الوكالة، أن تظل أسعار النفط ضعيفة حتى نهاية 2016، ولذا فإن النمو الاقتصادي في الإمارات العربية المتحدة بأكملها "من المرجح أن يتباطأ بشكل ملحوظ في 2015 و2016".
وحذرت الوكالة، أيضاً، من أن نزول سوق الأسهم في دبي، ربما يؤثر على نظرة المستثمرين للعقارات، وهبط مؤشر السوق 10% على مدى الاثني عشر شهراً الأخيرة، وفقاً لحسابات وكالة "رويترز".
وقالت، إن هذا الهبوط يعكس شكوكاً بشأن استدامة الأسعار الحالية للعقارات، مضيفة أن: "تشكل معنويات المستثمرين، بشكل عام، عامل مهم في سوق العقارات في دبي، نظراً لأن المستثمرين يشكلون غالبية كبيرة من المشترين".
وستشكل زيادة المعروض من الوحدات السكنية الجديدة، أيضاً، ضغوطاً على الأسعار، وأشارت الوكالة إلى توقعات ريدين للبيانات العقارية بتسليم 20 ألفاً و170 وحدة جديدة في 2015. وهو، تقريباً، يكافئ مثليْ المتوسط السنوي في الأعوام الثلاثة الماضية، والبالغ 11 ألفاً و600 وحدة.
وشهدت سوق دبي أزمة حادة أقرب للانهيار في قطاع العقارات عام 2009.
وكان القطاع العقاري في دبي أحد القطاعات العقارية الأكثر تقلباً في العالم على مدى السنوات العشر الأخيرة وتأرجح من الازدهار إلى الهبوط إلى الازدهار من جديد.
وتعافت الأسعار، في يناير/كانون الثاني الماضي، لتقل نحو 20% عن ذروتها، بعدما هبطت بما يزيد عن النصف من أعلى مستوياتها في 2008، وضعفت مجدداً منذ ذلك الحين.
وقالت مؤسسة ستاندرد آند بورز العالمية المتخصصة، إن انهيار سوق العقارات في دبي أدى إلى أزمة ديون، لكن شركات التطوير العقاري، وكثير منها شبه حكومية، في وضع أفضل الآن لمواجهة الصدمات في السوق.
وبحسب الوكالة الأميركية، فإن شركات التطوير العقاري في دبي، ومن بينها إعمار العقارية وداماك العقارية، ستتمكن من استيعاب ما يصل إلى 20% من الانخفاض في أسعار المنازل، نظراً لميزانياتها القوية ومصادر إيراداتها الأكثر تنوعاً.
وقدرت ستاندرد آند بورز نسبة دين المطورين العقاريين إلى الأرباح الأساسية بنحو 1.9% في المتوسط في نهاية 2014 مقابل 3.3% في نهاية 2008.
إلى ذلك ذكر تقرير لشركة "جيه.إل.إل" للاستشارات العقارية، أمس الأول، أن مبيعات المنازل في دبي هبطت بنحو الثلثين، في النصف الأول من 2015، وتراجعت أسعارها، أيضاً، مع توقعات مزيد من الانخفاض بقية العام.
ويرجع نزول مبيعات المنازل، هذا العام، لأسباب منها الخطوات التي اتخذتها الحكومة للحد من تقلبات السوق، إذ رفع المسؤولون الحد الأدنى للودائع المطلوبة للرهون العقارية، وضاعفوا رسوم الصفقات العقارية إلى المثلين.
اقرأ أيضاً: توقعات بانخفاض أسعار عقارات دبي 20%
وقالت الشركة، وهي إحدى كبرى شركات الاستشارات العقارية في العالم، نقلاً عن بيانات حكومة دبي، إن : "إجمالي قيمة الصفقات العقارية السكنية انخفض 66% إلى 12.7 مليار درهم (3.5 مليارات دولار) في النصف الأول من 2015، في حين هوت قيمة المبيعات 69% على أساس سنوي".
وقال الرئيس الإقليمي للبحوث لدى الشركة، كريغ بلمب "نتوقع أن تسجل أحجام الصفقات، وبالتالي أسعار البيع، مزيداً من الانخفاض في النصف الثاني من العام".
وتراجعت أسعار مبيعات الشقق السكنية 9% في الربع الثاني من 2015، بينما انخفضت أسعار مبيعات المنازل 5%.
وعانى قطاع السياحة في دبي أيضاً، حيث تراجعت إيرادات الفنادق للغرفة الواحدة 9% إلى 208 دولارات خلال العام المنتهي في مايو/أيار.
وحذرت الشركة من أن أسعار الغرف قد تتعرض إلى مزيد من الضغوط في ظل توقعات بزيادة عددها نحو النصف حتى نهاية 2018.
من جهته، حذّر مصرف الإمارات المركزي في تقرير "الاستقرار السنوي" من أن السوق العقارية ربما تشهد نشاطاً محموماً.
ويشير التقرير إلى الغموض، أيضاً، في شأن العرض على العقارات، لأنه على الرغم من الإعلان عن مشروعات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار، لم يتضح عدد المشروعات التي شرعت الشركات في تنفيذها بالفعل وسرعة التنفيذ.
ويتوقع مصرفي في دبي، طلب عدم ذكر اسمه، نزوع البنوك المحلية إلى تحمل مخاطر أكبر بتمويلها شركات التطوير العقاري، وقال إن : "البنوك ستمول صفقات الشركات بنسبة 100% على أساس انتقائي.. ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع فترةً طويلة".
ويقول الاقتصادي، فاروق سوسة، إن : "السؤال الأهم هو، هل ستثبت الأسعار على المدى الطويل أم سترتفع مرة أخرى؟".
وفي اتجاه تفاؤلي، سلط تقرير لوكالة "رويترز" الضوء على احتمالات صعود سوق العقارات في دبي إلى مستويات عالية، بعد أن شهدت هذه السوق انخفاضاً عقب انهيار سوق العقارات هناك عام 2008، قبل أن ترتفع من جديد، بفضل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الإمارة أخيراً.
وتقول نايت فرانك للاستشارات، إن دبي سجلت أسرع زيادة في أسعار المنازل، خلال الربع الأول من العام الحالي، بنسبة 27.7%، وإن الإيجارات زادت حوالي 30%، في حين قالت تقارير أخرى، إن حجم الصفقات التجارية قفز بنسبة 38% (16.6 مليار دولار).
وجاء في التقرير، إن هذه الطفرة الاقتصادية: "تعزز احتمال صعود السوق إلى مستويات قد لا يمكن الحفاظ عليها طويلاً".
وأشار التقرير إلى أن: "زيادة المعروض في ظل طلب غير مستديم يشكل مزيجا خطراً بسبب أزمة دبي قبل ستة أعوام، ما اضطر شركات شبه حكومية لإعادة جدولة ديون تقدر بعشرات مليارات الدولارات".
وتقول شركة "نايت فرانك" إن : "بعض الأسعار عادت إلى مستويات الذروة التي كانت عليها قبل انهيار السوق العقارية".
وشجعت معدلات نمو مرتفعة في البلاد وزيادة الاستثمارات العربية إلى تشجيع هذه الزيادة في أسعار العقارات.
كما شجع الطفرة العقارية الحالية إعلان الحكومة، نهاية العام الماضي، عن مشروع عقاري ضخم يضم أكبر مركز تسوق في العالم وأكثر من 100 فندق ومتنزها أكبر من هايد بارك في لندن.
ويشير التقرير الاقتصادي لـ"رويترز" إلى أن : "النمو في القروض وأنشطة البناء ينبئ بتسارع الوصول إلى ذروة هذه الطفرة في سوق العقارات".
ووصفت دائرة الأراضي والأملاك في دبي الزيادة، في الربع الأول، بالكبيرة، وتوقعت مزيداً من النمو، وقالت في تقرير حديث لها "السوق بخير وارتفاع الأسعار ناجم عن قوة الاقتصاد".
اقرأ أيضاً:
سباق سعودي على عقارات دبي
دبي تفتتح أكبر منتجع للكلاب عالمياً