قال وزير النقل التونسي، أنور معروف، في مقابلة مع "العربي الجديد" إن الحكومة تعمل على مساعدة شركات النقل العمومية لتجنب خطر الإفلاس في ظل تداعيات جائحة كورونا، مشيرا إلى وجود خطة إنقاذ للخطوط الجوية.
وإلى نص المقابلة:
* يواجه قطاع النقل بمختلف تفرعاته تحديات كبيرة سببتها جائحة كورونا قد تؤدي وفق محللين اقتصاديين إلى حد إفلاس بعضها. ما هي خطط الحكومة للتعامل مع الوضع الحالي وهل هناك حصر لخسائر قطاع النقل؟
الصعوبات التي تواجهها شركات النقل ليست مقتصرة على تونس، فهذا القطاع يواجه صعوبات كبيرة في كل العالم، ولكن القدرة على الصمود تختلف من دولة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى، ونحن بصدد إحصاء الخسائر، ولكن الأهم أننا نستعد إلى استعادة النشاط وفق خطط تأهيل لمختلف شركات النقل الكبرى على الأقل لمساعدتها على البقاء وتجنّب إفلاسها.
* قبل أيام قال رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إن أزمة كورونا تُعجل بإصلاحات عميقة للمؤسسات العمومية، فهل ستكون شركات النقل ضمن القائمة الأولى أم أن ترتيبها سيتأخر وفق الأولوية في هذه المرحلة؟
لقد تم بالفعل تحديد 11 شركة من أكثر الشركات التي يستوجب وضعها تدخلاً لإعادة هيكلتها، منها شركات للنقل البري وشركة السكك الحديدية والشركة التونسية للملاحة والشركة التونسية للشحن والترصيف، إضافة إلى شركة الخطوط التونسية بالنسبة للنقل الجوي. فجائحة كورونا عمّقت الصعوبات داخل العديد من شركات النقل الحكومية وساهمت في تفاقم مشاكلها، خاصة أنها تعاني بالأساس من صعوبات مالية حادة منذ سنوات ما تسبب في ارتفاع ديونها.
* على ذكر شركة الخطوط التونسية، قلتم في تصريح سابق إن الناقلة الجوية تكبدت خسائر بنحو 150 مليون دينار (52 مليون دولار) في ظل الجائحة، فما ما هي خطة الوزارة لإنقاذ الناقلة الوطنية؟
كما هو معلوم مرت شركة الخطوط التونسية في السنوات الأخيرة بجملة من الصعوبات المالية والهيكلية، حيث شهدت مؤشراتها المالية تدهوراً وتم تسجيل اختلالات على مستوى توازناتها المالية وعجز في السيولة وتفاقم الديون. وقد زادت أزمة كورونا من تعميق الصعوبات، حيث يتوقع تسجيل نتائج سلبية في ظل تعليق نشاط النقل الجوي منذ مارس/آذار الماضي. لذلك طلبنا من إدارة الشركة إعداد خطة تضمن مواصلة النشاط والخروج من الأزمة وفق سيناريوهات للإصلاح.
وبالفعل تم إعداد خطة تشمل إجراءات عاجلة وأخرى على المديين المتوسط والبعيد، حيث تهدف الإجراءات العاجلة إلى تمكين الشركة من الخروج من هذه الأزمة وإنقاذها إلى حين تجاوزها للأزمة، في حين تتضمن الإجراءات المزمع إقرارها لاحقا على المدى المتوسط والبعيد إصلاحات تتضمن إعادة هيكلة الموارد البشرية وإعادة بلورة الاستراتيجية التجارية.
* لكن إدارة الشركة أكدت أنها في حاجة إلى دعم الدولة بقيمة 100 مليون دينار حتى تتمكن من استعادة نشاطها والتحليق مجدداً، فهل الحكومة مستعدة لتوفير هذا الدعم المالي؟
الحكومة لن تمنح أي دعم مالي للشركة وطلبنا منها التعويل على إمكانياتها الخاصة وإعادة تسيير الرحلات بالاعتماد على مواردها الذاتية، لأن الحكومة لا يمكنها المخاطرة بتقديم دعم مالي لمؤسسة في وضع صعب قد تعجز مستقبلاً عن استعادته.
الخطوط التونسية قادرة بإمكانياتها الذاتية على استعادة النشاط عبر خطة تجارية جديدة تعتمد على الخطوط الأكثر ربحية، وربما إلغاء خطوط غير مربحة إلى جانب الاعتماد على أسطولها الحالي وإلغاء أو تأجيل صفقة شراء 5 طائرات جديدة كانت مبرمجة، واستعادة الأموال التي تم دفعها كمبالغ مقدمة في إطار هذه الصفقة لتحسين الأرصدة المالية للشركة.
* كان يفترض أن تبدأ الخطوط التونسية عام 2020 في تطبيق إعادة هيكلة تتضمن تسريح 1200 موظف على ثلاث دفعات، هل ستظل هذه الخطة سارية أم يتم إعادة النظر فيها على ضوء التطورات الجديدة؟
مبدأ التسريح لا يزال قائماً، لكن المستجدات التي فرضها فيروس كورونا ستحتم إعادة النظر في خطة التأهيل الشاملة للمؤسسة ومن بينها تقليص عدد الموظفين. فقد ساهمت الجائحة في إحداث تغييرات عدة في قطاع الطيران المدني والنقل الجوي عموماً على المستويين الدولي والوطني، وكل يوم نشهد إفلاس شركة من شركات الطيران عالمياً، والوضع اليوم تغير ويحتم علينا إعادة النظر بصورة أشمل للقيام بالخطط اللازمة لإنقاذ الشركة وضمان حصولها على موقع مميز بين مصاف الشركات العالمية. نحن اليوم مطالبون بإيجاد الحلول الجدية مع الانفتاح على مختلف السيناريوهات والفرضيات الممكنة بالتنسيق مع جميع الأطراف وذلك بعد تقييم تداعيات الأزمة على القطاع.
* هناك من يرى أن خطة تأهيل الخطوط التونسية تتطلب فتح رأس مال الشركة لمساهمين جدد، فما هي خطة الحكومة؟
يتضمن مخطط الإصلاح الذي صادقت عليه الحكومة في 20 مايو/أيار 2019، محوراً أساسيا يتعلق بتعزيز رأسمال الشركة وتقليص ديونها. وسيتم العمل على دراسة مختلف الفرضيات الكفيلة بتنفيذ هذا الأمر بالتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية، ومن ثم عرضه على الحكومة للمصادقة عليه على أن تكون خطة الإنقاذ جاهزة قبل نهاية يونيو/حزيران المقبل.
* وهل تلقت الشركة عروضا من مساهمين أجانب يرغبون في شراء حصص في الشركة؟
كورونا أعادت خلط أوراق كل شركات الطيران، وحالياً لا يوجد أي عروض رسمية في هذا الخصوص.
* هل تم تحديد موعد لاستئناف الرحلات الجوية؟
قرار استئناف النشاط الجوي التجاري من وإلى المطارات التونسية، مرتبط بالأساس بتطور الحالة الوبائية لفيروس كورونا محلياً ودولياً، وسيتم بالتنسيق مع جميع الأطراف الدولية والوطنية بهدف تأمين عودة تدريجية ومدروسة مع الحرص على ضمان سبل الوقاية من هذا الفيروس. الأجواء الجوية غير مغلقة، وإنما تم فقط تعليق الرحلات الجوية ذات الطابع التجاري، بمقتضى القرار الصادر في 22 مارس/آذار الماضي، والخاص بتعليق جميع الرحلات الجوية التجارية الدولية والداخلية من وإلى المطارات التونسية، ما عدا رحلات الإجلاء والرحلات ذات الطابع الإنساني والإغاثة والشحن الجوي.
* لكن هناك تونسيون في المهجر يشكون من أنهم ما يزالون عالقين، كما أن من عاد أكد أن هناك ارتفاعاً كبيراً في قيمة التذاكر فما هو السبب؟
بهدف تأمين عودة التونسيين العالقين بالخارج، قامت شركات النقل الجوي التونسية بمعاضدة جهود الدولة في هذا الخصوص من خلال تسيير رحلات إجلاء باتجاه عدة بلدان في العالم. وقد تم اعتماد تسعيرة اقتصادية موحدة لهذه الرحلات، علما أن هذه التسعيرة لا تغطي الحد الأدنى من تكاليف الرحلات، حيث إنها تنطلق من تونس بدون ركاب أو بنسبة تعبئة منخفضة كما هو الحال على بعض الوجهات. علاوة على أن شركات النقل الجوي تطبق إجراءات صحية صارمة خلال الرحلات، حيث يتم ترك حوالي 20 في المائة من المقاعد خالية، بهدف ضمان التباعد بين المسافرين وتوفير مقاعد احتياطية لعزل المسافرين في صورة ظهور أعراض عند أحد للمسافرين خلال الرحلة.
* قلتم إن 11 شركة نقل تحتاج إلى خطط تأهيل عاجلة هل ستضع الحكومة الإمكانيات المالية لدعهما؟
الدولة جاهزة للاستثمار في قطاع النقل وتجديد الأسطول، ووضعنا هدفا لإصلاح المؤسسات الحكومية حتى تكون في خدمة المواطنين.
* لكن تحسين الخدمة له كلفة مالية، وبعض شركات النقل الحكومي لمّحت لإمكانية زيادة التعريفات، فهل ستوافق الوزارة على زيادة الأسعار؟
الوزارة بدأت في الاشتغال على سياسة وطنية للتعريفات، هدفها إيجاد التوازنات بين الخدمة الجيدة ومساهمة المواطنين في الكلفة الحقيقية للنقل، على أن تواصل الحكومة دعم النقل المدرسي والجامعي، لكن المواطن سيتحمل جزءاً من كلفة النقل من خلال التعريفات التي سيتم تطبيقها.
* وماذا عن إصلاح منظومة الموانئ وتدفق البضائع؟
98 في المائة من التجارة الخارجية التونسية تنقل عن طريق البحر، وقمنا بإحداث لجنة بوزارة النقل تعمل على حلحلة وتذليل كل الصعوبات التي تواجه الموانئ البحرية التجارية وتساهم في تنشيط حركة البضائع. ولمضاعفة نشاط الموانئ، سيتم التركيز على تطوير البنية الأساسية للموانئ لاستقبال ناقلات حاويات ذات حمولة مضاعفة للسفن الحالية وتقليص مدة مكوث السفن والبضائع في الميناء، وزيادة الطاقة الاستيعابية. ونعمل على إنجاز مشروع ميناء في مياه النفيضة (في محافظة سوسة جنوب تونس)، تقدر كلفة المرحلة الأولى منه بنحو 735 مليون دولار.