يقول ماتياس كاروجاتي، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات مانجمنت آند فيت إن "صندوق النقد الدولي يعتبر كلمة سيئة في الأرجنتين، بسبب ما تستدعيه من ذكريات عن برامج إصلاح اقتصادي لم تنجح أبداً".
وفي تقرير صدر عام 2004، اعترف صندوق النقد الدولي بارتكابه أخطاء في تعامله مع الأرجنتين قبل أزمة الديون في 2001، وأشار إلى أن من ضمن أخطائه كان السماح بتضخم الدين الخارجي الأرجنتيني وخروجه عن السيطرة، عن طريق دعم سياسة ربط البيزو الأرجنتيني بالدولار.
واحتفلت الأرجنتين في عام 2006 بسداد قرض صندوق النقد البالغ 10 مليارات دولار، واعتبر نيستور كيرشنر رئيسها وقتئذ أن الأرجنتين بسدادها هذا الدين "تسير في طريق استعادة سيادتها".
دفاع حكومي
من جهته، دافع وزيز المالية الأرجنتيني الحالي نيكولاس دوغوفني عن الاتفاق، مؤكدا أننا "يجب أن نأخذ في اعتبارنا أننا نتحدث عن صندوق نقد دولي مختلف تماماً عما عرفناه قبل 20 عاماً. لقد تعلم الصندوق من تجاربه السابقة، تماماً كما تعلمنا جميعاً".
وقال دوغوفني في مؤتمر صحفي يوم الخميس "نحن مقتنعون بأننا على الطريق السليم، وبأننا تجنبنا حدوث أزمة. هذا الاتفاق (مع الصندوق) يهدف إلى بناء اقتصاد طبيعي".
وكعادة الدول التي توشك على الإفلاس وتحصل على حزمة إنقاذ من الصندوق، اعتبر المسؤولون الأرجنتينيون أن اتفاق القرض مع الصندوق يبعث برسالة طمأنينة للمستثمرين والمقرضين الأجانب.
وعلق مارتن كاستلانو، رئيس وحدة أميركا اللاتينية بمعهد التمويل الدولي بواشنطن، قائلاً "حجم الحزمة يوفر الطمأنينة، لكن تنفيذ البرنامج أمامه تحديات كبيرة، ويتطلب قيادة سياسية بارعة".
وتوصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مع الأرجنتين يوم الخميس الماضي، يمنحها بمقتضاه حزمة إنقاذ تحت الطلب، تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار، في محاولة لإنقاذ عملتها المنهارة، ودعم قدرتها على سداد ديونها الخارجية المرتفعة، كما كبح جماح تضخم تجاوز 25%.
وأعلن صندوق النقد أن مجلس إدارته سيدرس الاتفاق الذي أقره موظفو البنك مع المسؤولين الأرجنتينيين وخطة إنقاذ الاقتصاد الأرجنتيني خلال الأيام القادمة.
وقال ستيفن منوشن، وزير الخزانة الأميركي، الذي تعد بلاده أكبر مساهم بالصندوق، إن الولايات المتحدة تدعم الاتفاق. وعلى الرغم من المعارضة القوية من فئات عديدة من الشعب الأرجنتيني للاقتراض من الصندوق، إلا أنه من الواضح أن الحكومة الأرجنتينية تفتقد أية بدائل أخرى للخروج من الأزمة.
وقالت كريستين لاغارد، مديرة الصندوق "إن جوهر الخطة الاقتصادية هو إعادة التوازن للموقف المالي للحكومة".
وفي مقابل الاتفاق، فرض صندوق النقد كالعادة بعض الشروط التي وافقت عليها الأرجنتين، حيث ستعمل الحكومة على تخفيض إنفاقها المالي بشكل أسرع، وسيتم منح البنك المركزي الأرجنتيني المزيد من الاستقلالية، كما تم الاتفاق على تغيير المعدل المستهدف للتضخم.
وتعاني الأرجنتين من عجز في ميزانها الجاري، أدى إلى فقدان البيزو الأرجنتيني لحوالي 25% من قيمته منذ بداية العام الحالي، رغم تدخل البنك المركزي أكثر من مرة في الأسواق بائعاً للدولار، ورغم رفعه معدلات الفائدة على العملة الأرجنتينية إلى 40%.
ويوم الجمعة، وبعد الاعلان عن الاتفاق مع الصندوق، انخفض البيزو بنسبة 1.3% إلى مستوى 25.31 بيزو لكل دولار، لكن قبل نهاية اليوم محت العملة الأرجنتينية خسائرها رغم الانخفاض الذي وصل إلى 2.2% خلال تعاملات الجمعة.
وتشير تحركات السعر أمس الجمعة إلى انتهاء تدخل البنك المركزي في سوق العملة، وهو التدخل الذي استمر أكثر من ثلاثة أسابيع، من أجل تحقيق استقرارها. كما شهدت أسعار السندات الأرجنتينية ارتفاعاً عكس بوضوح تفاؤل المستثمرين بعد إتمام الاتفاق بهذا المبلغ.
وبلغ عجز الميزانية الأرجنتينية حوالي 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بتأثير عبء دفع فوائد قروض حصلت عليها خلال العامين ونصف الأخيرين، ووصلت قيمتها لحوالي 100 مليار دولار. وبلغ عجز الموازنة الأولي، أي باستبعاد فوائد القروض، حوالي 3.9%.