يشكو تجار عراقيون من فرض إتاوات عليهم مقابل الإفراج عن بضائعهم الواردة إلى موانئ ومنافذ البصرة جنوب البلاد، ما يزيد الأعباء المفروضة عليهم. فيما عزا برلمانيون فرض هذه الإتاوات إلى سيطرة "مافيات وجماعات مسلحة" على المنافذ العراقية.
يقول حسين الربيعي، وهو أحد تجار بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التاجر الذي لا يدفع رشوة تبقى بضاعته قابعة على أرصفة الموانئ لأسابيع طويلة. الدفع في العادة يكون للجميع، من أصغر موظف إلى أكبرهم، وحصص الأحزاب والقوى السياسية مضمونة، فهم من يوفرون الملاذ الآمن للفساد في الموانئ".
ويضيف: "الحاويات التي يقوم أصحابها أو المسؤولون عنها بدفع مبالغ مالية تمر في غضون ساعات، وهناك تلاعب في الجمارك التي يتم تحصيلها من خلال هذا المنطلق"، موضحا أن بعض التجار يدفعون آلاف الدولارات من أجل تسجيل بضائع بقيمة أقل، وبذلك تقل قيمة الجمارك المستحقة عليها.
وقبل أيام، كشف هيثم الجبوري، عضو اللجنة المالية في البرلمان، في بيان له، عن أن "أموال الجباية (الضرائب) التي تصل إلى نحو 6.5 مليارات دولار لا يدخل منها إلا نحو 660 مليون دولار لموازنة العراق، والباقي يذهب للفاسدين"، مؤكدا أن العراق يخسر في كل ثانية نحو 300 دولار، بسبب الفساد والروتين المتبع في المنافذ الحدودية.
وأقدمت لجنة النزاهة في البرلمان الحالي، في يناير/كانون الثاني الماضي، على فتح ملفات الفساد في العقود والصفقات، وكذلك تفاصيل العمولات التي تفرضها الأحزاب والمليشيات على الشركات والمقاولين في محافظتي البصرة وبغداد، والتي أثرت على المشاريع وكانت من المسببات المؤججة للتظاهرات التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية.
ووفقاً لتقديرات أصدرتها اللجنة المالية في البرلمان مؤخراً، فإن حجم خسائر العراق من جراء الفساد في السنوات الاثنتي عشرة الماضية بلغ نحو 450 مليار دولار، من بينها 360 مليار دولار خلال فترة حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية (2006 ـ 2014).
يقول سعدون البصري، المحلل الاقتصادي العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "على الحكومة ضبط المنافذ الحدودية وتغيير إجراءاتها، للحد من الفساد المستشري في الموانئ، وسيطرة أحزاب وجهات مسلحة متنفذة على هذه المنافذ، التي لا تقل أهميتها عن مبيعات النفط ووارداته".
ويضيف البصري أن "إحدى حلقات الفساد هي تأخير تسليم البضائع إلى التجار، الأمر الذي يعني بقاء السلع لأشهر في الميناء، ما يتسبب في خسارة للتاجر، ويؤثر على تاريخ الإنتاج، وفساد البضاعة المستوردة".