وكانت حادثة اختطاف المواطن الفرنسي، الفرنس غوردال، في سبتمبر/أيلول 2014، على يد جماعة تطلق على نفسها "جند الخلافة في أرض الجزائر"، موالية لتنظيم "داعش"، في محافظة تيزي وزو (شرق)، قبل إعدامه لاحقاً، قد أضافت المزيد من المتاعب لقطاع السياحة المتعثر أصلا في البلاد.
وفي هذا الصدد، قال مصدر أمني جزائري، طلب عدم ذكر اسمه، إن 3 وزارات أقرت ما اعتبره المخطط الأمني الأكثر تشدداً، لتأمين السياح الأجانب الذين يقصدون جنوب البلاد خلال الفترة الحالية في إطار سياسة دعم السياحة.
ويتضمن المخطط، بحسب المصدر نفسه، وضع قوات تتكون من 10 آلاف عسكري ورجل أمن، تحت تصرف 5 من مسؤولي المحافظات الجنوبية.
ووفق المصدر ذاته، فالوزارات الثلاث (الدفاع، والسياحة، والداخلية)، تعمل على تنفيذ مخطط أمني مشدد لحماية الأفواج السياحية، التي يتوقع أن تزور الجنوب الجزائري في موسم السياحة الذي يبدأ قريبًا، ويتزامن مع أعياد رأس السنة الميلادية الجديدة 2016.
وأضاف أن المخطط الأمني، الذي تقرر تنفيذه، "يعد الأكثر تشدداً في تاريخ حماية السياحة في الجزائر".
وبيّن أن وزارة الدفاع خصصت، بالتعاون مع قيادة الدرك الوطني، 10 آلاف عسكري ورجل أمن، لتأمين السياح الأجانب في موسم السياحة الصحراوية الذي يبدأ عادة الشهر الجاري.
ووُضعت القوات تحت تصرف محافظي 5 محافظات (ورقلة، وتمنراست، واليزي، وأدرار، وبشار)، في إطار المخطط الأمني الذي صادق عليه رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، وفق المصدر الأمني.
من جهته، قال عنواد محمد الأمين، مدير فرع وكالة السياحة "توس ترافل": "أبلغتنا وزارة السياحة أنها تلقت ضمانات أمنية على أعلى مستوى من أجل توفير الحد الأقصى من الحماية للسياح".
وأضاف: "لقد قال لنا وزير السياحة، عمر غول، في اجتماع قبل أيام، إن السلطات ستوفر الحد الأقصى من الحماية للسياح، حتى لو تطلب الأمر توفير حارس شخصي لكل سائح".
من جانبه، أوضح مسعدي علي، مُسيّر الوكالة السياحية الجزائرية "صحراء بيتش" أن السلطات ترغب في إعادة البلاد إلى المنافسة الدولية السياحية، "مع ضمان عدم تعرض السياح لأي تهديد".
وبحسب خطار عبدالباقي، مدير الوكالة السياحية "نجمي تور"، فإن أكثر من 5 آلاف سائح أجنبي قضوا عطلة رأس السنة في يناير/كانون الثاني الماضي، في مدينة تمنراست، جنوب الجزائر.
وقال عبدالباقي إن "الوكالات السياحية في الجنوب الجزائري تخطط لمضاعفة هذا الرقم، من أجل الوصول إلى 40 أو 50 ألف سائح في المنتجعات الصحراوية مستقبلاً".
وكانت وزارة السياحة الجزائرية قالت، في كُتيب وزعته على المتعاملين من شركات سياحية وشركات طيران، في مارس/آذار الماضي، إن "15 ألف سائح أجنبي زاروا الصحراء الجزائرية في الفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ومارس/آذار 2015"، معتبرة هذا العدد "غير كافٍ".
اقرأ أيضا: 10 مليارات دولار العجز التجاري الجزائري في 9 أشهر
وفي آخر تقرير لها، قالت المنظمة العالمية للسياحة، إن الجزائر استقطبت عام 2013 قرابة 2.7 مليون سائح أجنبي، من دون تقديم تفاصيل حول نسبة السياح الذين يقصدون البلاد خلال هذه الفترة فقط.
وفي هذا السياق، قال منيري بوجمعة، أستاذ الاقتصاد في جامعة "وهران" (غرب الجزائر) إن "القطاع السياحي في الجزائر يعاني من تبعات التدهور الأمني الذي عانت منه البلاد منذ عام 1992، تاريخ بداية النزاع المسلح بين الإسلاميين والجيش".
وأضاف: "السلطات الجزائرية تحتاج إلى مخطط عمل طويل الأمد يتضمن تحسين الخدمات السياحية من جهة، وضمان أمن السياح الأجانب من جهة أخرى".
وكان رئيس الوزراء الجزائري قال، في تصريحات صحافية خلال زيارته محافظة ورقلة (800 كيلومتر جنوب شرق العاصمة الجزائرية، في مايو/آيار الماضي، إن الحكومة مصممة على إعادة الصحراء الجزائرية إلى سابق عهدها كوجهة سياحية هامة في البلاد.
وخلال زيارته محافظة غرداية (600 كيلومتر جنوب العاصمة)، في سبتمبر/أيلول الماضي، قال وزير السياحة إن "الحكومة ستعمل على رفع قيمة الاستثمارات العمومية والخاصة في القطاع السياحي، من أجل تحسين الخدمة في الفنادق الموجودة في الصحراء".
وأشار إلى أن "الدولة قررت توفير أقصى درجات الحماية للسياح الأجانب الراغبين في زيارة الصحراء".
ويعد الجنوب الجزائري الأكثر استقطابًا للسياح الأجانب والمحليين خلال احتفالات رأس السنة؛ نظرًا لطابعه المناخي المناسب، وتوفره على مقومات سياحية هامة مثل جبال هقار، والتاسيلي (مكان في شكل حظيرة بها آثار قديمة ونقوش صخرية) في أقصى الجنوب الشرقي.
كما تشهد مناطق صحراوية في جنوب الجزائر، خلال هذه الفترة وحتى فصل الربيع، موسم صيد طائر "الحبار" باستخدام الصقور الجارحة، التي تستهوي نسبة هامة من السياح، خاصة العرب.
ويُقبل العديد من هواة القنص، خصوصاً من دول الخليج، على صيد هذا الطائر، لاعتبارات عدة، أهمها كونه رمزاً من رموز صحاري الجزيرة العربية، وهو الطريدة الأولى والتراثية لمربي الصقور.
وتقع محافظات الجنوب الجزائري على حدود دول تشهد تردياً للوضع الأمني، مثل مالي (جنوباً)، وليبيا (شرقاً).
وباستثناء حادثة الهجوم على قاعدة للغاز بمنطقة عين أمناس، جنوب شرق، مطلع عام 2013، من قبل مجموعة محسوبة على القاعدة، فإن الجنوب الجزائري عرف استقراراً أمنياً خلال السنوات الأخيرة.