كان حضوره في مجلس النواب المغربي، حدثا استثنائيا في تلك المؤسسة، فهو يرأس أهم شركة لإنتاج الفوسفات والأسمدة في العام. لقد جاء من أجل تقديم حصيلة السنوات التي قضاها على رأس تلك المؤسسة التي تسهر على تدبير تلك الثروة المكتشفة في المملكة منذ حوالي مائة عام.
لم يتوان مصطفى التراب، الرئيس التنفيذي للمجمع الشريف للفوسفات في المغرب، منذ توليه قبل أكثر من 12 عاما أمر تلك الشركة، عن ترجمة ما سبق أن عبر عنه حين قال: "كل شيء يتغير إلا الرؤية".
تلك الرؤية التي تقوم على تأمين مخزون جيد وتقليص التكاليف وتثمين الفوسفات، ما يعني التوجه أكثر نحو التحويل وخلق شراكات مع فاعلين كبار في السوق العالمي.
وسعى التراب على مدى السنوات الأخيرة إلى توسيع حضور المغرب في سوق الأسمدة، ليس فقط عبر التصدير، خاصة إلى البلدان الأفريقية، بل من خلال فتح منصات للإنتاج، مع السعي إلى توفير أسمدة تستجيب لطبيعة التربة، بما يساعد على رفع الإنتاجية، خصوصاً في ظل الدور الحاسم للفوسفات ومشتقاته في توفير الغذاء لسكان العالم الذي ينتظر أن ينتقل عددهم من 7 إلى 9 مليارات نسمة في أفق 2050.
يراد من الخطة الثانية جذب حوالي 50 في المائة من الطلب العالمي بشكل إضافي، بعدما ساهمت الأولى في رفع قدرات الإنتاج عبر توفير وحدات جديدة للأسمدة وأنبوب لنقل الفوسفات من موقع خريبكة إلى المركب الكيميائي الجرف الأصفر الذي يعتبر أهم منصة للأسمدة في العالم.
في حديثه إلى أعضاء اللجنة، أوضح مصطفى التراب أن حصة المغرب في سوق الأسمدة العالمي انتقلت من 9 إلى 22 في المائة. وقد أضحى أول منتج للأسمدة في العالم بإنتاج يصل إلى 12 مليون طن. ذلك إنتاج، يتوقع التراب أن يصل إلى 15 مليون طن في ظرف عام ونصف، ما سيكرس ريادة المملكة في السوق.
وحسب التراب فإن المغرب يتجه نحو تقليص حصة الأسمدة التقليدية بسبب ضررها على الصحة والبيئة، ويتجه أكثر نحو توفير أسمدة تستجيب لطبيعة التربة والنباتات، فهو ينتج اليوم أربعين نوعا منها، مقابل ثلاثة أنواع فقط 2005.
كانت تلك السنة مفصلية في تاريخ المجمع الشريف للفوسفات، فقد عين التراب على رأسه من قبل العاهل المغربي محمد السادس، وتم استقطابه بعدما كان مسؤولا بالبنك الدولي، الذي التحق به بعدما تولى أمر الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمملكة، والتي ساهمت في عهده في فتح سوق الاتصالات فيها.
وبلغ رقم معاملات المجمع الشريف للفوسفات قبل 2005، أقل من ملياري دولار، بينما كان يتراوح في الأعوام الأخيرة بين 5 و6 مليارات دولار. ذلك رقم تحقق بفضل تحويل المعدن الخام إلى أسمدة، إذ إنه من دون البرنامج الاستثماري والتحويل، ما كان لرقم المعاملات أن يتعدى 3.3 مليارات دولار في الوقت الحالي.
وفي الوقت الذي تشتكي شركات محلية من عدم استفادتها من الصفقات العمومية التي تطلقها شركات عمومية، يؤكد التراب أن استثمارات الشركة أتاحت التعامل مع 400 شركة محلية، ما وفر 8400 فرصة عمل في تلك الشركات والمكتب الشريف.
وشدّد على أن الشركة تحول إلى موازنة الدولة المالكة لها حوالي 500 مليون دولار سنويا برسم حصتها في الأرباح التي لم تتأثر بانخفاض أسعار الأسمدة، بعدما لم تكن الدولة تحصل على أرباح قبل عشر سنوات.
وأخيرا يرى التراب أن حجم ديون الشركة التي تصل إلى حوالي 6.1 مليارات دولار، يجب النظر في علاقته بحجم الاستثمارات المهمة التي تنجزها المؤسسة.