أجلت محكمة جنايات الجيزة المصرية، اليوم الثلاثاء، برئاسة المستشار معتز خفاجي، أولى جلسات إعادة محاكمة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، ومتهمين آخرين من قيادات وزارة الداخلية، على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على أموال ميزانية وزارة الداخلية، إلى جلسة 3 يوليو/ تموز المقبل للاطلاع.
وواجهت المحكمة في بداية جلسة اليوم المتهمين، بما جاء في أمر الإحالة من اتهامات بحقهم، وأنكروها جميعا، فيما طلب المستشار أشرف مختار ممثل الدولة ووزارة الداخلية، من جميع المتهمين بمبلغ مالي على سبيل التعويض المدني المؤقت قدره 101 ألف جنيه.
وتمسك بالادعاء المدني السابق بكامل إجراءاته ومشتملاته، وطلب الاطلاع على ملف حكم محكمة النقض الذي ألغى حكم أول درجة.
كانت محكمة النقض قضت، في 11 يناير/كانون الثاني 2018، بقبول الطعن المقدم من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ومتهمين اثنين آخرين من قيادات وزارة الداخلية، على الحكم الصادر ضدهم بالسجن 7 سنوات، ومن بقية المتهمين في القضية من قيادات وزارة الداخلية العاملين في الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية، على الحكم الصادر بسجنهم من 7 إلى 3 سنوات، على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على أموال ميزانية وزارة الداخلية.
وقررت المحكمة إلغاء الأحكام الصادة من محكمة أول درجة، وإعادة المحاكمة من جديد أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت حكم أول درجة.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، قضت، في وقت سابق، بالسجن المشدد 7 سنوات على وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، وعلى متهمين اثنين آخرين من قيادات وزارة الداخلية، كما قضت بالسجن من 7 إلى 3 سنوات على بقية المتهمين من قيادات وزارة الداخلية العاملين في الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية، وانقضاء الدعوى عن متهمين اثنين لوفاتهما، على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على أموال ميزانية وزارة الداخلية.
وقال القاضي المستشار حسن فريد، رئيس المحكمة التي تنظر القضية، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بطرة في حلوان بجنوب القاهرة، قبل الحكم، إن المتهمين تحالفوا مع الشيطان الذي زيّن لهم جمع المال الحرام، مشيرا إلى أن هذا المال يعود على أبنائهم بالخراب، لأن المال هو مال عام ملك الدولة ومن قوت الشعب.
وأضاف القاضي قائلا: "لقد عُرضت القضية على لجنة من كبار الخبراء، وثبت أن المتهمين ارتكبوا الجرائم المنسوبة إليهم بأمر الإحالة".
ليصدر حكمه الذي جاء بالسجن المشدد 7 سنوات على "حبيب إبراهيم العادلي، ونبيل سليمان، وأحمد عبدالنبي"، وإلزامهم برد مبلغ 195 مليونا و936 ألف جنيه، وتغريمهم مبلغا مماثلا.
كما قضت أيضا بالسجن المشدد 5 سنوات على "محمد أحمد الدسوقي، وبكر عبد المحسن صلاح، وعبد القادر فؤاد، ومحمد كمال، وعادل فتحي، ومحمد ضياء عبد اللطيف"، وقضت بالسجن لمدة 3 سنوات على المتهمتين "نوال حلمي وعلا كمال"، فيما قضت بانقضاء الدعوى الجنائية لكل من المتهمين "جمال جمال عطالله" و"سمير عبد القادر" نظرا لوفاتهما.
وألزمت المحكوم عليهم الأول والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني والثالث عشر، برد مبلغ 529 مليونا، وتغريمهم مبلغا مماثلا، مع عزل جميع المتهمين من وظائفهم، وتغريم المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، برد آخر وهو 62 مليون جنيه، وتغريمهم مبلغا مماثلا.
وقام أهالي المتهمين بإلقاء المياه على الحضور وعلى هيئة المحكمة عقب صدور الحكم، وتدخلت قوات الأمن لمنعهم، فيما تغيّب المتهم الأول حبيب العادلي، عن حضور جلسة الحكم، كونه مخلى سبيله.
واستمر انعقاد جلسات المحاكمة- أول درجة- التي تضم 13 متهما، على مدار 15 جلسة، تختتم بجلسة اليوم المحددة للنطق بالحكم، وهي الجلسة رقم 16 من عمر جلسات المحاكمة، والتي استمعت فيها المحكمة إلى مرافعات الدفاع والنيابة العامة، وشهود الإثبات والنفي.
واستمعت المحكمة في الجلسات الماضية، إلى مرافعة الدفاع المدعي بالحق المدني، حيث استمعت إلى مرافعة المستشار أشرف مختار، ممثل الدولة من هيئة قضايا الدولة، والذي أصرّ على الادعاء المدني ضد "العادلي" وبقية المتهمين، لتوافر أركان الجرائم قبل المتهمين في حق الدولة.
كما طلبت المحكمة من النيابة العامة، تقديم ما يفيد رسمياً وفاة المتهمين الرابع والسادس، مع استمرار التدابير الاحترازية، على بقية المتهمين، كونهم مخلى سبيلهم على ذمة القضية.
واستمعت أيضا المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة، حيث قال ممثل النيابة في مستهل مرافعته إنه شرف للنيابة العامة الحضور عن المجتمع في مثل هذه القضايا. أما عن صميم الموضوع فقالت النيابة إن المتهم الأول وزير الداخلية الأسبق "العادلي" المنوط به حفظ الأمن ونصرة المظلوم وإعطاء الحقوق، انتهك حرمة القانون وأباح لنفسه أن يشبع رغباته، ولم يراعِ حرمة المال العام، بدلا من أن يكون الحافظ الآمن له، وخان الأمانة.
وأضاف ممثل النيابة أن "العادلي" أشاع الفساد واستحل ما حرمه الله ونال من كرامة الشرطة وشرفها، وأنه خالف القسم الذي أقسمه بحفظ النظام ورعاية مصالح الشعب.
واستمعت المحكمة في الجلسات الماضية أيضا، إلى أقوال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق، جودت الملط، والذي قال إنه لا يجوز صرف أموال وزارة الداخلية، من دون وجود مستندات، مشيرًا إلى أن المخالفات التي اكتشفت في ميزانية وزارة الداخلية متعلقة بالإيرادات والمصروفات.
وأضاف أنه لم يسمع من قبل عن وجود بند داخل الوزارة، تحت مسمى "احتياطي مواجهة أهداف أمنية"، والتي تم من خلاله الاستيلاء على الأموال محل الاتهام في القضية.
وبسؤال وجهه له ممثل النيابة، حول إذا ما كان بإمكان الجهاز المركزي للمحاسبات، كونه جهة رقابية، اكتشاف صرف مبالغ مالية تحت ذات البند، رد قائلًا إن ذلك الأمر من اختصاص القطاعات المختصة في وزارة الداخلية، وليست من اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات، وإن الفحص يتم عن طريق العينة وليس بالفحص الشامل، وفقًا للمادة التاسعة من قانون الجهاز.
واستمعت المحكمة إلى أقوال اللواء جهاد يوسف عز الدين، مساعد أول وزير الداخلية للشؤون المالية السابق، وحاليا بالمعاش، والذي قال "طبيعة عملي في القطاع المالي بوزارة الداخلية، وأنا الوزير فوّضني في كافة الاختصاصات في إدارة لجنة المشتريات بالوزارة والإدارة المركزية للمحاسبات".
وأكد الشاهد أنه لا يجوز لأي أحد نقل أي باب في الموازنة محل الآخر، شارحاً أن الموازنة عبارة عن أبواب، كل باب خاص بصرف بند معين مثل بند المرتبات والمشتريات وهكذا.
وأفاد الشاهد بأن الوزير غير مختص بتلك الفنيات، مؤكداً أنه لم يسمع من قبل عن بند صرف تحت مسمى بند احتياطي مواجهة أهداف أمنية، وهو البند المقدم به المتهمون للمحاكمة.
وكانت لجنة الخبراء المكلفة بفحص أوراق القضية وضعت تقريرها في إحدى الجلسات الماضية، بعد أن اعتذرت عن وضع التقرير لعدد 5 جلسات متتالية سابقة، وتسبب ذلك في تأجيل القضية على مدار الجلسات الخمس، لعدم ورود تقرير اللجنة.
وهي اللجنة المشكلة من 11 عضوا، تضم نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وأربعة أعضاء من المحاسبة يتم تحديدهم بمعرفة المحكمة، وثلاثة خبراء من وزارة العدل بالقاهرة، وعضوا من هيئة الرقابة الإدارية، وعضوا من وزارة المالية، وأقدم المحاسبين بوزارة الداخلية.
ووضعت اللجنة تقريرها الخاص بإعادة فحص أوراق ومستندات القضية، بناء على طلب دفاع المتهمين، وذلك لبيان ما إذا كانت هناك مخالفات من عدمه، وبيان المبالغ التي حصل عليها كل متهم، بعد أن صرحت المحكمة للجنة بالانتقال لأي جهة، سواء حكومية أو غير حكومية، لتسهيل مهمتها، إلا أن التقرير جاء ليدينهم.
وكان قاضي التحقيق في القضية أحال المتهمين إلى المحاكمة، على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على نحو 3 مليارات جنيه من أموال ميزانية وزارة الداخلية، خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2011، من خلال تزوير مستندات رسمية وصرف بدلات تحت مسميات وهمية، في القضية الشهيرة إعلاميا باسم "قضية الفساد الكبرى بوزارة الداخلية".