أعلنت القنصلية السعودية في إسطنبول مغادرة تسعة من رعاياها المصابين في إطلاق النار داخل المطعم والملهى الليلي "رينا"، المستشفيات، في حين لا زال أربعة يتلقون العلاج، وهم في حال جيدة، وإصاباتهم ليست خطرة، فيما أكدت الخارجية السعودية نقل جميع جثامين الضحايا إلى السعودية.
ورغم مرور قرابة الأسبوع على اعتداء إسطنبول الذي راح ضحيته 36 شخصا وأصيب آخرون، بينهم سعوديون، إلا أن الجرح الذي تركه الحادث لم يندمل، خاصة بعد أن تحول الضحايا إلى متهمين في نظر كثيرين، كون مكان وقوع الهجوم هو مكان يضم مطاعم بجوار ملهى ليلي، الأمر الذي دفع عددا من أهالي الضحايا للجوء إلى القضاء لمعاقبة من أساء للضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفق نظام الجرائم المعلوماتية.
ويؤكد المحامي السعودي أحمد الراشد، أن هناك دعوى قضائية تم تحريكها بالفعل تجاه عدد من المغردين المعروفين، بتهم بينها التشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول لـ"العربي الجديد": "تدخل تلك الممارسات ضمن قضايا الجرائم المعلوماتية، ويعاقب القانون السعودي مرتكبيها بالسجن مدة قد تصل إلى ثلاثة أعوام، وغرامات مالية تقدر بـ500 ألف ريال كحد أقصى، كما أن حالات القذف والسب والشتم تتضمن عقوبات تعزيرية تخضع لتقدير القاضي، وتصل إلى الجلد 80 جلدة وقد يزيد القاضي فيها".
ويقول المحامي عبد الله الرجيب، لـ"العربي الجديد"، إن "التعرض للمتوفين في حادثة إسطنبول بالشتم والقذف يعد من جرائم تشويه السمعة، وتشملها أكثر من عقوبة، وهي تدخل ضمن جرائم المعلوماتية، التي لها عقوبات سجن وغرامات مالية، وتعتبر من الحق الخاص".
ولم تقتصر الانتقادات على الضحايا فقط، بل طاولت أيضا وزارة الخارجية، حيث اتهمها ناشطون بأنها قصرت في التحذير من السفر إلى تركيا التي تشهد عمليات إرهابية، كما اتهمت السفارة بالتقصير مع الضحايا، وهو ما أكد عليه الناجي السعودي من الهجوم، حسن خاشقجي، في سلسلة تغريدات نشرها مساء أمس الأربعاء، على حسابه على "تويتر".
وشدد خاشقجي على أن السفارة السعودية كانت آخر من تواصل مع رعاياها بعد أن وصل أولا مندوب السفارة القطرية ثم الكويتية ثم البحرينية، ولم يصل مندوب السفارة السعودية إلا بعد سبع ساعات، وكانت آثار النوم بادية عليه وقال لهم بكل برود: "غلطتكم لماذا تذهبون إلى أماكن مشبوهة؟ لماذا تذهبون لملهى ليلي؟".
Twitter Post
|
Twitter Post
|
وأصدر مدير الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية، أسامة نقلي، بيانا، مساء أمس الأربعاء، أكد فيه أنه "إذا ما ثبت وجود أي قصور، فإنه يتم التعامل معه بكل جدية ومسؤولية، وفق أنظمة وقوانين الدولة"، لافتا إلى أن القنصلية تلقت أكثر من 700 اتصال يوم الحادث من عدد من أسر الضحايا والمصابين، بالإضافة لاتصالات المواطنين المتواجدين في إسطنبول.
ولم تشفع القصص الإنسانية التي توالت بعد الحادث في التقليل من الانتقادات التي طاولت الضحايا، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف الكتابات التي ركز أصحابها على أن الضحايا كانوا يحتفلون برأس السنة الميلادية، وأن هذا سبب كاف لعدم الترحم عليهم، وهو ما نفته الإعلامية منى النصر التي كانت واحدة من شهود العيان، والتي أكدت أن المكان الذي وقع فيه الحادث كان مطعما فاخرا على مضيق البوسفور، ولم يكن مرقصا، وقالت: "كنت في مطعم مجاور، ولم يكن مكانا سيئا، بل هو مثل كل المطاعم الفاخرة في العالم، تقدم الكحول، وتحتفل برأس السنة"، مضيفة: "إسطنبول كلها كانت تحتفل".
وكتبت الناشطة غادة الغنيم، وهي صديقه مقربة للضحية لبنى غزنوي، أن "ما حصل أمر مؤسف، فالتعليقات كانت مخزية، ومقززة، وكان على من أطلقها احترام مشاعر ذوي الضحايا".
Twitter Post
|
وتكرر الأمر مع القانونية شهد سمان، التي كانت واحدة من الضحايا، والتي لم تسلم من الشتائم، رغم أنها كانت في إسطنبول لحضور جلسة محاكمة رجل أعمال سعودي، برفقه خالها المحامي غسان عنبر وعائلته.
ولم يرحم المنتقدون نسرين أبو زنادة، التي فقدت ابنيها التوأم محمد وأحمد سعود الفضل، لدرجة أنها فقدت القدرة على النطق بعد الحادث، يقول شقيق الضحيتين عمرو الفضل: "تعرضت والدتي لصدمة عنيفة عجزت بعدها عن النطق، ولكن حالتها تحسنت لاحقا وبدأت تتكلم".