يخيم الموت، لليوم التاسع على التوالي، على النازحين من مدينة تلعفر غرب الموصل الفارين من المعارك والقصف نحو مناطق صحراوية وجبلية مع عوائلهم، لنقص الطعام والماء والخيم، خصوصاً مع تحويل الدعم الحكومي إلى الحج على حساب برنامج مساعدة وإغاثة النازحين.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لنازحي تلعفر أظهرتهم نائمين في العراء مع أطفالهم، فيما تكدس آخرون في إحدى الخيام في مخيم حمام العليل لعدم وجود ما يكفي من المخيمات لإيواء النازحين الجدد.
ووجه الناشطون نداء إنسانياً إلى المنظمات الدولية لإغاثة نازحي تلعفر، وتساءل الناشط المدني أحمد العريفي "أين الحكومة ووزارة الهجرة والمهجرين؟"، لكنه استدرك قائلاً "نسينا أن الحكومة كلها في مكة للحج تاركين خلفهم آلاف المشردين ومدناً مدمرة بالكامل".
وقال عضو منظمة نينوى الخيرية، فلاح طالب، لـ"العربي الجديد":"نأمل توفير باصات للوصول إلى مناطق تواجد تلك الأسر التي فرت أول أيام القتال، وانقطعت بها السبل في مناطق صحراوية لا حياة فيها"، مبينا أن هناك صعوبة بالوصول إليهم بسبب وقوعها في مناطق ألغام واشتباكات، وحده الجيش له القدرة على ذلك. لذلك ننسق معه بشأن المهمة".
وأوضح أن آخر اتصال كان معهم قبل يومين، مؤكداً وفاة طفلين بسبب الجوع والحر ونقص الدواء بين الفارين، وأن نساء على وشك الهلاك.
وفي هذا الوقت تلتزم الحكومة العراقية الصمت أمام موجات النزوح من مدينة تلعفر، التي خرجت مؤخراً من معركة، وعمليات قصف جوي وبري مكثفة، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين بينهم نساء وأطفال وآلاف النازحين والمشردين.
وقال المتحدث باسم مجلس محافظة نينوى، أحمد الحمداني، إن "الحكومة في بغداد لم توفر خطة واضحة للتعامل مع النازحين، والنتيجة هي ما نراه اليوم". وأضاف "لو توفر نقلهم إلى معسكرات النازحين، فلا توجد خيام كافية لإيوائهم".
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "النازحين يتواجدون على بعد 30 كلم من تلعفر، ولا نعلم إن كان هناك آخرون غيرهم في مناطق أخرى".
وقال متطوعون في فرق الإغاثة الإنسانية بمخيمات شرقي الموصل: "نازحو تلعفر يواجهون كارثة إنسانية لغياب أي دعم حكومي".
وقال المتطوع مزاحم الشمري:" فرق الإغاثة تواجه صعوبات بالغة بسبب النقص الشديد في المخيمات وأماكن الإيواء، فضلاً عن نقص شديد في الغذاء والدواء ومياه الشرب أمام موجات كبيرة من النازحين".
وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "الاعتماد الحالي على مساعدات يقدمها رجال أعمال وجمعيات وميسورون وليس الحكومة"، كاشفاً عن سفر مسؤول وحدة العمليات الإغاثية للحج، وترك مأساة النازحين في العراء يواجهون الموت.
وسبق للحكومة مع انطلاق أي معركة جديدة على إحدى المدن، أن أعلنت عن تخصيص ممرات آمنة للمدنيين الفارين منها، وأماكن للإيواء، لكن شيئاً من ذلك لم تفعله منذ معارك الفلوجة والرمادي وبيجي وتكريت وديالى وجرف الصخر والموصل وأخيراً تلعفر.
وتأتي هذه الموجة تزامنا مع إعلان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، نهاية الأسبوع الماضي عن تحرير مدينة تلعفر غرب الموصل بالكامل بعد ثمانية أيام من القتال.