أطلقت منظمات غير حكومية وناشطون تحذيرات من أنّ اكتظاظ السجون التونسية يهدد بتحويل المؤسسات السجنية من مراكز للتأهيل إلى أماكن لتغذية الجريمة
عاد ملف اكتظاظ السجون التونسية بقوة إلى الواجهة، مع استعداد السلطات لطرح قانون تعديل المجلة الجزائية التي تضبط الجرائم والعقوبات لتصبح ملائمة لدستور الثورة. وبالرغم من أنّ ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل والإصلاح في السجون تحسنت نسبياً بعد الثورة، كما تقلص حجم الانتهاكات والتعذيب والتجاوزات مقارنة بفترة ما قبل 2011، فالسجون لم تبلغ بعد مستوى المعايير الدولية.
اقــرأ أيضاً
يعتبر عاملا الاكتظاظ وضعف المتابعة وقلة عدد الكوادر المتخصصة، أكبر عوائق تطوير السجون وتحسينها، إلى جانب النصوص التشريعية المتجهة نحو تسليط عقوبات سالبة للحرية، في وقت وجب التفكير فيه في الإصلاح وإعادة الدمج في المجتمع، من خلال فرض عقوبات بديلة عن السجن، بحسب خبراء حقوق الإنسان.
في تونس سجون ذائعة الصيت اختزلت في عدد من الروايات والسير حول انتهاكات وتعذيب جرت داخلها، حتى باتت مضرب المثل في البلاد، إذ يشبهها المواطنون بالمنافي ومقابر الأحياء، على غرار سجن "الهوارب" في القيروان، و"حربوب" في مدنين، و"رجيم معتوق" في قبلي، و"صواف" و"الناظور" في زغوان، و"برج الرومي" في بنزرت.
ويبلغ عدد المؤسسات السجنية في البلاد 34 مؤسسة، منها 6 مراكز لإيواء ودمج الأطفال الجانحين، لها طاقة استيعاب إجمالية لا تتجاوز 18 ألف سرير، فيما شرعت السلطات في تشييد 6 سجون جديدة، بحسب وزير العدل كريم الجموسي، أمام البرلمان. وكشف الجموسي أنّه سيتم بناء سجن "بلي" بمنطقة بوعرقوب في محافظة نابل، بطاقة استيعاب تصل إلى 1000 سجين، وسجن في محافظة باجة سيستوعب 1000 سجين أيضاً، وسجن آخر في برج الرومي بمحافظة بنزرت، بطاقة استيعاب تقدّر كذلك بـ1000 سجين، وسجن في محافظة قابس، وسجن في أوذنة، وصفه الوزير بأنّه سجن عالي التأمين تقدّر طاقة استيعابه بـ160 سجيناً فقط.
يعتبر مراقبون أنّ مقاربة الدولة من خلال تشييدها لسجون جديدة من جهة، تهدف إلى التقليص من الاكتظاظ في السجون، إلى جانب توفير إقامة سجنية ملائمة للمعايير الدولية. لكنّ المراقبين يعرّون من جهة أخرى اتجاه السلطات نحو مواصلة مسار تكريس العقوبات السالبة للحرية، عوضاً عن العقوبات البديلة والقائمة على الإصلاح المجتمعي. وتسجل السجون اكتظاظاً لافتاً، ما تسبب في غياب التأهيل الاجتماعي بسبب محدودية الموارد البشرية والمتخصصين، مقارنة بارتفاع عدد النزلاء واختلاطهم، بالرغم من خطورة الخلط بين سجناء الحق العام، والجرائم المنظمة، والجرائم الإرهابية وغيرها.
ساهمت هذه العوامل، بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان، في تحويل السجون إلى حاضنة لتفريخ مجرمين، وحتى إرهابيين، بسبب الاحتكاك والاختلاط وتبادل الأفكار والتجارب في ما بينهم. ويقول رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب، فتحي الجراي، إنّ السجون تجاوزت طاقة استيعابها بمرة ونصف أحياناً، وهو ما يخالف المعايير الدولية وأهداف الإصلاح والتأهيل وإعادة الدمج في المجتمع. ويلفت الجراي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ عدد السجناء يبلغ نحو 23 ألفاً، من بينهم 12 ألف موقوف لم يحاكموا، بالرغم من تجاوزهم المدة القانونية للتوقيف. يتابع أنّ الهيئة التي يرأسها سجلت في تقاريرها انتهاكات تُرتكب في مراكز التوقيف وفي السجون، وقد زارت السجون مراراً، ورفعت تقاريرها إلى رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، الباجي قايد السبسي، ومحمد الناصر، ويوسف الشاهد، مشيراً إلى أنّه بالرغم من تحسّن الأوضاع بعد الثورة، والمصادقة على الدستور، فالسجون غير مطابقة للمعايير الدولية. يتابع أنّ العقوبة السالبة للحرية تنفذ في ظل نظام إصلاحي يقوم على تهيئة السجين وتأهيله وإعادة دمجه في المجتمع، في ظروف تصان فيها حرمته الجسدية والمعنوية، في إطار احترام المواثيق الدولية.
اقــرأ أيضاً
من جانب آخر، يؤكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح، سفيان مزغيش، في تصريح صحافي، أنّه سيجري إدخال مرافق وتحسينات جديدة، بهدف توفير فضاءات تتوافق مع المعايير الدولية. ويشير إلى أنّه سيجري، خلال سنة 2020، تجهيز سجون جديدة، منها سجن "بلي" الذي سيكون جاهزاً في سبتمبر/أيلول 2020. ويلفت مزغيش إلى أنّ نسبة الاكتظاظ مرتفعة في السجون، خصوصاً في مراكز التوقيف، فالمساحة المخصصة لكلّ سجين تبلغ 2.9 متر مربع، في حين أنّ المساحة المعتمدة وفق المعايير الدولية يجب ألا تقل عن 4 أمتار، مشيراً إلى أنّ العدد الإجمالي للسجناء بلغ 22.663 سجيناً، وإن كانت قدرتها الاستيعابية الحقيقية لا تتجاوز 17.762 سجيناً.
عاد ملف اكتظاظ السجون التونسية بقوة إلى الواجهة، مع استعداد السلطات لطرح قانون تعديل المجلة الجزائية التي تضبط الجرائم والعقوبات لتصبح ملائمة لدستور الثورة. وبالرغم من أنّ ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل والإصلاح في السجون تحسنت نسبياً بعد الثورة، كما تقلص حجم الانتهاكات والتعذيب والتجاوزات مقارنة بفترة ما قبل 2011، فالسجون لم تبلغ بعد مستوى المعايير الدولية.
يعتبر عاملا الاكتظاظ وضعف المتابعة وقلة عدد الكوادر المتخصصة، أكبر عوائق تطوير السجون وتحسينها، إلى جانب النصوص التشريعية المتجهة نحو تسليط عقوبات سالبة للحرية، في وقت وجب التفكير فيه في الإصلاح وإعادة الدمج في المجتمع، من خلال فرض عقوبات بديلة عن السجن، بحسب خبراء حقوق الإنسان.
في تونس سجون ذائعة الصيت اختزلت في عدد من الروايات والسير حول انتهاكات وتعذيب جرت داخلها، حتى باتت مضرب المثل في البلاد، إذ يشبهها المواطنون بالمنافي ومقابر الأحياء، على غرار سجن "الهوارب" في القيروان، و"حربوب" في مدنين، و"رجيم معتوق" في قبلي، و"صواف" و"الناظور" في زغوان، و"برج الرومي" في بنزرت.
ويبلغ عدد المؤسسات السجنية في البلاد 34 مؤسسة، منها 6 مراكز لإيواء ودمج الأطفال الجانحين، لها طاقة استيعاب إجمالية لا تتجاوز 18 ألف سرير، فيما شرعت السلطات في تشييد 6 سجون جديدة، بحسب وزير العدل كريم الجموسي، أمام البرلمان. وكشف الجموسي أنّه سيتم بناء سجن "بلي" بمنطقة بوعرقوب في محافظة نابل، بطاقة استيعاب تصل إلى 1000 سجين، وسجن في محافظة باجة سيستوعب 1000 سجين أيضاً، وسجن آخر في برج الرومي بمحافظة بنزرت، بطاقة استيعاب تقدّر كذلك بـ1000 سجين، وسجن في محافظة قابس، وسجن في أوذنة، وصفه الوزير بأنّه سجن عالي التأمين تقدّر طاقة استيعابه بـ160 سجيناً فقط.
يعتبر مراقبون أنّ مقاربة الدولة من خلال تشييدها لسجون جديدة من جهة، تهدف إلى التقليص من الاكتظاظ في السجون، إلى جانب توفير إقامة سجنية ملائمة للمعايير الدولية. لكنّ المراقبين يعرّون من جهة أخرى اتجاه السلطات نحو مواصلة مسار تكريس العقوبات السالبة للحرية، عوضاً عن العقوبات البديلة والقائمة على الإصلاح المجتمعي. وتسجل السجون اكتظاظاً لافتاً، ما تسبب في غياب التأهيل الاجتماعي بسبب محدودية الموارد البشرية والمتخصصين، مقارنة بارتفاع عدد النزلاء واختلاطهم، بالرغم من خطورة الخلط بين سجناء الحق العام، والجرائم المنظمة، والجرائم الإرهابية وغيرها.
ساهمت هذه العوامل، بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان، في تحويل السجون إلى حاضنة لتفريخ مجرمين، وحتى إرهابيين، بسبب الاحتكاك والاختلاط وتبادل الأفكار والتجارب في ما بينهم. ويقول رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب، فتحي الجراي، إنّ السجون تجاوزت طاقة استيعابها بمرة ونصف أحياناً، وهو ما يخالف المعايير الدولية وأهداف الإصلاح والتأهيل وإعادة الدمج في المجتمع. ويلفت الجراي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ عدد السجناء يبلغ نحو 23 ألفاً، من بينهم 12 ألف موقوف لم يحاكموا، بالرغم من تجاوزهم المدة القانونية للتوقيف. يتابع أنّ الهيئة التي يرأسها سجلت في تقاريرها انتهاكات تُرتكب في مراكز التوقيف وفي السجون، وقد زارت السجون مراراً، ورفعت تقاريرها إلى رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، الباجي قايد السبسي، ومحمد الناصر، ويوسف الشاهد، مشيراً إلى أنّه بالرغم من تحسّن الأوضاع بعد الثورة، والمصادقة على الدستور، فالسجون غير مطابقة للمعايير الدولية. يتابع أنّ العقوبة السالبة للحرية تنفذ في ظل نظام إصلاحي يقوم على تهيئة السجين وتأهيله وإعادة دمجه في المجتمع، في ظروف تصان فيها حرمته الجسدية والمعنوية، في إطار احترام المواثيق الدولية.
من جانب آخر، يؤكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح، سفيان مزغيش، في تصريح صحافي، أنّه سيجري إدخال مرافق وتحسينات جديدة، بهدف توفير فضاءات تتوافق مع المعايير الدولية. ويشير إلى أنّه سيجري، خلال سنة 2020، تجهيز سجون جديدة، منها سجن "بلي" الذي سيكون جاهزاً في سبتمبر/أيلول 2020. ويلفت مزغيش إلى أنّ نسبة الاكتظاظ مرتفعة في السجون، خصوصاً في مراكز التوقيف، فالمساحة المخصصة لكلّ سجين تبلغ 2.9 متر مربع، في حين أنّ المساحة المعتمدة وفق المعايير الدولية يجب ألا تقل عن 4 أمتار، مشيراً إلى أنّ العدد الإجمالي للسجناء بلغ 22.663 سجيناً، وإن كانت قدرتها الاستيعابية الحقيقية لا تتجاوز 17.762 سجيناً.